وقفت تحاول تنظيم أنفاسها بتوترٍ شديد ثم استجمعت شجاعتها بعد مدةٍ واستدارت لتوقف سيارة الأجرة،
وقبل أن تتحرك سمعت صوت خطوات تأتي من خلفها فتيبس جسدها وظلت واقفة في مكانها، وكانت كارمن هي صاحبة الصوت وعلقت على مظهر ليان ساخرة:
"مصيبة إيه اللي عملتيها ورايحة على فين من ورا جوزك كده؟؟"ارتبكت ليان كثيرًا وازداد الضيق بداخلها لأن وجود كارمن سيمنعها عن الذهابِ لِذا ودت أن تصرفها عنها بأي شكلٍ كان حتى لا تفشل خطتها، فهزت يدها بتوترٍ وقالت وهي تشيح بنظرها وتمسح وجهها الذي تعرق كثيرًا رغم برودة الجو:
"مش رايحة في حتة إيه الهبل ده! انا واقفة اشم هوا ولو سمحتِ سيبيني في حالي!!"لم تصدقها كارمن وإنما ضحكت ساخرة وأخذت تحوم حولها هاتفة بتلاعب:
"بس شكلك بيقول إنك كدابة يا ليلو"
وعلى غفلةٍ أمسكت يدها التي لم تتوقف عن هَزها وضغطت عليها بشدة مسترسلة حديثها:
"وبتهزي إيدك كده ليه بقا؟"انصدمت ليان من أسلوبها الوقح فسحبت يدها سريعًا وابتعدت عنها عِدة خطوات حتى اقتربت من المسبح وأردفت بنبرة مرتفعة بعض الشيء:
"قولتلك ملكيش دعوة!!"وفي هذهِ اللحظة أشارت كارمن لفريدة التي كانت تُراقبهم من بعيد فأتت إليهم ونظرت إلى كارمن بمكرٍ فهمته ثم وقفت قبالة ليان تُطالعها بحقدٍ اتبعته بقولها:
"أنتِ بقا الغلبانة اللي ابني أشفق عليها واتجوزها يا حرام؟ أيوة أشفق عليكي وتبقي هبلة لو فكرتي في حاجة غير كده، أصل هو هيحب فيكي إيه مثلًا، انا ابني طول عمره مثالي ومبيبصش غير على أحسن حاجة، بس للأسف قلبه طيب برضو ف أشفق على أشكالك ال**** بدافع الإنسانية يعني!"كورت يدها بغضبٍ وحزنٍ بالغ وكانت ستتحرك مبتعدة عنهم كي لا يلعبوا بعقلها أكثر، كما أنها متيقنة من حب آسر لها وتود أن يمر اليوم على ما يرام وأن لا تدخل في المشكلاتِ معهم، لكن حاصرتها كارمن من الجهة الآخرى ليكون المنظر كالآتي؛
كارمن وفريدة أمامها والمسبح خلفها، توترت كثيرًا وازدردت لعابها برعبٍ حقيقي، لكن حاولت التماسك ولو قليلًا ورغم ذلك خرجت نبرتها مرتجفة رغمًا عنها:
"ابعدوا وسيبوني أمشي!! مينفعش كده"وأتى كلامها عكسيًا فبدآ يقتربانِ منها أكثر وهي تعود للخلف بجسدٍ مرتعش من التوتر حتى أصبح بينها وبين المسبح خطوة واحدة تمامًا
لم تستطع حبس دموعها بمقلتيها فهبطت كالشلالاتِ على وجنتيها بينما قالت فريدة ضاحكة بخبث:
"طب ماشي افترضنا أن آسر لسة مشفق عليكي ومش هقول بيحبك بقا، فاكراني هسكت؟ انا هخيره بينك وبينَّا، يإما أنتِ يإما عيلته كلها، تفتكري هيحصل إيه بعدها؟ هيضحي بوجود أمه وأبوه وأخواته في حياته عشان واحدة لسة عارفها من يومين؟؟"
تأتأت نافية وتابعت:
"أكيد لأ، وساعتها آسر مش هيعوز يعرفك تاني وهيرميكي في الزبالة اللي جابك منها، طب افرضي مسابكيش وده مش هيحصل، ساعتها هطين عليكي عيشتك وهكرهك في نفسك وفي حياتك هخليكي تتمني الموت من اللي هعمله فيكي، وبعدين يا حبيبتي أنتِ واحدة مشاكلك مبتخلصش داخلة في حياة ابني تعملي له إيه بقا تقرفيه معاكي؟"
YOU ARE READING
ضحية ماضي
Mystery / Thrillerكُلنا ضحية ماضي بشكلٍ أو بآخر... ماضي نهابه، نخفيه..! لكن هل سنتمكن من هزيمته يومًا؟