تتطاير الصحف . . تنصب الموازين . . توزن الأعمال . . الوجوه خاشعة . . القلوب خائفة الأجساد ترتجف . . وأنت مهموم حزين لا تدري ما يفعل بك . . هل سيكون ميزانك لك أم عليك ؟! وفي لحظات الندم على ما فات والجهل بما هو آت . . وبينما تنادي الملائكة على أهل الجنة، أولئك الذين يدخلونها أول من يدخلونها . . وأنت لا تلقي سماعا لهم . . فأمامك حساب طويل . . فالذنوب ثقيلة والحر شديد . . إذا بك تسمع إسمك ينادي عليه !! فتنتبه ولا تكاد تصدق !! وتحدث نفسك . . آآنا من أهل الجنة !! ما لي ولهم !! كيف لي أن أنضم لهؤلاء الشهداء والمتقين والمحسنين ؟!
فتعيد السمع مرة أخرى فإذا هو أنت . . إسمك أنت . . فيأتيك ملك من الملائكة يأخذ بيدك وهو يقول . . لك بيت هناك !! بيت في الجنة !! لي أنا !! كيف ومتى ؟؟
تتسائل وأنت تذكر تفاصيل حياتك الدنيا وكأنها تعرض أمامك، فأنت لم تكن من الشهداء الذين ماتوا في سبيل الله، ولم تكن من المتقين الذين كانوا يعبدون الله كأنهم يروه، كنت تارة تذنب وتارة تعود، تارة تستقيم وتارة تحيد . . وبينما أنت غارق في أفكارك تستعيد ذكريات حياتك الدنيا، تنتبه وأنت أمام بيتك، بيت الجنة، فإذا هو لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطه المسك الأذفر، وتربته الزعفران وحصباؤه اللؤلؤ والياقوت والمرجان، لا تبلى فيه الثياب ولا يفنى فيه الشباب . . مكتوب على بابه: "السنن والرواتب" نعم قالها سيدي -صلى الله عليه وسلم- "من صلى اثنتى عشر ركعة غير الفريضة في يوم وليلة بني له بيت في الجنة"
حتى وإن صليتها ولو ليوم واحد، يبنى لك به بيتا يكون حجة لك، نعم فأنت بذلك قد سجلت إسمك ضمن سكان الجنة، لك بيت هناك، والله الودود الرحيم لن يضيع عبدا له بيتا في الجنة، فهو خير العادلين بل هو العدل ذاته، وفي استطاعتك أن تبنى في كل يوم بيتاً . .
تخيل أنك تحاسب ومسجل في كتابك أنك تمتلك مئات البيوت في الجنة،
كيف لك إلا تدخلها والذي يحاسبك رحمته وسعت كل شيء .
قالوا . .
برواتب السنين لا تبني بيتا في الدنيا . . وبالسنن الرواتب تبنى بيتا في الجنة .*السنن الرواتب هي :
ركعتان قبل الفجر . . وإن لم تدر كهما قبل الفجر يمكنك أن تصليهما بعده (2) .
أربع ركعات قبل الظهر وإثنتين بعده . . أو العكس أثنتين قبل الظهر وأربعة بعده (6) .
ركعتان بعد المغرب (2) .
ركعتان بعد العشاء (2) .- حتى أحبه :
---------------
قال الله عز وجل في الحديث القدسي: "ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما إفترضته عليه . ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه . . فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها .. ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطيته، ولئن استعاذني لأعيذنه" .
لن تستطيع أن تحافظ على النوافل والتي منها السنن الرواتب حتى تحب الصلاة، ترتقي من مرتبة أداء الفرائض إلى مرتبة حب العبادات، التذكير اليومي بالله عز وجل ومعرفته والأخذ بمسببات الخشوع يصل بك إلى مقام"حب العبادات" كذلك الإعتماد على الصلاة كوسيلة لحل مشكلاتك اليومية أيا كانت هذه المشكلات وإبصارك نتائجها تعزز قيمة الصلاة في قلبك فتدفعك إلى التنفل، حفاظك على صلاة النوافل بجانب صلاة الفرائض يحمي صلاة الفرائض، فأنت بذلك صعبت المهمة على نفسك وعلى الشيطان في أن يخوض معركة ضدك لتتنازل عن أيا من صلوات الفريضة، فأمامهم الآن مهمة أولية للتأثير عليك لترك واحدة من صلاة النوافل، وكلما تحصنت بصلاة النوافل كلما ضعف عدواك، نفسك والشيطان ، وكلما إتسعت إمبراطورية صلاتك كلما هابك عدواك، وإذا هابك عدواك تركوك فلن تسمع لهم همسا .
الحمدلله الذي جعل الطريق إلى حبه واضحاً ميسرا لمن أراد أن يأخذ به . . أريدك الآن أن تفرغ عقلك وتفكر بهدوء . . هل تخيلت معنى أن الله يحبك ؟
أرجو ألا تستقبل هذه الكلمات كما إعتدت أن تستقبلها، فهي ليست عادية . . تخيل أن الله يحبك . . الله . . الله الذي له كل شيء . . المتحكم في كل شيء . . منذ خلق الأرض، جاء الملوك وراحوا، إغتنى من إغتنى وإفتقر من إفتقر ، تبدلت الأحوال، أمم رفعت وأمم ذلت، والله هو الله . . هو الملك . . هو الغني . . هو الصمد . . هو الرافع هو الخافض . . تخيل أنك تتعامل مع ثابت واحد في حياتك . . هو الله . . تخيل أن الله يحبك، إذا أحبك الله . . أحبك أهل السماء . . وأحبك أهل الأرض . . قال -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أحب الله عبداً نادى جبريل: إن الله يحب فلاناً فأحبه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء : أن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض "
إذا أحبك الله . . منحك السكينة . . السكينة حالة من الرضا، من التفاؤل، من القوة، من الثقة بالنفس، من سلام الرأي، صحة الرؤيا، هذه السكينة تسعد بها ولو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء.
إذا أحبك الله . . منحك الرضا . . الرضا هو جنة الدنيا . . إذا منحك الله الرضا رأيت كل شيء جميلاً . . وإذا سلبت الرضا لن تسعد حتى ولو إمتلكت الدنيا كلها . .
كثيرة هي القصص التي تحكي واقع أولئك الذين إمتلكوا الكثير من زينة الدنيا ومع ذلك نجد القلق رفيقاً لهم . . وقابلت الكثير ممن يملكون بالكاد قوت يومهم ولكنهم بداخلهم سعادة لو وزعت على أهل بلدة لكفتهم . . وأيضاً قابلت القليل الذين إمتلكوا كثير من زينة الدنيا مع الرضا فسعدوا واسعدوا من حولهم . . الرضا هو العامل الأساسي في معادلة السعادة.
إذا أحبك الله . . منحك الحكمة فلا تجزع لمصيبة، ولا تغتر بنعمة . . منح الله الحكمة لتلك العجوز التي احترق زرعها وفقدت كل ما تملك، فنظرت إلى السماء مبتسمة وقالت "أفعل ما شئت، فعليك روقي" . . وحجبت الحكمة عن صاحب الجنة فقال لصاحبه وهو يحاوره "أنا أكثر منك مالاً وأعز نفرا" فأحيط بثمره وأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيهما وهي خاوية . إجعل محبة الله هي الهدف الأساسي لك في الحياة . . معامل واحد يصلح لجميع معادلات الحياة . . حب الله . . الله تعالى مرتبط بحب الصلاة . . فكلما أحببت الصلاة كلما أحبك الله تعالى . . ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه . .︵‿︵‿୨🌸୧‿︵‿︵

أنت تقرأ
فاتتني صلاة !! لـ (( إسلام جمال))
Spiritual"فاتتني صلاة" هي كتاب من تأليف الكاتب الدكتور عائض القرني. يتناول الكتاب موضوعات دينية تتعلق بالصلاة وأهمية الالتزام بها، ويشجع على تحسين العلاقة بالله وتطبيق المبادئ الإسلامية في الحياة اليومية."وهي فكرة تتعلق بفقدان أداء الصلاة في وقتها المحدد، وع...