ذهاب نحو الماضي تحديداً العام الفائت
_أختي الحقي جبت 220من280.
قالتها تلك المراهقة ذات الشعر الطويل والبشرة البيضاء نسبياً.
بينما نظرت لها فتاة تبدو أكبر منها بسبع سنوات.
والتي كانت تجلس على منضدة الطعام وتقطع بعض الطعام:
_طب الحمد لله
قالتها في هدوء.
بينما ركضت المراهقة وجلست بجانب أختها:
_متعرفيش انا تعبت في الترم دا قد ايه
تأملت الأخت ملامح أختها بهدوء تهتف بكل برود وكأن هذا الأمر لا يعنيها:
_كويس خير أن شاء الله.
أدركت الأخت ان هنالك أمراً ما... أختها لم تفرح بها مثلما توقعت أو تخيلت أثناء إحضارها لتلك الدرجات وقد احبطها هذا أكثر بكثير:
_مالك يا لبني حساكي مش فرحانه زيي يعني؟
تحدثت المدعوة لبني بهدوء ولم تترك هذا البرود الذي اجتاحها...تنظر أمامها على تلك الخضروات آلتي تقوم بتقطيعها:
_ عشان مش دي الدرجه اللي تفرح.
زمت الفتاة شفتيها بضيق تهتف بقلة حيلة وتعب يظهر بوضوح على ملامحها... من يراها يعلم كم عانت هذا العام لكن تلك الأخت لم تراها:
_بس انا عملت اللي عليا.
وفجأة ارتفعت نبرة صوت لبني تهتف بكل ما أوتي لها من حقد وغل يزداد بوجود أختها الصغرى معاها:
_مش كفاية يا يارا.. مش كفاية المجموع دا..انا لما كنت قدك تعرفي جبت كام؟ جبت 260 و مكنش عاجب أمك ولا ابوكي.. وكانوا عايزين أكثر.
وقفت يارا وعينيها تحيط بها نظرات الإحباط...هيا تعلم بأنها قامت بفعل كل ما عليها وتركت الباقي على الله... إذا لما لا يعجب هذا الأمر أحد؟...هتفت بقلة حيلة:
_أمك وابوكي ماتوا.. وأنتي عارفه اني تعبت بزياده السنه دي وعملت اللي عليا.. ليه بقي بتحبطيني بالشكل دا.. دي حتي تانيه ثانوي..صدقيني يا لبني انا مش حمل ضغط اكتر من إللي انا فيه.
استنكرت ملامح لبني ثم وقفت أمام اختها تعلوها نظرات الكره الدفين لتلك المدلله التي لا تعاني مثلما تعاني هيا لتهتف بكل حده:
_ وأنتي مضغوطه من ايه يا حبيبتى؟.. تكونيش مخلفة وشايله عيل وانا مش دريانه؟ ..ولا جوزك بيرجع في نصاص الليالي من غير ما تعرفي هو فين؟.. ولا تكوني أنتي الأخت الكبيرة المسؤوله عن أخ وأخت وعيله؟
ثم اقتربت منها بكل غل يوضح غيرتها الشديدة منها والتي حملتها منذ طفولتها...حين رأت أن الجميع يدللها هيا أكثر منهم بكثير:
_فين الضغط دا فهميني دانتي أصغر واحده فينا و مدلعينك و عايشه معايا انا وجوزي.. دا اخوكي حس علي دمه وكمل تعليمه في سكن وانتي لسه هنا.. لا شغله ولا مشغله كل اما أقولك حاجه تقوليلي عندي مذاكره.. عندي درس.. بذاكر..فين بقي الضغط والتعب؟
صرخت يارا بكل ألم بسبب كل ما يحدث لها...رغم أنها كانت مدلله والديها فقد تحملت من الضغط ما يجعل ذلك التدليل لا يساوي شيئاً لها:
_أنتي واخوكي الضغط شغالين تقطيم فيا أنتي السبب... أنتي فاشله... مش بتذاكري ...ومش مصدقين أن انا بتعب بزياده ويمكن اكتر منكم كمان.
ثم هدأت قليلاً وابتعدت عن أختها...ترغب بحق أن تترك هذه العائلة والتي دائماً ما تشعر بأنها عالة عليهم ولكن ما باليد حيله:
_انا لما قولت اني مضغوطه كان قصدي بسببكم عمالين تقولولي كلام يوصلني اني انتحر في يوم و بقولهالك اهو لو انتحرت في يوم هتكوني أنتي و اخوكي السبب.
ثم تركت أختها بدون كلمه وقامت بإغلاق باب غرفتها بكل قوة.
وفي الخارج أرتفع صوت لبني أثناء دخولها المطبخ تهتف بتمني ورجاء...علها تريحها من كل ما تتكبده حتي تربيها:
_يا شيخه أنتحري.. عالاقل نرتاح من مصاريفك بدل ما جوزي هيطلقني بسببك.
__________________
عودة إلي الواقع..كانت تلك ذكري تحملها يارا عن الترم الماضي.
في الغرفة وضعت يارا الوسادة فوق رأسها وظلت تصرخ بداخلها:
_انا تعبت حرام عليكم انا مش قادره أتحمل اكتر من كده.. والله العظيم تعبانه ليه محدش مصدق اني بموت من درس لدرس في نهار رمضان وامتحانات صعبه وتعب حرام بجد.
ثم غفت في النوم بعمق.
____________________
(طبعا الاسماء هتكون خياليه عشان مكلش عيش وحلاوة يعني دول وزراء اه بس من دماغي)
في وزارة التربية والتعليم.
يجلس الوزير الجديد على مكتبه أمامه شخصاً ما ويمسك بيده بعض الأوراق يخط عليها بعض الأشياء...وذلك الشخص يناظره برجاء واضح...لذا انتبه له... ليتحدث الجالس أمامه:
_انا أخوك يا ناصر.
نظر المدعو ناصر إلي أخيه أثناء حمله اللافتة المكتوب عليها (ناصر محمد ناصر)...وابتسم ابتسامة مستفزه وكأنه لا يعلم هويه الجالس أمامه:
_شكراً على المعلومة...اعملك ايه بقي؟
قالها بكل برود يملكه بينما الاخير يجلس وبداخله يود لو يقتلع رأسه...لكنه أردف بكل غضب:
_يعني انا مش قادر أعلم اكتر من خمسين ألف ورقة امتحان.
قالها بكل سهوله كٱنه شئ بسيط يؤرقه وليس مستقبل مليون شاب...ليردف الآخر بكل جديه وخوف على هذا المنصب الذي سعي وعافر كثيراً لأجله (أو لنقل قام بكل شيء سئ يجعله يصل إلي هنا):
_اسمع يا عزت انت عارف انا تعبت قد ايه عشان أوصل للمكتب دا.
وكأنه بحق تعب حتي يصل إلي هنا لكن لنكن مقتنعين به...وقف بكل هدوء يتحرك داخل مكتبه يهتف من بين أسنانه:
_ومش عايز اي مشاكل ممكن تخليني اخسر الكرسي دا في يوم من الايام.
ظل يربت فوق المقعد الخاص به أثناء حديثه وكأنه إبنه العزيز بعد خمسون عاماً من العقم! ....بينما في الجهه الاخرى تنهد عزت وبداخله يبحث عن أي شيء يمكنه أن يقنع به أخيه...ليقف ويردف بخبث:
_مش هجبلك مشاكل كل اللي هعمله إني عالاقل هعلم لأربعين في الميه والباقي هعلمه عشوائي إيه رأيك؟
وكأنه يستشيره بشراء بعض الأشياء ولا يحاول تدمير مستقبل الكثير لأجل أنه يرغب في أن يريح رأسه...بينما ناصر يحاول أن يفكر في هذا الحديث أثناء جلوسه ليردف بما يؤرقه:
_مانت كدا ممكن تظلم ابنك معاك.
تحدث الاخير بكل مكر لا يليق إلا به ولو كان إبليس موجوداً لكان انبهر من مدي خبث هذا الرجل:
_لا متقلقش أبني أول ورقه هتتعلم
تساءل ناصر وهو يستنكر ولا يعلم بعد مدي حقارة أخيه وماذا قد يفعل لأجل إبنه...ففي النهاية هذين الأخوين من نفس المعده الوسخه:
_ازاي يا فالح؟
اقترب عزت قليلاً من ناصر واردف بعيون مليئة بالشر وحقاً لنقل أنه هزم إبليس مكراً:
_مانا هقوله علي رمز كدا هيكتبوا وهديه الدرجات اللي انا عايزها بقي.
ضحك ناصر وشاركه عزت الضحك ولا لا يعلم لماذا يضحك أخيه من الأساس:
_بتضحك على ايه ضحكني معاك.
ارتفعت ضحكات ناصر بقوة كادت تقتله ليردف أثناء إعجابه بأفكار أخيه الصغير:
_بضحك على دماغك السم.
ثم أضاف ناصر بمكر أكثر من الآخر...وقد كان مثل الاخيه أو لنقل تؤامه في هذه الصفات:
_ متنساش بس إبن أخوك حبيبك عايزه يخش كليه هندسه
وقف عزت استعداداً للرحيل يردف بكل ثقة وفخر بما يفعل:
_ أكيد طبعاً دا إبن الغالي برضوا.
خرج عزت من باب المكتب...يتحرك بفخر وكٱنه حصل للتو على أعلي المناصب...وبالداخل ظل ناصر يوقع بعض الأوراق التي تخص الاداره وهو يبتسم بكل خبث.
____________________
وبعد مرور العام الدراسي الثاني من الدراسة المجهدة والمتعبه علي أبطالنا جاء وقت امتحانات الترم الثاني
______________________
في منزل يارا
تجلس في غرفتها و أمامها الكثير من الكتب و الملاحق و الملخصات.
وفي الخارج يستعد الجميع للذهاب إلى السينما بمن فيهم أخيها العزيز.
دلف الأخ إلي غرفه اخته والذي يدرس في كليه هندسه و بعمر يناهز ال 20 عاماً...وكان يرغب في أن يقوم بأستفزازها ومضايقتها:
_ايه يا يارا مش هتيجي معانا؟
نظرت له يارا بمعني هل فارغه الآن؟...واضافت بتعب واضح كلياً عليها:
_لا عشان ورايا امتحان بكره.. دا لو حد فاكر.
أضافت جملتها بنظرات حزن تتمني لو أن تجد بعض الدعم منهم...لا ترغب في أموالهم آلتي يعطونها إياها تحت وصاية والديها...بل تريد بعض الحنان والحب والكثير من الدعم ...لكن جاء أخيها لزيادة الطين بلة ويحاول أن يتكبر عليها؛
_دا وانا في سنك كنت بخرج وبروح في كل حته والحمد لله جبت مجموع 92 في الميه.
لم تنظر له وظلت تدرس بصوت عالٍ مما أدى إلى غضب الآخر وأخذ الكتاب منها:
_مش بكلمك انا؟
قال ذلك بكل حده لكنها لم تبالي وأخذت كتاباً آخر وبدأ صوتها في الارتفاع.
القي أخيها الكتاب في وجهها وصرخ:
_ أحسن عنك ما جيتي معانا دانتي بومه.
وقبل ان يخرج من الغرفة:
_استني يا سليم.
ظهرت علي وجهه معالم التكبر والغرور:
_لا مش هسامحك.
استنكرت ملامحها:
_تسامح مين دانت اللي غلطان.. بس ما علينا.. أقفل الباب وراك وأنت خارج عشان صوت التلفزيون عاملي صداع.
ضرب الباب بقوة أثناء خروجه وذهب مع أخته وزوجها الي السينما.
_________________
بكت يارا بكل حزن وعتاب:
_هما ليه بيعاملوني كدا.. كل شويه انا لما كنت قدك.. لما كنت قدك.
ثم صرخت بقوة:
_كل شويه كل شويه يفكروني قد ايه هما احسن مني وقد ايه انا فاشله.. مع ان لا هما عندهم نظامي ولا انا عندي نظامهم.
ثم شهقت بعنف والقت الكتاب من يديها:
_ أمتي هلاقي العدل ياربي بس.. أمتي هعيش في سلام من غير كل الضغط دا ولا كل النكد اللي انا عايشه فيه دا.
ثم دار عقلها إلي حل جذري جيد:
_بس هو الحل دا مفيش غيره.
حدثت الشرفة الخاصه بها:
_انا اسفه يا ربي بس مش هقدر اعيش اكتر من كده بكميه الضغط و التراكمات اللي جوايا و منعاني من ابسط حقوقي.. وهيا اني أعيش
وقفت وكان كل ما يدور في رأسها:
_ الانتحار أحسن حل لما أموت هرتاح من كل دا.
بعد تلك الجمله ذهبت للمطبخ وامسكت سكين حادة ووضعتها فوق شريانها النابض في يدها:
_الموت راحة من كل الهم دا..انا هريحهم و هرتاح.. عالاقل علي رأي اختي اوفر.
وقبل ان تصل السكين إلي يدها سمعت صراخات أتيه من الغرفه المقابله لغرفتها.
يتبع......
أنت تقرأ
قصة ثانوية عامة (جاري التصحيح وتكبير السرد)
Short Storyفي أحدي الاحياء المصرية العريقة. وتحديداً في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل. كان جميع من بالحي نيام إلا بعض الأشخاص. وهم كانوا أبطال الثانوية العامة. يدرسون ويدرسون حتي ترهق أرواحهم قبل أجسادهم. والآن هيا بنا نعيش قصة أحدي فتيات الثانوي العام.