الثانى عشر

52 4 1
                                    

مواجهة غير متوقعة

"يا ريم القلب حدثيني عن أخبارك واطربيني .. حرصًا عليك أحبك في صمت، لكن هذا لا يمنع لهيبي واشتياقي وحنيني .. ".                                                 خرج يحمل لهفته إلى الصالون لمقابلة ليلى، لقد افتقدها بشدة، افتقد وجودها في المنزل، افتقد رؤيتها يوميًّا، اشتاق للحديث معها، وأيضًا كان يريد أن يطمئن على أحوالها، فهو تجنب التدخل في حياتها منذ زواجها، ربما كان يخشى أن يكون قد أساء إليها بإعطائها الأمل الكاذب وجعلها تتوهم السعادة فجبن من مواجهتها كي لا يرى الألم في عيونها واللهفة الأهم التي تجعل قلبه يرقص من الإثارة هي أنه قد يحصل منها على أي معلومة عن ريم ..
لكنه عندما وصل الصالون تخشب في مكانه، فهناك لم يجد ليلى كما كان يتوقع، بل وجد ريمًا، ريم بلحمها ودمها تجلس في صالونه، في منزله، أحلامه التي تعذبه تجسدت أمامه حية تتنفس، تنظر إليه بشوق يعادل شوقه، فكر أن يغادر فورًا ولكن نظرتها أوقفته، الآن بمقدوره حبسها هنا وحملها في قلبه إلى الأبد، سيحبها ويحميها ويدللها، سيجعلها ملكة قلبه المتوجة وطفلته الصغيرة المدللة، تمنى من الله أن يلهمه الصواب، فهو يتعذب ويعلم جيِّدًا أنه يعذبها، كم يتمنى مسح الألم من وجهها لكنها لا تعلم أن قربه مصدر أفظع للألم، قلبه هتف حبيبتي وسمع قلبها يجيبه لكنه استمر في الصمت، فالصمت الآن أبلغ من الكلمات..

                          **************
أخيرًا رأته وأشبعت عينيها من وجهه الوسيم، ولكنه كان مختلفًا عن سعد الأنيق الذي اعتادت رؤيته سابقًا، كان يرتدي جينز وتي شيرت أسود يلتصق بعضلاته القوية، وجهه مغطى تمامًا بلحية من الواضح أنه لم يحلقها منذ يوم الزفاف، لكنه مازال يمتلك تلك الجاذبية الآسرة التي تسلب عقلها .. سعد لم يعطِها يومًا أي أمل ولكنها كانت مقتنعة بأن الحب الكبير الذي تكنه له من أول نظرة يستحيل أن يكون من طرفها فقط، لا يمكن لقدر أن يكون بمثل تلك القسوة ليعذبها بحب عنيف لا أمل فيه، حبه كان قدرًا ومن يستطيع أن يحارب القدر ..
ومُسَّير لا مُخيَّر، واصل طريقه لداخل الصالون على الرغم من قراره السابق بالتراجع، بدون وعي مد لها كفًّا تبحث عن يدها، وهي مدت يدها للسلام ولكنها سحبتها سريعًا في خجل عندما شعرت به يضغط يدها بقوة،
سعد جلس إلى جوارها تمامًا حتى كاد أن يلمسها فتسللت رائحة عطرها الخفيف إلى أنفه وملأت كل خلاياه، سيتذكرها في المستقبل كلما يتذكر عطرها الشبيه برائحة الفواكه الاستوائية، هو جلس صامتًا واختار أقرب مكان إليها، لكنه لم يقوَ على النطق وهي بادرته بالقول وكأنها تداري جريمتها:

- أنا حضرت مع ليلى

فرك ذقنه الخشنة بكفه ثم قال في صوت ضعيف:  

- أنت مرحبًا بكِ هنا في أي وقت حتى بدون ليلى ..
أكملت حفظ ماء وجهها بكبرياء مصطنع، نعم هي تحبه ومستعدة للتوسل لكن فقط لو تتأكد من حبه، نعم ستتوسل إذا ما تأكدت من حبه ..

حارة جهنمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن