منذ زمنٍ بعيد كان الفتى ذو الست أعوام يجلس بخجلٍ بعيدًا عن الجميع، كان ذو جسد ضعيف ومناعة أضعف جعلته لا يختلط مع الأطفال الآخرين باللعب والجري فكان يجلس فوق درجات سلّم عمارتهم الخارجي ويشاهد أخته التي كانت تكبره بثلاث أعوام تلعب رفقة صديقاتها حيث يمسكن بأيدي بعضهن ويدورن بحلقات توسع وتضيق بفعلتهن.
كان يتابع الأطفال أمامه بصمتٍ وضعف.
ولكن ذلك الفتى الأكبر بين الجميع حينما أتى وجلس جواره يبتسم له بصفاءٍ كالشمس ووجنتين متورّدة كأزهار الربيع.
"إزيّك يا آرون؟"
سأل أنس بودٍّ للفتى الذي انكمش على ذاته بخجل.
"الحمد.. لله."
بصوتٍ منخفض ونبرة هادئة ردّ عليه، كان رقيقًا وهشًّا كالزجاج، ذو جسد صغير وملامح رقيقة وأعين شهلاوية لامعة.
"مش بتلعب مع صحابك ليه؟"
سأل الفتى الأكبر واقترب نحوه أكثر، وضع آرون رأسه داخل ذراعيه وأسندهما فوق ركبتيه يخفي وجهه الصغير المتورّد بفعل أشعة شمس الربيع الزاهية.
"معنديش صحاب.."
همس بصوته ذو النبرة المهزوزة وذمّ شفتاه، ابتسم له أنس واقترب منه يهبط برأسه لمستواه ويقلّده بجلسته.
"أنا كمان معنديش صحاب، ممكن تكون صاحبي؟"
قال له الفتى الأكبر للذي قد لمعت عيناه بسعادة دون أن يبتسم ينظر له بدهشة.
"بجد؟"
"ايوة."
أردف له الأكبر وأومأ بسعادة، ابتهجت ملامح الصغير المتورّدة ولكن ابتسامته سرعان ما هبطت من فوق ثغره الصغير ونظر للأسفل بحزنٍ.
"بس.. مش هينفع."
عبّر بخفوت وصوتٍ كاد ألّا يُسمع، نظر له الأكبر بحيرة واقترب من وجهه أكثر.
"ليه؟"
"عشان أنا ببقى على طول تعبان، وماما مش بتخليني ألعب وبفضل قاعد كده، لو بقينا صحاب انت هتقعد جنبي هنا طول الوقت وهتمِل مع الوقت وتسيبني."
أعرب الفتى الصغير بحزنٍ ملأ شهلاوتيه كعسل النحل الطازج والتي أعجبت الأكبر بشدّة.
"مين قالّك كده؟ احنا ممكن نستمتع بوقتنا سوا كتير أوي حتّى واحنا قاعدين."
أنت تقرأ
مُختَل نَفسِي
Siêu nhiênتُخبرنِي أنّي مُختَل نَفسِي؟ إذًا فَأنا لا زلتُ حَي.. "إيه هو الحُب؟ إيه هي السّعادة؟ ازاي حاسس إنك بِخير؟ ازاي بتقولي إنّك بتحبّني؟ كدا وبكل بساطة.." رواية عاميّة مصريّة +١٨