سرابُ الأوهام

41 3 7
                                    


بين الظلالِ و ضحكةٍ مسمومةٍ
تسيرُ روحُك في دُجىً و سرابا
و كيفَ أنقلبَتْ الوجوهُ بلحظةٍ
و كلُّ شيءٍ صارَ وهماً كِذابا

"مستحيل..." همس سامر بصوتٍ مبحوح "كيف...؟"

وقف تيام و رهف خلفه، مذهولين تمامًا بما يحدث و عيناهما مفتوحتان على مصراعيهما و هما يشاهدان المشهد ببطء مرعب، رهف وضعت يدها على فمها، عاجزة عن الكلام، بينما تيام ظلّ صامتًا، عاجزًا عن الحركة.

ياسمين سقطت بين يدي سامر، الذي بدأ يفقد السيطرة على أنفاسه، الدماء بدأت تتسرب من جسدها، و ملأت يديه، لم يكن يستطيع أن يفهم كيف تغير كل شيء بهذه السرعة فقد كان متأكدًا قبل لحظات أنه يواجه نسخة، لكن كيف أصبحت ياسمين؟

تردد سامر في الحديث، و بدأت أفكار تتسرب إلى ذهنه "هل كانت دائمًا ياسمين؟ أم أن هناك شيئًا آخر يلعب بعقلي؟" تراجع خطوة إلى الوراء، بينما ظلّ يُمسك بجسد ياسمين بين يديه.

صوت أنفاسها الأخيرة كان يتلاشى ببطء، و صدى الضحكات المخيفة التي سمعها من قبل بدأ يعود، أكثر وضوحًا و أكثر إرباكًا.

في تلك اللحظة، رأى تيام يتقدم نحوه ببطء، ناظرًا إلى ياسمين الملقاة بين يديه "ماذا فعلت يا سامر؟" سأل بصوت مليء بالغضب و الصدمة.

رهف لم تحتمل المشهد أكثر، بدأت في البكاء بصوتٍ خافت و هي تبتعد قليلاً، كانت تعرف أن هناك شيئًا خاطئًا، لكن ما حدث تجاوز كل حدود الأدراك.

سامر لم يستطع الرد، كان يشعر بثقل رهيب في صدره، و كأن العالم حوله بدأ ينهار، ليس فقط من الأنهيار المادي، بل من الدمار النفسي، هل كانت هذه هي الحقيقة؟ أم كان كل هذا جزءًا من لعبة أكبر، لغز يختبره؟

ظل صامتًا، تُحدق عيناه في الجثة التي بين يديه، بينما الضحكات حوله تزداد، و كأنها تهُز كيانه من الداخل، و شيء خفي يراقب عن قرب.

سامر كان لا يزال يقف متجمداً من هولِ الموقف، عينيه متسعتين و يداه مغطاة بدماء ياسمين و في لحظة واحدة، و بدون أي سابق إنذار، بدأ تيام و رهف يتلاشيان أمامه ببطء، كأنهما تحولا إلى غبار يذروه الرياح.

سامر حاول التحدث، لكن الكلمات أختنقت في حلقه، لم يستطع فهم ما يحدث لقد كانوا هنا، كانوا حقيقيين قبل لحظات، لكن الآن أصبحوا أشباحاً، غباراً، شيئاً لم يعد له وجود.

بقي للحظة مشلولاً من الصدمة، ثم وجه نظره مرة أخرى نحو الجثة الملقاة بين يديه، كانت ياسمين، أو هكذا كان يعتقد و لكن ما رآه جعله يتراجع سريعاً، قلبه يخفق بجنون.

وجه الجثة لم يعد وجه ياسمين، لقد تحول إلى وجهه هو، لكن بشكلٍ مشوه و مرعب، عظام وجنتي النسخة بارزة بشدة، الجلد شاحب و كأن الحياة قد نُزِعَت منه، و عيناه فارغتان و جافتان، لدرجة أن عظام تجويف عينيها كانت ظاهرة بوضوح، الضحكة المخيفة التي صدرت من النسخة كانت لا تحتمل، و كأنها جائت من أعماق الظلام ذاته، تخترق عقله و تزرع فيه رعبًا لم يشعُر به من قبل.

العِطرُ الأزرقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن