السادس عشر

48 5 0
                                    

حبك لعنة

البداية كانت عندما تلقى اتصالًا من سلمى تخبره أن ليلى خرجت بدون سائقها ..
هو كان قد تجاهل اتصالها مرات ومرات وفي المرة العاشرة حينما قرر الرد أخيرًا ليتخلص من إزعاجها بادرته بالقول:

- انتظر لحظات قبل أن تطلب مني إنهاء المكالمة فأنا سأنهيها بنفسي .. ولكنى أردت أن أبلغك أن حرمك المصون تختفي في الخارج لساعات بدون سائقها الخاص .. والله وحده يعلم إلى أين قد تذهب أو مَن تقابل ..
أجابها بغضب شديد:

- احفظي لسانك يا سلمى، وأحذرك من ذكر ليلى بالسوء في أي يوم من أيام حياتك وإلا ستندمين، أنتِ لم تري غضبي بعد.
- هل تهددني؟ كريم هل نسيت حبنا؟ ليلى وعائلتها أغنى منك بكثير وأنت مجرد نزوة لليلى وعندما تمل منك سوف تتركك، لكن أنا أحبك من كل قلبي وأريدك .. أنت كنت مجرد غطاء لليلى كي تداري انحلالها، إنها تستغلك يا كريم..

غيرتها تعميها وتجعلها تسيء إلى ليلى.. صرخ فيها بغضب هادر:

- أنتِ تخطيتِ الحدود يا سلمى، حذرتك من قبل من الإساءة لليلى، أنا إلى الآن أحترم صلة القرابة بيننا ولا أتصرف بطريقه لن تعجبك أبدًا.

ترجَّته بعجز:

- كريم أنا أعلم أنك تحبنى أنا .. لقد حاولت إقناع نفسي أنك تحبها لكني لم أقتنع .. انتظرتك كثيرًا لتعود إليَّ لكنك لم تعد ..
حاول ضبط أعصابه لأقصى درجة:

 - سلمى أنا لم أحبك مطلقًا ولم أعدكِ يومًا بشيء.
استعادت خبثها لتقول باستفزاز:

- إذًا ماذا تسمي ما حدث بيننا في غرفتك من قبل.
غضبه الآن عاتٍ ونيرانه ستحرق الأخضر واليابس:

- سلمى أنتِ تعلمين جيِّدًا حقيقة ما حدث يومها لكني مع ذلك سأذكرك .. أنتِ دخلتِ إلى غرفتي وأنا نائم بدون أن أسمح لكِ، بحجة أن خالتك طلبت منك إيقاظي، ثم بدون مقدمات ألقيتِ بنفسك علي وبدأتِ في تقبيلي وأنا مازلت نائمًا في فراشي.
قاطعته بصرخات هستيرية:

- يكفي هذا .. أنت حقير. 
أجابها بقسوة:

- لا يا سلمى أنا لست حقيرًا.. فلو كنت حقيرًا كما تقولين لكنت استغللتك يومها وفعلت ما أريد فأنتِ كنتِ تدعينني لاستغلالك أو ربما كنت فضحتك وأفشيت سرك، لكني لآخر لحظة أراعي صلة الدم بيننا .. لمصلحتك يا سلمى ابقي بعيدة عن ليلى.. فأنا لا أريد تدميرك لكنك تستفزينني كي أفعل ذلك.
صرخت بحقد:

- سأثبت لك أنها ليست أفضل مني وستندم على ارتباطك بها ..
"طفح الكيل" أنهى المكالمة بفظاظة:

- اعذرينى يا سلمى لا بدَّ وأن أنهي المكالمة فأنتِ تعطلينني عن العمل ..
أغلق هاتفه بغضب، سلمى سوف تسبب له ولليلى المشاكل .. حقدها يعميها  يجب أن يوقفها عند حدها ولكنه مكتوف الأيدي بسبب خالته وزوجها، سؤال اقتحم عقله، كيف علمت سلمى عن خروج ليلى بمفردها؟ سلمى أصبحت خطيرة على نفسها وعلى ليلى.
في طريق عودته للمنزل ابتاع لليلى باقة كبيرة من الزهور الحمراء المشتعلة وقرر إبلاغها عن سلمى، كي يحميها من بث سمها؛ فسلمى بدأت في التصرف كحيَّة سامة، هو غير مسؤول عن تصرفات سلمى في ذلك اليوم في غرفته، وأيضًا كان يثق أن ليلى لن تفضح سلمى، كان سيخبرها فقط لتفهم .. ليحمي علاقتهما من الشكوك، فهو لا يريد أن تصل واقعة غرفة نومه إلى ليلى بطريقة خاطئة، ليته أخبرها بالحقيقة عندما سألته عن سلمى من قبل لكنه لم يرد أن يتحدث بالسوء عن ابنة خالته، خصوصًا في شيء مضى واعتبره غير مهم.
عندما وصل المنزل اتجه للطابق العلوي مباشرة لغرفتهما، لقد افتقدها بشدة، ويرغب فيها لأقصى درجة، مجرد نظرة واحدة إليها تعيد جريان الدم في عروقه، أنه يدرك جيِّدًا أنه تعرف عليها منذ أن وقعت عيناه عليها في مكتبها، فهي من كانت تراوده في أحلامه لسنوات، رؤيته لشعرها الحريري الأسود يعانق الوشاح البرتقالي الذي كانت تربطه بأناقة حول عنقها أعطى تناقضًا صادمًا للون شعرها الحريري الداكن مع لون الوشاح الفاقع وجعله يريد أن يدفن أنفه فيه للأبد، تنشق عبير الورود بهيام، فهو يذكِّره برائحتها، شذى عطرها كأنه مستخرج من آلاف الزهور التي وهبت نفسها بطاعة لغجريته الجميلة، ولكنه ما إن وصل عند غرفة ريم حتى سمع صوت حبيبته قادم من هناك، لم يميز ما كانت تقوله بوضوح، اقترب من غرفة ريم ليصطحب ليلى إلى غرفتهما، إلى عش حبهمها وعالمهما الخاص .. ولكنه صدم عندما سمع ريم تقول: "كريم يحبك وسيسامحك، المهم أن تصلحي الغلطة بنفسك، لكن ما تفكرين فيه سوف يزيد الفجوة بينكما .. ستقضين تمامًا على ثقته الكاملة بكِ عندما يعلم أنك تعمدتِ خداعه، إخفاء ماضي مشين مثل ماضيكِ يا ليلى لن يطهره غير الاعتراف والندم، لا بدَّ وأن يرى الندم في عيونك بنفسه، أجيبيني بصراحة، لماذا أخفيتِ الماضي عن كريم؟".
باقة الورود سقطت من يده على الأرض تلقائيًّا، ودهسها بقدميه.

حارة جهنمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن