2- يوماً ما ! ༚✧

60 2 3
                                    


-كنت أتمنى أن أكون من المصلين، وكنت أعلم أن حياتي ستصبح أكثر سعادة وسكينة لو إنني أصلي ،
وقد أخبرني كثير ممن لا يصلون بالأمر نفسه .. أخبرني أحدهم أن حياته ينقصها فقط أن يصلي،
وأخبرني آخر أنه يشعر أن الكثير من أموره ستستقيم له بالصلاة، مع ذلك لم نكن نصلي . . أمر
عجيب !! كيف لنا أن نعلم سبيل للسعادة والطمأنينة ونصر أن نغفله،
لماذا نتجاهل الصلاة مع علمنا إنها مصدر السكينة والراحة، ما السبب إننا الى الآن لسنا من المصلين ؟؟
بحثت عن الأسباب ووقفت عند أهمها، وهو إنني كنت أعيش في عالم صنعته لنفسي يسمى "يوماً ما"
وأكثر الذين لا يصلون يعيشون داخل هذا العالم . .
في هذا العالم نحن ننتظر أمرا من السماء حتى تستقيم حياتنا، نعتقد أن حالنا سيتبدل في "يوما ما"
وسنصبح من المصلين، كلما ثارت نفسي كنت أطمئنها .. يوما ما سأصلي الفجر . . سيأتي يوما ما
أحافظ فيه على كل الصلوات في المسجد رمضان القادم سيكون بدايتي مع الصلاة . . يوماً ما ستكون حياتي كما أريد . . يوماً ما . . يوماً ما . . يوماً ما !!
وفي عالم "يوماً ما" اللغة الرسمية هي الأعذار، أعذار تبرر لي لماذا لا أصلي: فطبيعة عملي لا تسمح لي بصلاة الفجر . . إنني أعمل لساعات طويلة وأكون مرهقاً . . لو فاتتني صلاة واحدة أشعر بالإحباط ولا أصلي . . إني لا استطيع الخشوع . . وهكذا مئات الأعذار التي تعزلني عن الصلاة . . وأعذار أخرى تبرر لي لماذا يحافظ البعض على الصلاة، فتحدثني نفسي أن لديهم تركيبة بيولوجية خاصة وأن الله تعالى منحهم قدرات مميزة و"يوماً ما" سيمنحني هذه القدرات وأكون مثلهم.
كنت دائماً أستثني نفسي من هؤلاء وأعتقدت أن حفاظهم على الصلاة هو أمر مسلم به، يفعلونه دون مجهود، أما أنا فلا بد لي من مقاومة ومجاهدة حتى أصلي ، فكنت أنتظر ذلك اليوم الذي يتغير فيه حالي بين ليلة وضحاها وأصبح مثلهم، ولكن هذا اليوم لم يأتي !! مكثت طويلاً في عالم "يوماً ما" حتى تسائلت: إن الصلاة أول ما نحاسب عليه يوم القيامة.
فلو كان الحفاظ عليها - كما أظن - هو أمر إلهي يؤتيه الله من يشاء ولا يؤتيه من يشاء، فلماذا إذن الثوب والعقاب بشأنها، وأين العدل الإلهي إذا كان هؤلاء المصلين يتلقون دعماً سماوياً بينما لا أتلقى أنا هذا الدعم ؟؟
أيقنت أن هذا اليوم " يوما ما" لن يأتي أبداً ولو كنت أنتظر حتى تصبح الأمور مثالية تماماً كي أحافظ على الصلاة، فسيأتي أجلي وأنا مازلت منتظراً وقد مضى عمري وفي صحيفتي ركعيات قليلة، تلك الصورة التي كانت دائماً تزعجني .. علمت إنني إذا أردت أن أنضم لهؤلاء المصلين فلابد أولاً أن أخرج من عالم "يوماً ما" وألا أنتظر هذا اليوم الذي لن يأتي أبداً بل أصنعه أنا .
أعلم أن الأمر ثقيلاً في بدايته، ولكن بداية الطريق هي أن نطرد فكرة "يوماً ما" من ذهننا ونعلم أن الأمر يعتمد علينا كلياً، وجودنا داخل عالم "يوماً ما"يعني أننا في الإتجاه الخاطيء، إتجاه الأعذار التي لا نهاية لها ولا فائدة للسير في هذا الإتجاه، فالخروج من عالم "يوماً ما" هو البداية للسير في طريق الحفاظ على الصلاة والتمتع بحياة أكثر سعادة وسكينة، بدلاً من أن نشغل ذهننا بإختلاق الأعذار حتى لا نصلي، فالأفضل أن نشغل ذهننا بإختلاق عوامل تعيننا على الصلاة، وهذا هو الغرض من هذا الكتاب .
عدم الصلاة . . يظن الكثير أن عدم أداء المهام المطلوب إنهائها هو راحة، فيفضل البعض
"عدم الصلاة" على "أداء الصلاة" ظناً منهم أن
"عدم الصلاة" يجلب الراحة حتى وصلوا إلى حالة إدمان اللافعل . . لكن الحقيقة أن المجهود النفسي المبذول لـ(عدم الصلاة) يعادل أو يكاد يكون أكبر من المجهود البدني المبذول لـ(أداء الصلاة) . . بل أن
"أداء الصلاة" يدخل في دائرة الأنشطة التي تجلب السعادة بمجرد الإنتهاء منها بينما تبعات
"عدم الصلاة" تجلب الضيق وتحقير الذات .
إتباع نفس النمط "نمط يوماً ما" الذي باعد بيننا وبين الحفاظ على الصلاة لن يؤدي بنا الى نتائج مختلفة . .
هل رأيت ذبابة محبوسة في غرفة مظلمة ؟ ربما
لاحظت كم هي مستائة من بقائها داخل تلك الغرفة
وأن لديها الحافز القوي للخروج الى النور ولكنها تندفع الى النافذة وتضرب الزجاج بجسمها مرة بعد مرة وقد يستمر هذا لساعات دون جدوى،. ربما تستهلك هذه الذبابة عمرها كله وفي النهاية لن تستطيع الخروج الى النور عبر نافذة مغلقة . .
نعم هي مستائة من وضعها الحالي ولديها الدافع للخروج الى النور ولكنها تسلك الطريق الخطأ وتتبع النمط الخطأ . . كذلك أنا وأنت لن نستطيع الحفاظ على الصلاة بإتباع نمط "يوماً ما" ونمط الأعذار التي لا تنتهي ويجب علينا أن نتبع طرق أخرى للخروج الى النور، لا مزيد من الأعذار ، أنت قمت مئات المرات بأعمال اشق عليك من الصلاة، وكنت في أسوأ حالاتك الذهنية والجسدية ،
هذا الشيخ الذي بلغ الثمانين ليس لديه قدرات خاصة، بل هو في حالة جسدية وذهنية أقل مني ومنك بكثير ومع ذلك يحافظ على الصلاة . .
هذا الرجل الذي يحافظ على صلاة الفجر لسنوات يحصل على قدر من النوم أقل مني ومنك ومع ذلك لا تفوته صلاة الفجر . . إذن لا مزيد من الأعذار . .
بداية الطريق هي الإعتراف أنك تستطيع أن تحافظ على الصلاة أيا كانت الظروف واليقين بأن المصلين ليس لديهم قدرات خاصة، وفي هذا الطريق ستتعلم مجموعة من المهارات أو الأسرار التي جمعتها من خلال حديثي مع هؤلاء الذين قلما فاتتهم صلاة .
أسأل الله عز وجل أن تنضم لهم،
فالحياة مع الصلاة حياة مختلفة تماماً وليست كما
تبدو، بل فيها بعض المشاعر التي يعجز وصفها .

              ⸰.🌸⸰.⸰.🤍⸰.⸰.🌸⸰.⸰.🤍⸰.⸰.

فاتتني صلاة !! لـ (( إسلام جمال))حيث تعيش القصص. اكتشف الآن