Part 29 :

28 6 203
                                    



‎أرسلان يخرج من السيارة بعد أن شكر الرجل،
محاولًا تخفيف التوتر الذي يحيط به.
الرجل، بوجهه الخالي من التعبير، يهز رأسه ويقول، "لا مشكلة"، قبل أن يشير بسيارته بعيدًا في الظلام.
يتنفس أرسلان بعمق، وكأن الهواء البارد يساعده على تهدئة أعصابه المتوترة.

‎يمشي بخطوات سريعة نحو منزل ميرا، الظلام يغلف الشارع الهادئ باستثناء صوت خطواته الثابتة.
يصل إلى الباب ويوقف لحظة، يستمع إلى الصمت الذي يحيط به، ثم يرفع يده ويطرق على الباب بقوة.
الانتظار يطول بلا إجابة، فيشعر بنفاد صبره يتصاعد، يطرق مرة أخرى، هذه المرة بشكل أشد عنفًا.
الصمت يستمر وكأنه يستفزه.

‎يغلي الدم في عروقه، فيرفع صوته غاضبًا ويصرخ،
"ميرا! إذا لم تفتحي الباب الآن، سأقوم بكسره!"
في تلك اللحظة، يظهر الغضب في عينيه بشكل واضح، فلا يمكن لأي شيء أن يمنعه الآن من الوصول إليها.

‎بعد ثوانٍ من التوتر المطبق،
الباب يفتح بعنف، وتظهر ميرا وهي تشعر بالغضب الممزوج بالدهشة. تصرخ عليه، "ماذا تريد؟ إنها الخامسة صباحاً!"
وجهها يحمل علامات التعب والغضب

‎ لكن بمجرد أن تقع عيناها على أرسلان، تتجمد في مكانها.
الضوء الخافت يكشف عن جروح وندوب تملأ وجهه وجسده.
الدماء الجافة والبقع الداكنة على ملابسه تجعل قلبها يغرق في بحر من القلق. يتلاشى غضبها لحظة رؤيتها له في هذه الحالة،
ويتحول إلى خوف عميق.

‎تخطو نحوه بخطوات صغيرة، وكأنها تخشى أن تزيد من ألمه.
عيناها تتفحص كل جرح بتركيز، ويدها ترتفع بخفة نحو وجهه المتورم. بكثير من الحذر، تلمس طرف جبينه بأصابعها المرتعشة، وكأنها تحاول بلمستها تخفيف جزء من ألمه.
‎ "أرسلان... ماذا حدث لك؟"
‎همست بصوت مختنق، لكن قبل أن تكمل،
فجأة، ينتفض أرسلان وينزع يديها عنه بعنف،
صرخته تهز جدران المنزل: "لا تلمسيني!"

‎تتراجع ميرا بصدمة،
عيناها تتسعان من المفاجأة. لم يكن أرسلان قد رفع صوته عليها بهذا الشكل من قبل. كانت دائمًا تجد في عينيه الدفء،
‎لكن الآن، تراهما مليئتين بالغضب والألم.
وكأنها تواجه شخصًا غريبًا،
‎شخصًا لم تعرفه من قبل.

‎يلتفت أرسلان إليها بنظرة حادة، كلماته تخرج مشبعة بالمرارة،
"تركتني بسببه .من أجله و من أجل تهديداته
أليس كذلك؟"

‎تختنق ميرا بدموعها، تجتاحها مشاعر الحزن والأسى.
تبكي بقوة، كل كلمة تخرج من فمها ثقيلة من الألم، "من أجلك، وليس من أجله... أرسلان، إذا كان الثمن هو أن أتركك لكي تبقى بخير، سأتركك بدون تفكير... بدون تردد."

‎تتحطم كلماتها في الهواء كمرآة زجاجية، تعكس ما بداخلها من مشاعر متناقضة.
‎كانت تحاول إبعاده لتحميه، لتبعده عن الخطر الذي يحيط به،
لكن الآن تدرك أن تلك المحاولة قد دمرت جزءًا منه،
وأنها ربما قد فقدته إلى الأبد.

فتاة الشرفة ✨Where stories live. Discover now