Part 35:

12 2 0
                                    


‎في غرفة المكتب الواسعة، كانت الأجواء مزيجًا من الفخامة والرهبة. الجدران مغطاة بخشب داكن لامع، والمكتب الكبير المصنوع من خشب الماهوجني يسيطر على منتصف الغرفة، بينما تتدلى من السقف ثريا ضخمة تعكس ضوءًا دافئًا على الأثاث.
‎فوق المكتب، كانت هناك ملفات موضوعة بدقة إلى جانب هاتف قديم الطراز وبعض الأقلام الذهبية. خلف المكتب كان هناك رفوف من الكتب تتراكم فوقها تقارير، وصندوق سيجار مغلق بإحكام،
‎مما يضفي على المكان جوًا من السلطة والأهمية.

‎آزار كان جالسًا على كرسي جلدي أسود،
‎يداه مسترخيتان على مساند الكرسي، وقدماه ممدودتان قليلاً تحت المكتب.
‎كان يرتدي بذلة سوداء متقنة الصنع، تتناسب تمامًا مع هيئته المشدودة،
‎ولكن ربطة عنقه كانت مرخاة قليلاً وكأنها علامة على التعب. كان ينظر إلى زاوية المكتب وكأنه يرى شيئًا لا يراه أحد غيره، وكأن أفكاره أخذته بعيدًا عن المكان.
‎يداه كانت تتحركان ببطء، واحدة منهم تمسح على ذقنه وكأن عقله منشغل .
‎وجهه كان هادئًا، ولكن هناك أثر بسيط لابتسامة تتشكل على زاوية فمه، غير واعٍ تمامًا لحضور كريس.

‎كريس، الذي كان واقفًا إلى جانب المكتب، يرتدي قميصًا أبيض بسيطًا بأكمام مرفوعة قليلاً تكشف عن ساعته الفضية.
‎بنطاله الرمادي العصري كان يعطيه مظهرًا غير رسمي إلى حد ما مقارنةً بآزار.
‎عيناه كانتا تراقبان صديقه بفضول ممزوج بالدهشة، مستغربًا من تلك الابتسامة غير المألوفة على وجه آزار الذي دائمًا ما يكون جادًا.

‎كريس بابتسامة عريضة: "آزار... آزار!" قالها بصوت عالٍ محاولًا إيقاظه من شروده.

‎آزار انتبه ببطء، عيناه تتحركان بتكاسل نحو كريس وكأن عقله لا يزال في عالم آخر: "ماذا؟"

‎كريس رفع حاجبيه بابتسامة ماكرة: "لماذا تبتسم؟ هل حدث شيء لم أعرف عنه؟"

‎آزار، الذي أدرك أخيرًا ابتسامته غير المقصودة، حاول أن يعود إلى جديته المعتادة،
‎فأعاد ظهره إلى الكرسي ونظر إلى كريس بتركيز: "أنا لا أبتسم، عمَّ تتحدث؟" قالها بنبرة هادئة وكأنه يحاول إخفاء ابتسامته السابقة.

‎كريس ضحك خفيفًا وهو يهز رأسه: "ماذا تعني بـ'لا أبتسم'؟ أنت تبتسم،
‎ أستطيع حتى رؤية أسنانك بالكامل، يا رجل!"

‎آزار، الذي لم يتمالك نفسه،
‎بدأ يضحك بصدق للمرة الأولى منذ وقت طويل، وتبدلت ملامحه الجادة إلى ملامح هزلية: "أغرب عن وجهي، لماذا تقف على رأسي؟"

‎كريس استمر بالضحك،
‎ورفع يديه وكأنه مستسلم: "حسنًا، حسنًا، سأتركك!" قالها وهو يتراجع بخطوات خفيفة ، ولكن لم يستطع كتم ضحكته.

فتاة الشرفة ✨Where stories live. Discover now