يارميدا

84 8 37
                                    

الأسرارُ في أعماقِها تتلألأ كالألماس و الألغازُ تتراقصُ كالأوراق
في أرضٍ تعُج بالأسرارِ حيثُ يُكتشف الغموض في طيّ الأفاق
فوجِئوا بالأسرار قد حاكتها الأساطير
و قُبضوا في قبضةٍ تحكُمها القوانينُ و الأغلالُ
العطر الأزرق يروي حكايةً في الخفاء
و إذا بها تُشرق من بين الغياهبّ في دُجى الليل تلالُ

كان سامر و رهف يتجولان بين الأشجار الكثيفة يتنفسان هواءً غريبًا يمزج بين الرطوبة و غموض المكان،كانوا يستريحون قليلا قبل أن يأتيهم اللغز التالي فقد كان هذا اللغز مليئًا بالصعاب و الأحداث الصعبة و التي أكبرها فقد ياسمين.

لم يكونا يعرفان أن هذا المكان ليس مجرد غابة غريبة مليئة بالأرواح الشريرة ، بل هو قلب مملكة مخفية، مملكة يسكُنها شعب مختلف، شعب لا يعرف شيئًا غير القوانين و طاعة الحاكم شعب "يارميدا".

لم يكن شعب يارميدا كبقية الشعوب فكانوا أناسُ مندمجة مع الطبيعة، خُلقت أرواحهم من الأرض و الهواء، لا يُظهرون أنفسهم للغرباء، و لا يقبلون دخولهم في عالمهم.

لكل فرد منهم روحُ و نفسُ تنبض مع الطبيعة، تقاليدهم تعود إلى مئات السنين، و قوانينهم صارمة، لا مكان فيها لأي تسامح أو تهاون، من بين أكثر قوانينهم قداسة الزواج.

الزواج بالنسبة لليارميدا ليس مجرد أرتباط، بل هو رباط روحي يعزز نقاء سلالتهم و لا يُسمح لأي غريب بالزواج من أفراد قبيلتهم، و يُعد أي غريب يدخل مملكتهم خطراً على نقاء تلك السلالة، و خطراً على أستقرارهم.

بينما كان سامر و رهف يسيران، يتحدثان في همسات عن اللغز الذي ينتظرهما كيف سيكون و ماذا سيحدث فيه، لم يكونا يدركان أن هناك عيونًا تتابعهما في صمت.

جاسوس من قبيلة يارميدا، واحدًا من أكثرهم دهاءً و حِنكة، كان يتبع خطواتهما منذ لحظة دخول سامر حتي قدوم رهف هذا العالم، تحركه كان أشبه بتحرك الظل، لا صوت له، ولا أثر.

تعلّم منذ صغره فنون التخفي، كيف يذوب في الخلفية حتى يصبح جزءًا من الطبيعة نفسها،كان يُعدّ ليقوم بكل العمليات الخطيرة في الغابة، كان يتحرك بين الأشجار بصمت، عينيه تتنقلان بين سامر و رهف، يدرس تحركاتهما، يحلل نواياهما، دون أن يشعران بوجوده.

كلما تحدث سامر بصوت خافت إلى رهف، كلما أنحنى نحوها ليهمس بأفكاره، كان الجاسوس هناك، مختبئًا خلف جذع شجرة ضخمة ينصت لهمسهما عندما توقفت رهف لتتأمل المكان، تتساءل إن كان هناك أحد يراقبها كان الجاسوس يختفي في اللحظة المناسبة.

يتوارى عن أنظارها كما لو كان طيفًا في الهواء. لقد تعلم الجاسوس منذ سنوات طويلة أن أي أنكشاف و لو للحظة واحدة قد يعني نهايته فالعقاب في قبيلتهم صارم.
و في لحظة صمت، أختفى الجاسوس تمامًا كما ظهر، و عاد إلى مملكته، ليخبر الملك "تيّام" بالغرباء الذين تجرأوا على دخول عالمهم و في تلك اللحظة، لم يكن سامر و رهف يعلمان أن أيامهما الهادئة أنتهت.

العِطرُ الأزرقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن