- ماذا لو أن الشخص المسؤول عن المكان الذي تعمل فيه، مالكه أو مديره، هو شخص شديد القرابة منك، بل ويحبك حب شديد، لك عنده معزة خاصة، وجاء أحد العاملين أو الموظفين في هذا المكان ووجه إليك تهديداً من نوع ما، مثلاً أنه سوف يعزلك عن عملك . .
إن قابلت هذا التهديد بإبتسامة سخرية فلن يلومك أحد، فمالك هذا المكان ومديره لن يرفض لك أي طلب تطلبه تجاه هذا الموظف أو العامل الذي لا يملك من أمرك شيء، وإن قابلت هذا التهديد بشيء من الخوف أو القلق فسيتهمونك بالبلاهه أو الجنون، فكيف لك أن تقلق ومالك هذا المكان قريب منك ويحبك وأنت عزيز عليه !!
وماذا لو أن كل أمر في حياتك، صغيرة وكبيرة، مفتاحه شخص ما . . مع تلك الوظيفة التي تتمناها، هناك شخص ما يستطيع أن يؤمنها لك . . ذلك الدين الذي أرهقك، هناك شخص ما سيدفعه عنك،
الخلافات التي لا تنتهي بينك وبين زوجتك، يوجد شخص ما يستطيع أن يسويها . . لو أن هذا الشخص قريب منك ويحبك، كيف ستبدو حياتك ؟؟ لو أن الحياة ستكون على هذه الشاكلة، فلا داعي للخوف أو القلق أو الحزن، فكلما أصابك أمر ما، ذهبت إلى ذلك الشخص الذي يملك مفاتحه فكفاك إياه، لن يضرك أن إجتمع عليك كوكب الأرض كله، هل تعلم أن الحياة التي ينبغي عليك أن تحياها هي تلك الحياة !! حياة بلا خوف وبلا هم وبلا حزن . . نعم . . هكذا أراد لك مالك هذه الدنيا مقابل أن تتصالح معه فقط، أن تطيع أمره وهو يكفيك كل شيء،
الله المثل الأعلى وليس كمثله شيء، كما أن رب العمل لحبه الشديد لك ولقرابته منك يقدر على طرد هذا الموظف الذي وجه إليك تهديد، رب العالمين أن أحببك كفاك كل شيء .*الله أكبر :
-------------
ولأن الإنسان كثيرا ما ينسى تلك الحقيقة، جاءت الصلوات لتذكره بها وتكررها عليه مراراً وتكراراً، فلا تصح الصلاة إلا بتكبيرة الإحرام حيث يبدأ المصل صلاته بقوله "الله أكبر" وكأنها تذكير بأن كل ما أهمك أو أخافك أو أحزنك قبل الصلاة لا مكان له هنا، فالآن قد جئت للذي هو أكبر منه، تماماً كما يجري الطفل على والده إذا رأى ما يخيفه أو يحزنه، وليس كمثله شيء سبحانه، فأنت تفر إلى الله تعالى مع كل صلاة حتى ترسل رسالة للدنيا كلها بأن "الله أكبر"-رب العالمين :
----------------
ثم تقرأ أول ما تقرأ في صلاتك، أول آية في الفاتحة أم القرآن، السورة الأكثر تكراراً في حياة أي مصل،
" الحمد لله رب العالمين" فهل علمت لماذا تحمد الله تعالى في بداية صلاتك وكل ركعة تركعها؟ تحمده لأنه رب العالمين، رب كل شيء . . رب الملوك ورب الرؤساء . . رب العبادة ورب الشركات والأموال رب الزوجات والأولاد . . وكأنها رسالة منك ولك،
هل تعرف طبيعة تلك الرسائل التي تحدث بها نفسك لتطمئنها أو تحفزها أو تقوي بها نفسك، هذه الرسالة هي أعظمهم، وكأنك تقول لنفسك إهدئي وإطمئني فأنا الآن أمام رب العالمين، فالحمد لله أنه هو رب العالمين، أترى لو أن هناك شريكاً لله سبحانه في ملكه -تعالى عن هذا علوا وتكبيرا- سيكون الله سبحانه وتعالى رب العالمين إلا هذا الشريك . . لذلك قال الله العظيم: "وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا . . ولم يكن له شريك في الملك . . ولم يكن له ولي من الذل . . وكبره تكبيرا" نعم الحمد لله ربي الذي لا شريك له ولم يكن له ولي .
فهم سيدنا هود - عليه السلام - معنى رب العالمين فتحدى بها قومه قائلاً: " فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون . . إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة في الأرض إلا هو آخذ بناصيتها . . إن ربي على صراط مستقيم "
رجل واحد يتحدى قومه كلهم أن يكيدوا له ولا يخشاهم، ليس هذا فقط بل يسألهم أن يعملوا له بالكيد، لأنه علم أن لا أحد يملك أمره إلا رب العالمين، تلك هي الثقة التي يجب أن تغمر كل منا كلما قرأنا
" الحمد لله رب العالمين"
الحمد لله رب العالمين الذي عرفنا قدر كل من هم دونه أيا كانت قوتهم أو مناصبهم أو عدتهم أو أموالهم، وكان وصف القرآن عجيباً لهم حيث قال الله العزيز: " والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير " القطمير هو الغشاء الرقيق الموجود على نواة التمرة، تلك التمرة التي غالباً ما تسقط من فوق نخلة حيث تصبح مجانية لمن إلتقطها ( أن كانت النخلة لا تنتمي لبستان شخص ما) . . يصف الله العزيز كل من ندعوه من دونه أيا كان هو بأنه (ما) يملك حتى هذا القطمير الذي لا يكاد يرى حول نواة تمرة لا يشك من يحملها انها ملكه ملكية تامة .
وما يدعوا للتأمل هو إستخدام لفظة (ما) للنفي وليست لفظة (ما) . . ما يملكون من قطمير . . عندما تستخدم (ما) للنفي تفيد نفي الواقع في الحال،
فمثلاً لو سألتك أن تقترض مالا من فلان الذي يجلس بجانبك وأنت تعلم أنه فقير معدم فستقول(فلان ما يملك المال) أي أنه لا يملك شيء الآن في جيبه . .
لذلك إذا حدثتك نفسك بأن تسأل فلان لأنك تراه الآن يملك منصباً أو سلطاناً، فرب العالمين يخبرك أنه (ما) يملك من هذا شيئاً ، فالحمد لله رب العالمين . . أما (لا) فتفيد نفي المستقبل بمعنى أنهم يمكن أن لا يملكون هذا في المستقبل ولكنهم يملكوه الآن، لذلك كان (ما) بدلاً من (لا) . . فقل الحمد لله رب العالمين.
ضرب لك مثلاً حتى تعرف كيف تحيا تلك الحياة بطمأنينة وسكينة، فقال تعالى في سورة النحل: "ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء . . ومن رزقناه منا رزقاً حسناً فهو ينفق منه سرا وجهراً . . هل يستوون"
العبد المملوك الذي لا يقدر على شيء هو أي عبد الله تعالى في هذه الدنيا أيا كان منصبه، رئيس أعظم دولة أو مدير أغنى شركة أو قائد أقوى جيش، وصفهم الله القدير بأنهم لا يقدرون على شيء، لأنهم مملوكين لله عزّ وجل الذي له ملكوت كل شيء، فكيف لك أن تساوي بين هؤلاء العبيد المملوكين وبين مالكهم وربهم القادر على كل شيء .
أنت تقرأ
فاتتني صلاة !! لـ (( إسلام جمال))
Spiritual"فاتتني صلاة" هي كتاب من تأليف الكاتب الدكتور عائض القرني. يتناول الكتاب موضوعات دينية تتعلق بالصلاة وأهمية الالتزام بها، ويشجع على تحسين العلاقة بالله وتطبيق المبادئ الإسلامية في الحياة اليومية."وهي فكرة تتعلق بفقدان أداء الصلاة في وقتها المحدد، وع...