لم يكُن في الحُسبان

56 4 23
                                    

يا ليلُ كَم مِن سِرٍ طواهُ زمانُ
تَخفّى وراءَ ضَبابِه الكَتمانُ
و ها قد بَدا كَالسهمِ يُمزّقُ هُدوءَنا
فَكيفَ نَنجو و الرُوحُ خَانَها الأمانُ؟

عندما دخلت ياسمين القاعة، كانت الصدمة تعتلي ملامح سامر و رهف لم يكن أحد منهما يتوقع أن يروها هنا، بهذا الموقف، و بهذه الطريقة، رهف كانت تقف بجوار سامر، ترتجف داخليًا من الخوف مما قد يحدث الآن، كانت تخشى أن تفصح ياسمين عن سرها و عن ما فعلته بها، و أن تكشِفَ شيئًا قد يقلب الموازينَ رأسًا علي عقِب.

سامر كان يُحدق بياسمين مذهولًا، كيف يمكن أن تكون ياسمين، الفتاة التي يعرفها منذ سنوات، هي الأميرة المنتظرة لشعب يارميدا؟ تساؤلاتٍ كثيرة بدأت تتصارع في ذهنه"كيف وصلت ياسمين إلى هنا؟ و ما الذي حدث لها؟"

تسائل سامر بنبرةٍ غير مُصدِّقة: "ياسمين؟ كيف وصلت إلى هنا؟ و ما هذا الذي أسمعه عن أنك أميرة يارميدا؟"

رفعت ياسمين عينيها إلى سامر، و عينها كانت تملؤها مشاعر معقدة من الألم و الأرتباك "سامر..." بدأت بصوت خافت و حزين، و كأنها كانت تحمِلُ عبئًا ثقيلًا عليها لسنوات، "لا أستطيع أن أشرح كل شيء الآن، لكن الأمور أكثر تعقيدًا مما يبدو"

تابعت ياسمين حديثها و هي تحاول أن تشرح: "بعد آخر مرة رأيتكم فيها من خِلال المرآة، كنت في حالة أضطراب، عندما رأيُتك، سامر، تهتم برهف بينما كانت مصابة، شعرتُ بضعفٍ لم أكن قادرةً على تحمُلهِ، لم أتمكن من البقاء هناك... أُغشي عليّ، و لم أستطع الصمود و أستيقظت وجدتُ نفسي هُنا"

سامر ظل مستمعًا، و كانت الصدمة واضحة على وجهه، لكنه كان ينتظر أن يسمع أكثر "ثم ماذا حدث؟ كيف وصلتِ إلى هنا؟"

هنا، قبل أن تواصل ياسمين حديثها، قاطع الملك تيام الكلام بصوتٍ جادٍ و قوي: "ياسمين ليست كما كنت تظُن سامر، هي جزء من أسطورة قديمة تتعلق بالعطر الأزرق"

ألتفت الجميع نحو تيام، الذي أستقام على عرشه، و ملامحه غارقةً في الجدية"ياسمين ليست مجرد فتاة عادية هي أميرة يارميدا، الفتاة التي حمِلت دماءً تحمِلُ سر العطر الأزرق، منذ آلاف السنين، عندما نشبت الحرب الكبرى بسبب العطر، كانت هناك أسطورة تقول إن دماء أميرة يارميدا تحمِلُ مُفتاحًا للقوة العظمى المخفية في العطر و التي يمكنها إشعالها أو إخمادها، و الجميع كان يسعى للسيطرةِ عليها، لكن العطر ذاته خشي أن يتم أستغلاله"

أستمر تيام في سرد الحكاية، بصوتٍ عميق ينُمّ عن هيبة ما يقوله: "في خضم الحرب، تم أختطاف ياسمين من قِبَّلِ جماعةٍ ظلامية كانت تسعى لأستخدام دمائها لكشف أسرار العطر و السيطرة على العالم، العطر، بذكائه الذي لا يفهمه أحد، تدخل في اللحظة الأخيرة ليحمي نفسه، عندما دخل أفراد الجماعة الغرفة ليأخذوا ياسمين، كانت فاقدةَ للوعي، لكن حدث أمر غير متوقع..."

العِطرُ الأزرقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن