العاشر

65 6 0
                                    

ضمني إليك

أخيرًا فهمت المغزى عندما جمع شرشفه وحمله معهما عند مغادرتهما للفندق ثم أرسله مع سائقها إلى غرفته في فيلا علم الدين بعدما أوصلهما إلى المطار، وعندما لاحظ دهشتها أخبرها بكبرياء: 

- لا تخطئي فهم تحرري.. في بعض الأمور، أنا رجل شرقي من العصور الماضية، متخلف إذا جاز التعبير، لكنني فخور بذلك.

وهي فخورة بانتمائها إليه، وخصوصًا بشرقيته التي يتباهى بها، وبحبه وبتبعيته .. رجل حقيقي يشبع كل حواسها ويتركها مكتفية بحبه ..

طارا بعد الفطور مباشرة إلى إيطاليا، رحلتهما على الدرجة الأولى كانت مريحة ومثيرة خصوصًا بالنسبة لليلى فهي لأول مرة في حياتها تسافر بالطائرة، على الرغم من أموال سعد التي لا تنتهي إلا أنهم لم يسافروا مطلقًا خارج مصر أو حتى داخلها، حتى الأعمال التي كانت تتطلب السفر من سعد كان يوكل أحدًا من مساعديه للسفر وإنهائها، أربعتهم رفضوا السفر لا إراديًّا، التفسير الوحيد كان خوفهم الشديد من الفراق، غياب سعد السابق أرعبهم بدرجة شديدة جعلتهم يرفضون الفراق وسعد احتاج إليهم دائمًا بجواره، على العكس منها كريم كان مسترخيًا كأنه معتاد على السفر باستمرار مما جعلها تسأله بفضول:  

- كريم، هل سافرت إلى الخارج من قبل؟
تظاهر بالعد على أصابعها ثم أجابها ضاحكًا:   

- سافرت كثيرًا جدًّا، بصراحة لا أستطيع العد، ثم انفجر في الضحك وأكمل:

- حماتك سعاد هانم كانت تصر على أن نقضي عطلاتنا الصيفية خارج مصر كل عام مثل صديقاتها الأرستقراطيات، زرنا تركيا ودبي وباريس، لكن هذه أروع رحلة في حياتي لأنها مع حبيبتي ليلى..
قلبها خفق بعنف، كريم يحبها فعلًا، نظراته تفضحه، كلامه يلمس قلبها، لمسته تحرقها بجنون، صفى صوته وهمس قائلًا:

- ليلى أنا أحبك، ليتني أستطيع أن أصف لكِ ما أحمله في قلبي لكِ، لكن للأسف الكلمات تعجز عن الوصف، القدر جمعنا وجعلكِ تحتلين قلبي بالكامل، إن مِت الآن سأموت وأنا سعيد.

 يا الله نفس شعورها تمامًا..
عيناها اغرورقت بالدموع، ونهرته بشدة:  

- كريم إياك أن تقول ذلك.. فأنا سأموت بدونك.
مشاعرهما الجياشة قطعها صوت قائد الطائرة يعلن عن الاستعداد للهبوط،
انحنى بلطف ليساعدها في ربط حزام مقعدها، وأمسك يدها بقوة ربما لأنه شعر بخوفها من الهبوط، وجوده في حياتها نعمة من الله تعوض شقاء سنوات وسنوات على الرغم من مرح كريم الظاهر وخفة دمه إلا أنها كانت تعلم مقدار قوته، كان يظهر لها الحنان والدعم، يعاملها كأنها طفلته فيدللها كطفلة صغيرة، لكنها تعلم قوته الخفية التي يُخفيها جيِّدًا كي لا يُخيفها، هو يتحكم في المارد بداخله ويسيطر عليه لكن ليكن الله في عونها إذا ما سمح له بالتحرر، فسحقها وقتها لن يتطلب منه أكثر من اعتصارها بقبضته القوية.

حارة جهنمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن