٢١. عودة

123 6 10
                                    

بقيت تائه في اللاوعي لمدة لم اعلمها ، بعدها سمعت صوت امي ... لقد كنت اتكلم معها بين الفينة والاخرى داخل رأسي تماما كما وعدت كونها المشرف. كانت تتكلم معي عادة قبل ان انام وانا في حالة ما بين الوعي واللاوعي.
كنت انتظر ان تتواصل معي على احر من الجمر .
امي " يا صغيري المسكين لا بد ان الامر كان قاسيا عليك . انظر الى حال !"
طلبتها من فوري متجاهلا تعليقها " امي لابد انك تعرفين شيئا ارجوك ساعديني اني اموت هنا!"

هي " انا اسفة يا بني فحدود معرفتي في عالمك لا تتعدى اولئك الذين انا على صلة بهم من الوافدين من الجن  امثالك "
انا بيأس " امي .. امي ارجوك..  ساعديني بأي شيء مهما كان صغيرا "
امي هنا بعد صمت " دعني افتش ذاكرتك ربما قد ألحظ شيئا غاب عنك"
قالت واختفى صوتها بينما انتظرت وانتظرت حتى ظننت انها انسحبت مني هاربة .
في تلك اللحظات بقيت ادعو الله ان تكون حبيبتي بخير ،وان يعيدها الي سالمة.
بعد وقت طال عن الساعة سمعتها اخيرا تتكلم " لقد وجدت شيئا قد يكون ذا علاقة"
انا بلهفة " ارجوكِ اخبريني "
هي " لقد وجدت شيئا مريبا... يبدو انه في الفترة الاخيرة  كان هناك شخص يتربص بكما .. منذ مايقرب الشهر . "
انا وقد دب الخوف في قلبي " امي اريد تفاصيلا عنه وجهه اسمه اي شيء "
هي " لا استطيع وصفه بدقة لكني استطيع ان اخبرك انه في الاحتفالية الاخيرة التي اقامها مقهاكم كان هناك وقد كان رجلا ضخم البنية يعتمر قبعة للفريق الوطني لكرة القدم "
شكرت امي وانا ممتن لها لانها ساعدتني في ايجاد خيط قد يعيد وصلي باماني . نعم الاحتفالية كانت في السادس والعشرين من الشهر الماضي استطيع ان اراجع كاميرات المراقبة .. 
  عندما استعدت وعيي كنت في المشفى.
كان فلاح الى جواري وكان اول ما قلته " اماني ؟ هل وجدتموها؟"
هز رأسه نافيا ، فنهضت منتفضا أبعد عني الانبوب الوريدي حاول فلاح ايقافي الا اني جريت مبتعدا بعد ان اخذت حقيبتي .
عدت للمنزل وغيرت ملابسي ثم ذهبت الى المقهى الذي كان مغلقا منذ اختفاء نور حياتي . قلبت في كاميرات المراقبة دون كلل وهناك في الاحتفالية وتماما كما قالت امي كان ذلك الشخص المريب الذي لا اعلم كيف لم نلحظه يتربص باماني.
نسخت مقطع الفيديو وعزمت ان اطلب مساعدة الشرطة كون امكانيتهم كانت اكبر مني في ايجادها.
وبينما انا اقفل المحل كانت الشرطة نفسها هي من اتت الي .
تقدم نحوي احد المحققين مقيدا يدي وهو يقول " المتهم يوسف زوج المفقودة اماني انت متهم رئيسي في احتفاء زوجتك لك الحق في التزام الصمت ، اي شيء ستقوله او تفعله سيستخدم ضدك في المحكمة لك الحق في ...." لم اسمع البقية لاني كنت مذهولا من انهم جعلوني المشتبه الرئيسي في فقدان زوجتي وحب حياتي يالحماقتهم!!

شعرت بالسخط وانا انتظر في الغرفة المغلقة .. طرقت على الباب ثم على الزجاج العاكس غاضبا " تبا لكم انكم تضيعون وقتي الثمين في عرقلتي بدلا من ايجادها. اريد التحدث الى محقق فورا انا املك دليلا في القضية " قلت امرا .
وبالفعل خلال ربع ساعة دخل محققان وبعد اخذ ورد دام اكثر من ساعة تمكنت من اقناعهما بالبحث وراء المشتبه به في فيديو كاميرا المراقبة .
وكان سؤالهما الاخير الذي فتح باب التساؤلات " هل لاماني اي اعداء من الماضي ؟"
انا ساخرا " لا يستحيل . انها امرأة تفضل ان يساء اليها عوضا ان تكون المسيئة" ثم صمتت للحظة مقلبا كل ذكرياتنا ومعرفتي بها ثم اضفت " ان كان احد قد حقد عليها او اشتبك معها ... قبل بضعة سنين اهل زوجها السابق في محاكمة حادث وفاته ... لكنهم مقيمون في بلاد اخر...."
نظر الي المحقق كما لو كنت غبيا .. نعم حتى لو كانوا في مكان اخر لا زال بامكانهم القدوم ومحاولة ايذائها ان عزموا الامر !
تركني المحققين واختقيا بينما بقيت اصرخ مطالبا لهم باخراجي . كان مصيري متروكا بين ايديهم وقد تم تقييدي بحيث لم استطع التحرك وانا في السجن الاحتياطي .
ماذا كان بامكاني عمله سوى ان ظليت على حالي اصلي واقرأ القرآن داعيا بين كل لحظة واخرى ان تعود حبيبتي لي سالمة ، متوكلا تماما وكليا على الله ككل مرة تسد فيها كل الابواب في وجهي . وكلي ثقة حيث لم اخذل ولو لمرة .
••••••••••••••••
خلال ثمانية واربعين ساعة انقضت عليّ طويلة شاقة مريرة في السجن متهم باختفاء زوجتي ، بعدها وبفضل من الله تمكنت الشرطة من ايجاد اماني وعليها تمت تبرئتي وتم اطلاق سراحي فذهبت بلهفة الى المستشفى الذي نقلت اليه لاراها وليطمئن قلبي بأنها بخير .

لكنها لم تكن بخير واعتصر قلبي ألما عندما رأيتها ملفوف  وجهها ذراعيها بالشاش الابيض وجبيسة حول كلتا قدميها لقد كانت كما قال الطبيب في وضع مستقر وقد تم اعطائعا بعض المنومات للراحة .
لكني رأيت حالها وشعرت بفشلي في حمايتها. تركتها فريسة سهلة لكن اي وحش قام بايذائها الى هذا الحد !! وكيف فشلت في ان ابقي حبيبتي امنة بينما كنت الى جوارها . بقيت الى جانبها ابكي وكنت استحقر نفسي وألومها على كل ماحدث .
وما ان استفاقت اماني بعد ساعات من النوم ،ربتت على رأسي- الذي كان موضوعا الى جانب يدها التي قبلتها بلا نهاية معتذرا- جالبة انتباهي اليها  .
نهضت واحتضنتها " انا اسف يا حبيبتي لقد فشلت في حمايتك"
شعرت بدموعها تبلل كتفي فربتت على رأسها برقة " لقد انتهى كل شيء انتِ الان في امان "
بعد ان استعادت حبيبتي هدوئها سألتها " من فعل هذا بكِ، اخبريني ، اقسم اني سأجعلهم يدفعون الثمن غاليا "
هي " لقد كانا اثنين ... اعرفهما "
صمتت قليلا بينما انا كان صبري ينفذ " من هما اذن؟"
هي بتردد " والد محمود واخيه "
عندما ادركت انه ليس فقط زوجها الراحل كان يسيئ اليها بل امتد الامر بعائلته الذين اعطوا لنفسهم الحق بأن يختطفوها ويعذبوها ، لم اكن اعتزم ان اقف مكتوف الايدي لكن وهم في قبضة الشرطة وتحت التحقيق لم يكن باليد حيلة.
هدأت من غضبي وعدت الى الجلوس الى جوارها بعد ان قمت ببعض دورات حول الغرفه اخبريني ماحدث بالتفصيل ..

••••••••••••••••
تكلمت اماني بعد ان اخذت نفسا عميقا " في ذلك اليوم عندما كنت في طريقي الى جسيكا ، وعلى مشافة قريبة  من المقهى قابلتهما .. والد محمود واخيه .
بادئ الامر كنت ارتعد خوفا منهما الا انهما اقتربا مني بوجهين باسمين وققد بديا مسالمين .سألاني عن احوال وكيف انها كانت صدفة سعيدة ان يلتقيا بي .. تخليت عن حذري معهما وبينما تكلما معي عن انهما في المدينة لتسوية بعض الاعمال بعد رحيل محمود شعرت ببعض الذنب واردت ان انهي الحوار معهما الا انهما طلبا مني ان اوصلهما الى اقرب محطة قطار وبالطبع لم استطع الرفض ولم اشك في شيء حتى اصبحنا في السيارة واخرج الاب الذي كان يجلس الى جوار سكينا واخبرني ان استمر في القيادة.."
توقفت اماني وقد تذكرت الامر وكيف كان مرعبا بالنسبة لها فضممتها الي بهدوء انتظرتها ان تكمل وبعد دقائق فعلت " جعلاني اقود حتى وصلنا الى الطريق السريع ،كانت لهما شاحنة هناك على الطرف الطريق تنتظر وتم نقلي الى مكان مجهول .."
توقفت عن الكلام واجهشت بالبكاء فاحتويتها بين ذراعيّ مهدئا الا ان نحيبها ازداد واخذت تقول وهي تنظر الي وفي عينيها رعب وهلع " ماذا افعل يايوسف ؟ .. اعتقد.. اني.. قتلته !"
تجمدت الدماء في عروقي عند سماعي لكلماتها .. قتلت ؟ محمود؟

يتبع...........

©ManarMohammed

حبيبتي الانسية( مكتملة )Where stories live. Discover now