تفاجئ

0 0 0
                                    

حين كان سيف كعادته أمام التلفاز، دخلت صفاء الغرفة دون ان تطرق الباب و بيديها تتوسط كومة من الفشار

" اهلا "

جلست صفاء جنبه دون مقدمات، لقد كانت ملتصقة بشكل فظيع، و هذا ما أثار استغراب آدم حقا

سيف لم ينهرها بقسوة، لقد كان متسامحا اغلب الأحيان و هو يحادثها بلذاعة مرات يرتد حين ينظر لوجهها و هو يدعي الصلابة و القوة، في حين ان عيونها تعود لتترقرق و تبدأ جلسة من الانهيارات في غرفتها

لكنه بعادته غير مكترث..

لذا.. وصل لنقطة انها حقا حساسة كالأطفال، فليكف بذلك عن مشاجرتها

حين سرق النظر لها وهي تاكل الفشار و جالسة جنبه، تتأمل محتويات و تفاصيل مكتبه، أو حتى ما يحتويه رفه من كتب، لقد كانت هادئة بشكل تعجيزي، وفي حين آخر، دائما إطلالتها صاخبة

لم تستطع الدوام على الصمت و هي تنظر له، تشارك بذلك احد خواطرها

" قبل سبع سنوات كنت ارغب بقص شعري "

نظر لها للحظة و هو يتوقف عن طرق ازرار حاسوبه ليحثها على اكمال قولها بقوله

" لكن تم قول لا ؟ "

نظرت له للحظة و هي تدخل الفشار لفمها

" كنت متأثرة وقتها بمسلسل كوري كانت موضوعة اكشن عن فتاة دخلت للمافيا، كان شعرها طويل، وقصته بعد سنين و هي تعمل على الانتقام، الشعر القصير رائع "

رد عليها بهدوء

" لما لا تقصينه الآن ؟ "

كان الحديث معها عن اشياء سخيفة و عفوية و غير رسمية او حتى نموذجية امرا مريحا، لقد كان لها موقف شاعري و محب للكل، حتى حين تحدثوا مرة عن فيلم وثائقي تاريخي، اخبرته انها بصغرها كانت ترى ان عدوة فلان تعشق نفس الفلان الذي قبل قتل اخوها

جديا، كان الأمر مبهرا بالنسبة له

اخرجته من تفكيره و هي ترد

" لقد تم اقناعي ان الشعر الطويل هو الأفضل بالنسبة لشكلي السمين "

نظر لها من الفوق حتى الأسفل، كان الأمر موترا بطريقة مخجلة على سؤاله لها حتى أجاب

" لا اظنك سمينة، انت فقط ممتلئة قليلا مع بنية طويلة، هذا يجعلك شخص ضخما بشكل صغير، لكنك تحتوين على منحنيات جيدة "

تقسم لحظتها ان وجهها اراد ان ينفجر، لكنها اكملت و هي تضع الفشار فوق المكتب،تمتنع عن الأكل و هي مركزة بالحديث

" ارغب بخسارة عشرين كيلوا غرام و قص شعري، سأكون بنفس البنية التي يمتلكها الكوريين "

خرج من فم سيف تأوه صغير مدرك، حتى علق و هو يكمل عمله على الحاسوب

" الجانب السيء من تأثير المسلسلات على المراهقين "

" لست مراهقة.. سأتم الواحد و العشرين قريبا "

نظر لها للحظة حتى قال

" لا اصدق انني اعرفك منذ ثلاث سنوات.. لكنني لا ازال ارى ان المراهقة تنتهي مع بداية الثلاثينات، لكنك ستبقين جميلة حتى بالشعر القصير "

صمت للحظة و هي تتأمل الطاولة ببلاهة سعيدة حتى قال

" قرطك جميل "

ابتسمت بتفاجئ، لم تكن تدري انه لاحظ ذلك حتى اكمل وسط دهشتها

" انه يذكرني بقرطي "

هاته المرة هي المتفاجئة، لكن دون ابتسامة

وجدت نفسها تقف بسرعة و بدأت بأخذ اذنه و تقليبها، حتى وجدت ان واحدة مثقوبة و الاخرى لا

بدأت تصرخ

" جديا !!!"

لم تكن تدري صفاء ان لمسها لاذنه بشكل مفاجئ سيخلق به كل ذلك التوتر حتى يستقيم بسرعة كما فعلت و يبتعد

" لم أعلم أن قصة القرط قد تفاجئك "

تجاهلت صفاء قوله و ركزت على القصة التي لم تعلمها اصلا

" كيف، و متى، و ماذا جرى للقرط الشبيه بـ خاصتي "

كان فضولها مترقبا جدا بشكل مزعج، فاستسلم

" لقد حدث هذا حين كنت صغيرا، وقعت من الدراجة، و تشوهت اذني في سلك حديدي، وقتها كنت مهووسا بالاتزان، ان تم لمس طرف اصبعي يجب على طرف الاصبع الاخر ان يلمس، ففعلت بأذني و ثقبتها لتتوازن مع الاخرى، الا انني لم احسب حساب ان الاولى ستعود كما كانت و الاخرى لا"

صمت، فاصرت صفاء مكملة

" و القرط ؟ "

زفر و هو يجيب

" لقد اعجب طفلة من اقاربنا، و كانت ملتصقة.. مثلك، فأعطيته لها حتى تذهب عني و تتركني اكمل العمل "

صمت لبرهة حتى اكمل

" لو كنت اعلم لوضعت آخر لأعطيه لك و تتركينني أنهي بذلك عملي "

ضحكت صفاء بقوة و هي تجلس جنبه تكمل اكل فشارها و تناديه ان يضع لهما أي فيلم كرتوني بدل كل هاته الملفات المملة    

كَــــدرٌ الــوِجّدانOù les histoires vivent. Découvrez maintenant