أنعكاسات الخداع

47 5 24
                                    

بين المرايا يختلطُ الدمعُ بالوجدانِ
و رائحة الخيانة تنسابُ كالسريانِ
خلف كل زيفٍ يلوحُ الأملُ ضائعاً
كأننا نسعى في متاهاتٍ بلا عنوانِ

أثناء ركض رهف نحو المرآة، كانت تعلم تمامًا ما الذي ستفعله، قلبها ينبض بشدة و لكن عقلها كان يقظًا.

بخطوات سريعة، عبرت رهف الحدود بين العالمين، و شعرت بالبرد يجتاح جسدها بمجرد دخولها و لكنها تماسكت.

حينها رأت سامر جالسًا علي صخرةٍ كبيرة و وجهه ملئ بالحزن فنادت عليه "سامر! سامر!" نظر إليها سامر و فرحَ فرحًا شديدًا ركضت إليه بلهفةٍ رهف و نظرت إليه، وجهها يحمل مزيجًا من الحزن و التصميم.

"رهف، أين كنتوا؟ و أين ياسمين؟" قال سامر، و عيناه تبحثان عن تفسير لما حدث.

نظرت إليه بعمق و قالت ببطء: "سامر، كان علينا الاختيار... العطر أعطانا خيارًا بين أن ننجو بأنفسنا أو أن ننقذك، ياسمين أختارت نفسها لكن، أنا لم أستطع... كنتُ مترددة، و لكنها لم تتردد"

تجمد سامر، و كأن العالم من حوله توقف للحظة، عيناه تحجرتا و لم يُصدق ما سمع. "ياسمين... اختارت نفسها؟" تمتم بالكلمات و كأنها لا تدخل عقله.

رهف أكملت بنبرة تخفي خبثًا وراء الندم الظاهري: "نعم سامر، حاولت منعها... حاولت إقناعها... لكنها كانت مصممة، قالت إنها لا تستطيع الاستمرار بهذا العذاب"

وجه سامر تحول من الصدمة إلى الألم و يداه ارتجفتا و هو يحاول فهم الأمر "كنت أظن أنها ستظل معي حتى النهاية... كنت أظن أننا جميعًا سنتعاون للخروج من هذا الجحيم... كيف يمكن أن تختار نفسها؟"

في داخله، كان سامر يشعر بثقل الخيانة، ياسمين التي ظن أنها ستكون دائمًا إلى جانبه، الآن أصبحت بالنسبة له جزءًا من الألم الذي يعيش فيه، كانت دموعه على وشك السقوط، و لكنه تمسك، محاولًا عدم إظهار ضعفه.

"رهف..." همس سامر و هو ينظر إليها بتلك النظرة التي تجمع بين اليأس ووالانكسار، "لماذا أخبرتيني بهذا؟"

رهف، بخبث متقن، تقدمت نحوه بخطوات بطيئة، و وضعت يدها على كتفه و قالت بصوت هادئ: "لأنك تستحق أن تعرف الحقيقة سامر، أنا هنا من أجلك، أنا لن أتركك وحدك مثلما فعلت هي"

سامر نظر إلى رهف، و كأن كلماته لم تعد تخرج من فمه، لكنه لم يكن يعلم أن رهف قد زرعت فيه الآن بذرة الخيانة و الخداع، لتضمن أن يظل معها، في هذا العالم المظلم، إلى الأبد.

جلس سامر على الأرض، منهكًا، و الهمسات في رأسه لا تهدأ، تتردد كأنها أصداء بعيدة تحثه على الشك في كل شيء.

"ياسمين، أين أنتِ؟ لماذا تركتني؟" همس سامر، و دموعه تتلألأ في عينيه.

كانت رهف تراقب من بعيد، تعرف أن سامر يعيش في حالة من الحزن العميق، و قررت استغلال الفرصة، اقتربت منه ببطء، متظاهرة بالتعاطف، و وضعت يدها على كتفه.

العِطرُ الأزرقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن