في لحظةٍ واحدة يُؤخذ منا أعز ما نملك، ينقلب كل شيءٍ من بين إيدينا ويُصبح ضدنا، نقع في دوامةٍ لا تنتهي من العجز ونفقد قدرتنا حتى على التألم،
لكن لا داعي للإندهاش،
إنها الحياة!ها هي تجلس أمام صديقتها وأغلى ما لديها، حين سمعت صوتها سيئًا على الهاتف أتت إليها دون تردد، ولم تستطع أن تتحكم في قلقها أكثر فقالت:
"إيه يا حور حصل إيه أنتِ قلقتيني عليكي أوي، عمالة تقوليلي اشربي العصير الأول وشربته وبرضو مش بتتكلمي!"ولم تتوقف أوصال الآخرى عن الإرتجاف، تاهت في عالمٍ آخر كمن مسهُ جنٌ ولم تستطع أن تمنع نفسها عن البُكاء
هزت رأسها برفضٍ يصعب عليها ما سيحدث الآن، ستخذل تلك المسكينة الجالسة أمامها من أجل أبيها، هي مُجبرة ولا وقت للتراجع ومع رؤيتها لذلك الذي ينظر لها بتحذيرٍ من خلف الجدارِ كي لا تُخطئ أصبح الأمر محتومًا عليها
حاولت أن تلتقط أنفاسها ومن بينِ شهقاتها تحدثت:
"ليان، انا آسفة يا ليان، اللي هيحصل دلوقتي ده غصب عني واللهِ انا آسفة أوي"كان الإندهاش هو ما سيطر على ليان، لم تفهم ما تقصده صديقتها وعلى أي شيءٍ تعتذر، رمت حقيبتها بجانبها وأمسكت بيدِها مسرعة تسألها:
"آسفة على إيه؟ انا مش فاهمة حاجة!"كانت تنتظر تبريرًا ولم يحدث ما كانت تنتظره، بل نهضت حور من مجلسها مُسرعة وركضت حتى أختفت عن أنظارها
أرادت ليان أن تُلاحقها وتسألها ماذا يحدث ولكن لم يُساعدها جسدها على النهوض، تشعر بتنملٍ شديد في جميع أوصالها وبدأت جفونها ترتخي رغمًا عنها ولم تستطع سوى أن تهمس بصوتٍ مُنخفض امتزج ببكائها:
"حور، حور"وحينها رأت ظلًا يأتي نحوها، وتشنج جسدها عندما رأت أن الظل لمحمود وليس لصديقتها، بدأ يتقدم نحوها أكثر ولم تفهم هي ما يحدث حتى الآن لكن نظراته لها لم تبشرها أبدًا، حاولت أن تصرخ أو تغادر المكان لكن باءت محاولاتها بالفشل، ازداد اقترابه منها أكثر ولم تستطع حتى أن تأمره بالابتعاد حتى خانها جسدها وفقدت وعيها تمامًا
مرت ساعاتٍ قليلة حتى استيقظت مرة آخرى ولكن الآن على فراشٍ لا تعرفه، هذا ليس فراشها ولا منزلها بل هو منزل حور!
نظرت إلى كل مكانٍ بعينينِ زائغتينِ وكانت الصدمة من نصيبها حين رأت الدماء من حولها، فُزعت وفقدت قدرتها على التنفس وهي تضرب بيدها على رأسها علها تتذكر ما حدث ولكن بِلا جدوى، آخر ما تعلمه أنها رأت محمود أمامها ثم غفت والباقي مجهول
كل الأشياء من حولها كانت تشير إلى شيء واحد فقط لكنها أنكرت!، أنكرت أن تخذلها صديقتها بتلك الطريقة أنكرت كل ما يجعل صديقتها مخطئة،
سرعان ما ارتدت ملابسها بانهيارٍ سيطر عليها وخرجت من ذلك المنزل المشؤوم وتضاعفت صدمتها حين أخبرها حارس المبنى أن صديقتها ذهبت برفقة والدها ولن يعودا مُجددًا
YOU ARE READING
ضحية ماضي
Mystery / Thrillerكُلنا ضحية ماضي بشكلٍ أو بآخر... ماضي نهابه، نخفيه..! لكن هل سنتمكن من هزيمته يومًا؟