أسفل ظلمة الليل، حيث القمر هلال، والسماء ملبدة بالغيوم، الكثير من الأصوات، رجال الشرطة في كل مكان، وما دل هذا إلا على شيء واحد، ألا وهو وجود جثة هنا.
أسفل أحد الكباري وجدت جثة شخص توفي على إثر جرعة زائدة من المخدرات، ملقاه بطريقة عشوائية، جاحظة العينين، والرغوة البيضاء جافة على فمه.
توقف جاسر بسيارته على مقربة من المكان وترجل عنها هو وهادي معاً، عبورا من أسفل الشريط الذي نصبته الشرطة لتحديد المكان كموقع جريمة.
أقترب كلاهما من الضابط المسؤول عن الحادثة، فهتف هادي أولاً:
"السلام عليكم، حضرتك الظابط أسامة مش كده؟ "
أومأ له الآخر وقال :
"أيوه أنا، حضرتكم المقدم جاسر، والمقدم هادي مش كده؟ "
أومأ له هادي موافقاً وقال :
"الشاب ده كان طرف في قضية ماسكينها، ممكن أشوف التقرير المبدئي؟ "
حرك أسامة رأسه موافقاً وأشار لأحد رجاله بالاقتراب يناوله الملف، فأخذ هادي يتطلع عليه رفقة جاسر، فتركه هادي في يد جاسر وطلب قفازات ارتداها، فسأله جاسر مستغرباً:
"رايح فين يا هادي ؟ "
رد عليه هادي في اختصار:
"هفحص الجثة بنفسي "
جلس هادي على ركبتيه أمام الجثة يطالعها بنظرات متفحصة، ليمسك ذراعه الأيسر يشمله بنظراته كذلك، فإقترب منه جاسر وكذلك أسامه، فهتف هو بنبرة غامضة كأنه يحدث نفسه:
"علامات الحقن في الأيد الشمال، وده طبيعي لأي حد مدمن، بس مش الطبيعي ليامن لأنه أعسر "
تعجب أسامة من حديثه، فيما تساءل جاسر:
"قصدك أنه مات مقتول؟ "
رد عليه هادي بتأكيد:
"بالظبط، واللي قتله ميعرفش معلومة زي دي واتعمد يحقنه في الشمال عشان يبان أنه حقن نفسه، في علامات ربط حوالين معصمه واضح أنه كان مربوط وأتحقن رغماً عنه، وأثار أصابع حوالين رقبته وخدش في جبينه، واضح إن اللي عمل فيه كده أضخم منه في الجثة وثبته على الأرض لحد ما يقيد إيديه، هدومه مبهدلة دلالة على المقاومة، وللعلم إن يامن مكنش مدمن حقن، كان أخره سيجارة أو بودرة وده نادر "
ضم أسامه حاجبيه في استغراب من استنتاجه لهذه الأشياء كلها بمجرد النظر له، فتساءل بقوله:
"أنت تعرف المجنى عليه معرفة شخصية؟ "
أومأ هادي مؤكداً وقال:
"مش لوقت طويل بس كافي إني أعرف معلومات زي دي عنه، بص هنا لو لاحظتوا ضوافره مقصوصة حديثاً..ممكن بعد ما فقد وعيه أو مات، التقرير الطبي هيثبت ده بالظبط، بس طالما القاتل خد باله من حاجة زي دي يبقى اتخدش منه، للعلم إن يامن كان مربي ضافره الخنصر لوقت طويل، يعني غريبة أنه مقصوص، وإيده دونًا عن باقي جسده نضيفة ومش متربة، يعني القاتل غسل إيده عشان يمحي أي أثر أو حمض نووي ممكن يوصلنا ليه "
YOU ARE READING
قواعد الكِتمان (الدخلاء 2)
Poetryحان وقت إكمال ما توقفنا عنده، رحلة لا تزال في بدايتها.. ستضحك..ستبكي..ستؤلمك قصة أحدهم، ستتعاطف مع آخر. لكن في النهاية ستحزن على فراقهم جميعاً. في بعض الأحيان تكون إرهاقات الفراق أسوأ من الفراق نفسه، عندما تشعر بثقل الحديث حتى يقل مع الشخص الذي كان...