مرايا الأنفُس

79 5 20
                                    

في ظلال المرايا تكشَّف الغدر العميق
خانَت رهف عهد الصداقة و الرفيق
تركت ياسمين وحيدة في ليل الخوف
و الظلام قد يحمل ندمًا لا يفيق

وسط الألوان المتغيرة و البيئة المشوهة، كانت رهف و ياسمين تحاولان التمسك بأي خيط يمكن أن يساعدهما في النجاة من هذا العالم الغامض، الصرخات البعيدة لسامر كانت تعذب روحيهما، تُذكرهما باستمرار بالخطر المحدق و بالمحنة التي يواجهها هو بمفرده.

بينما كانتا تتقدمان ببطء عبر هذا المكان المتغير، وجدت رهف نفسها تحدق في انعكاس ضبابي على الأرض المتشققة و كان يبدو كأنه صورة غير واضحة، لمحة من شيء مألوف و لكنه بعيد عن المتناول.

"انظري، هناك شيء هنا!" قالت رهف، مشيرة إلى البقعة الغامضة.

اقتربت ياسمين لتفحص ما تشير إليه رهف، و رأت انعكاسًا مشوشًا لما يبدو أنه وجه سامر، و لكن بجانبه كان هناك شيء آخر... شيء غير مفهوم، مزيج من الظلال و الضوء يتلاعب في الفراغ.

"ما هذا؟" همست ياسمين، قلبها ينبض بسرعة، و هي تحاول فك الشيفرة التي أمامها.

فجأة، ارتج المكان من حولهما، و كأن الزمان والمكان نفسهما قد اضطربا، و عاد الظل الغامض، يتجلى من قلب الفراغ و يقترب ببطء، كما لو كان ينسل من بين الطيات الزمان.

"هناك فرصة لإعادته، إن كنتما مستعدتين لمواجهة الحقيقة في أعماق أنفسكما"

تبادلت رهف و ياسمين نظرات حائرة، قبل أن يتابع الظل بصوتٍ أشبه بالهمس: "اللغز التالي لغز مخفي، لغز يتطلب منكما النظر بعمق في المرايا، ليس فقط لرؤية انعكاسكما، بل لرؤية ما يتجاوز السطح"

"المرايا؟" سألت رهف، و هي تشعر بالخوف و الغموض يتسلل إلى عقلها.

"نعم، المرايا التي تعكس ما هو مخفي في أعماق النفوس، و التي تكشف عن الوجوه التي نخفيها حتى عن أنفسنا، عليكم أن تتبعوا المرايا، فكل مرآة ستكشف لكما جزءًا من الحقيقة... لكن تذكرا، ما تريانَه قد لا يكون ما تتوقعانه"

صمت الظل لبرهة، ثم تابع: "لكن، احذرا... المرايا ليست بوابات عادية، إنها تتلاعب بالواقع، تأسر الأرواح التي تتجرأ على النظر بعمق دون أن تكون مستعدة لما قد تراه"

بدأت الأرض حولهما تتغير ببطء، و ظهرت مرايا متلألئة في الهواء، تعكس مشاهد مشوهة لأماكن و أشخاص غير واضحين. كانت المرايا تتوزع في كل اتجاه، كل واحدة منها تحمل غموضًا أكبر من التي تسبقها.

"ما الذي ينبغي علينا فعله؟" سألت ياسمين بتردد.

"اختيار المرآة الصحيحة هو المفتاح، و لكن تذكروا... كل اختيار له عواقب، هناك مرايا ستقودكما أقرب إلى الحقيقة، و أخرى قد توقعكما في فخاخ الظلال" قال الظل و هو يتلاشى ببطء، تاركًا الفتاتين في مواجهة مع المرايا المتلألئة.

العِطرُ الأزرقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن