انهيت اعترافي ونظرت الى محبوبتي التي تجمدت لوهلة وهي تسمعني . كان مصيري معلق بين يديها . فرحتي او شقائي كانت ستكتبه بكلمة منها وتحدده.
لكني علمت ان الامر لن يكون هينا . فهي كانت على يقين من انني كنت جزءا من الحلم وشخص غير حقيقي وغير موجود لذا ردت بكل ما هو متوقع .
بعد ان اقتربت مني وتوقفت امامي على بعد خطوتين وبعينين دافئتين" انك ألطف شيء قابلته اليوم. شكرا على كلماتك المواسية يا يوسف "
نظرت حائراً فكلماتي لم تكن مواساة .
هي " اجل انه حلم وبما انني ادرك الامر لازلت اريده ان يستمر لذلك تعال هنا يا حبيبي الجني؟! صحيح!؟
اجلس هنا معي وقل لي لماذا احببتني لاني بحاجة لان اسمع بعض المديح "امسكت بيدي واجلستني على مقعد خشبي الى جانب الطريق.
احببت ردة فعلها العفوية وقررت ان اجاريها .تكلمت " احب كل شيء متعلق بكِ"
في كل مرة نطقت بكلمات حبي لها جهارة كان قلبي يتقافز وتتراقص دقاته وبالذات عندما تحط نظراتي على عينيها الحنونتين.
هي وقد اصيبت بخيبة امل " وددت لو انني اسمع تفاصيلا اكثر وليس مجرد رد عشوائي غير متعوب فيه"تأملت كلماتها للحظة ثم حاولت مجددا . لم اكن املك مهارة مع الكلمات الا انها كانت فرصتي الوحيدة لكي ابوح بكل مشاعر جرفتني وارقتني واسعدتني واشقتني.
قلت لها " في البدء كانت طريقتك البسيطة في الحياة .. لقد كنت تتعاملين مع الجميع بطيبة لم تريدي ايما يوم جرح احد ولو على حساب نفسك ..
كنت تحاولين دوما ان تخففي من اعباء امكِ بالرغم من انه كان بامكانك تجاهل معاناتها .
ومن ثم الطريقة التي اهتميتِ فيها بجارتكم العجوزة بالرغم انها فضلت اخويكِ عليكِ وكانت دائمة المتطلبات وكثيرة التوبيخ لكِ، الا انك كنت تحبينها كما لو كانت جدتك الحقيقية وخدمتها بحب وانستيها وادخلت الدفء على اخر ايامها . رغم صغر سنك وقتها فقد كنت ألطف وانضج طفلة التقيت.."علقت اماني " فهمت العودة الى الماضي .. تفكير خلاق! اكمل رجاء فكلامك يؤنسني"
انا متابعاً" عندما ماتت العجوز انهرتِ وضعفتِ ولم يلاحظ او يأبه احد مما زاد خوفي عليك . منذ تلك المدة اصبحت اراقب يومياتكِ وانتِ تكتبينها فقد اثارتني الحيرة بما كان يعتمل في قلبك الصغير الحزين . اردت ان اعلم ما كان يحزنك ويقضي على فرحتك علني اجد طريقة لمساعدتكِ.. فكانت كلماتك وكيف كنت تصيغين افكارك وترتبين مشاعرك في تلك الورقات ما جعلني اهتم ولاول مرة لامر انسية"
نظرت الي اماني بابتسامة جميلة ، اجابتني بنظرة تخبرني ان اتابع " كنت فخورا بك عندما توقفت عن الحزن وقررتِ ان تسعدي كي لا تحزن الجدة اذا كانت تراكِ.
كنت فتاة لطيفة ولانني لم اعلم انني سأتاخر عليك غبت لما اعتقدته وهلة فاضعت سنينا من فرصة رؤية اماني الصغيرة فما ان عدت حتى كنت قد اصبحتِ الشابة الجميلة التي اراها الان . اخذت ادرس ماتغير فيك فلم اجد الا انك ازددت جمالا "
ابتسمت اماني ابتسامة ساخرة فشرحت علها تصدقني "لا اعني شكلا بالرغم من انك بالفعل ازددت جمالا الا انني اقصد ان شخصيتك الفريدة بكل مشاعرها النبيلة كانت قد صقلت وازدادت رونقا .
رأيت الطريقة التي تتحدثين بها وطريقتكِ بالتصرف مع كل انواع البشر فما زادني ذلك الا تعلقا بك .
كنت معجبا بكونك تقومين بالاشياء التي ماكنت لاطاوع نفسي على القيام بها ابدا . ان اسعى لاسعاد الاخرين . ان احب الخير بشكل جدي واكون طيبا متجردا من الانانية ..لم ارى في نفسي القدرة على إعمال ذلك ولو باقل مقدار، لانني وجدته شاقا ومهملا للذات بينما انت كنت تفعلبن كما لو انها وجدت فيكِ بالفطرة . لذلك كنت مذهولا ومأخوذا بك تماما .راقبتك دون ان ارمش عينا لمدة طويلة ..طويلة اكثر مما يمكن لاحد ان يتخيل . فما زادني ذلك الا افتتانا"
توقفت وتغيرت نظرتي للجدية فلاحظت اماني ذلك وركزت نظرها الي " لكنني جني . ولا املك خيارات كثيرة كي اجعلكِ تدركين وجودي الا من خلال هذا الحلم وهو الاول والاخير ..لا يمكنني ان اتي اليك مجددا "
هي بجدية ولم تسخر او تستهزأ " لمٓ لا ؟ سأحب الامر ان انت اتيت الي في حلم اخر . "
انا " ذلك مكلف . لا استطيع تحمل كونكِ من تدفعين ثمن لقائك بي في الحلم . ثم اني اعلم انك لن تصدقينني على اية حال بدون ادلة ولانها فرصتي الوحيدة لا اريدك ان تنسيني او تظني انني مجرد وهم "
هي " كيف ستضمن اني لن اعتقد بأنك وهم ؟"
انا " لقد تخيلت رؤيتي لك الف مرة ودرست كل حوار يمكن ان يقال بل وحضرت اجوبة على سؤال كهذا"
هي متعجبة " احقا؟ ماتقول؟" هززت رأسي بالايجاب وابتسامة رضا واثقة على وجعي.
حثتني اماني " تفضل واخبرني "انا "سأكتفي بثلاثة اشياء اريدك ان تتحققي منها ما ان تستيقظي. ان اتضح ان كل ماقلته صحيح فهذا دليل على اني جني. واني معك كما اخبرك رغم انكِ لاترينني وان كل ماقلته لك هنا حقيقي "
هزت اماني رأسها موافقة " الامر الاول هو ان والدكِ عرض عليه ان يكون مديرا للتحرير في مجلة شهيرة لكنه رفض لانه لم يرد ان يتنازل عن مبادئه وقد حدث هذا منذ ثلاث سنين بالضبط بينما والدتك وبخته بعنف لانه لم يقبل العرض .
والعلامة الثانية ان خالتك وامك تدبران وتخططان لتزويجك من احد ابناء جيران خالتك نسرين والذي كان طبيبا جراحا وسيحاولان جرك الى الالتقاء به عن طريق حضور حفلة ستقام الاسبوع المقبل .
وثالث دليل واخره ان وفاء قد تمكنت منذ فترة وبينما انت تستحمين ان تتسلل الى غرفتك وتفتح حصالاتك الاثنتين واخذ العملات الورقية الكبيرة منها ثم انها اشترت به ثوبا اخفته في اخر درج على اليسار من دولابها مغطى بملابس غير مطوية ."
اماني مندهشة " واو. من الواضح انك اعددت الاجابة بعناية . ولانك قلت كلماتك بكل جدية ونسجت الكلمات بطريقة مقنعة اعدك ان اتبعها وارى بنفسي ان كنت جنيا كما تقول "
ابتسمت راضيا سعيدا " كنت اعلم انكِ بهذا النبل . كيف يمكنني ان لا احبك "هي " في هذه اللحظة سأكون سعيدة ان كان احد بمثل وسامتك ويحبني موجود حقا .. فحالتي النفسية تحتاج لمثل هذه المواساة التي لاتقاوم "
احرجتني كلماتها ولم اكن اعلم حتى ان الخجل كان شيئا يمكنني ان اخبره .وهانذا كنت اقف امامها محرجا لم ادر مالعمل حتى تذكرت ان مجيئي في حلمها يعني استنزاف طاقتها الروحية وما ان تراءت لي كلمات ميخال حتى ذعرت واخبرتها رغم ان اخر شيء وددته هو تركها ان علي الذهاب .
هي باسف " لم لا تبق اكثر قليلا .. اخاف ان آسى عندما اعود وحيدة"
ذهبت اليها وامسكت بخديها بين كفي " انت لست وحيدة . انا معك دائما واحبك بلا حد ولا شيء لا استطيع عمله لاجلك لذلك ثقي بي وكوني قوية .. انا معك" قلتها وابتسمت مطمئنا فابتسمت هي كذلك . واخذ الحلم يتلاشى معلنا الفراق. ثم وجدت نفسي اقف امام سريرها حيث بقت هي نائمة .
رأيت ملاكي امامي وادركت حجم الذنب الذي ارتكبت فامسكت برأسي اشد شعري موبخا " ياللهول ! مانوع الجرم الذي اقترفت ؟! كيف تمكنت من فعل هذا لأعز من احب؟! تبا!!"يتبع ......
© MANARMOHAMMED
YOU ARE READING
حبيبتي الانسية( مكتملة )
Acakهذه الرواية هي الجزء الثاني لرواية حبيبي الجني.الراوي فيها يوسف ، يتحدث عن الماضي الذي ربطه بحبيبته قبل ان تنساه وعن رحلة البوابات المائة وعن بحثه المضني ليجدها ما ان اصبح انسيا. تتبع الجزء الاول