العِطرُ الأزرق

خطوات نحو السر

يا للغزٍ قد حاكهُ الزمان
في مملكةٍ تُسكِتُ الأنهارَ و المكان
عينٌ تترقبُ خلفَ السكون
و ما لا يُرى هو سرُّ الفنون

كانت عيون سامر تتحرك ببطء بين ملامح ياسمين، و كأنه يحاول أن يجد طريقة للخروج من هذا المأزق العصيب.

قال سامر بصوت هادئ: "ياسمين، علينا أن نتظاهر بأننا تقبلنا الأمر. لا أريدهم أن يشعروا أننا نخطط لشيء، فقط حتى تحين اللحظة المناسبة"

أومأت ياسمين برأسها، و تبسمت قليلاً رغم الألم الذي تشعر به، كانت تُدرك أن سامر لم يستسلم حقًا، لكنها كانت تخشى العواقب إذا ما أكتشف تيام حقيقتهما، و في تلك اللحظة، لم يكونا يعلمان أن هناك عيونًا خفية تراقبهم، جندي الملك تيام الذي وكلهُ بأن ينقل له جميع تحركات سامر لأنه كان يعلم أنه شديد الذكاء كان يتصنت عليهما من خلف الجدران، يسمع كل كلمة قالوها، و مستعد لنقل كل ما يحدث إلى سيده.

بعد قليل، جاء يوسف، أحد كبار مستشاري تيام، ليستدعيهم إلى القاعة الكبرى هناك، كان الملك تيام ينتظرهم، و عيناه الباردتان تراقبان كل حركة يقومون بها، عندما وقفوا أمامه، أشار بيده ليوسف ليبدأ بالحديث.

بدأ يوسف في شرح اللغز الأول، بصوتٍ عميق و غامض "في معركة العطر الأزرق، كانت مملكتنا من بين الحضارات القليلة التي لم تسقط في فخ الطمع، بينما كانت الممالك الأخرى تتقاتل على السيطرة، قررنا التصرف بحكمة و الأبتعاد عن الصراع المباشر، أخترنا أن نحمي أنفسنا عبر بناء شبكة سرية من الأنفاق تحت الأرض، و وضعنا ألغازًا معقدة لحماية أسرارنا، فقط من يستطيع حل هذه الألغاز سيكون قادرًا على الوصول إلى القوة التي أخفيناها"

وقف تميم للحظة، و أبتسم أبتسامة صغيرة مليئة بالغموض قبل أن يضيف: "اللغز الأول يتعلق بالزمن، يقول النص القديم: عندما تتوقف الأنهار عن الجريان و يصبح الليل بلا نجوم، عندها سيفتح الباب الأول، إنه تلميح إلى دورة زمنية معينة، عندما تتماشى بعض العوامل الطبيعية مع بعضها"

صمت يوسف قليلاً، و تركهم يتأملون في كلمات اللغز، كانت العبارات غامضة، مليئة بالألغاز الخفية التي لا يسهُل فكها، أخذ سامر يُحدق في رهف و ياسمين، ثم نظر إلى الأرض بحيرةٍ شديدة، لم يكن هناك تفسير واضح لما يعنيه توقف الأنهار عن الجريان أو كيف يمكن أن يكون الليل بلا نجوم.

تحدث سامر أخيرًا قائلاً: "هذا يشير إلى شيء غير طبيعي، الزمن هنا لا يسير كالمعتاد لكن، كيف نعرف متى تتوقف الأنهار عن الجريان؟ و كيف يصبح الليل بلا نجوم؟"

ردت رهف بتساؤل: "ربما يتعلق الأمر بتغيرات في الطبيعة... لكن كيف يمكننا أن نعرف؟"

كانت ياسمين أكثر توترًا، إذ قالت: "ما يربط كل هذا يبدو غريبًا جدًا، هل يتطلب الأمر منا الأنتظار حتى يحدث شيء غير عادي في الطبيعة؟"