الجُزء التّاسِع: بِدُون حَيَاة.

974 31 250
                                    

جي من البلاد البعيدة.
لا زاد ولا ميّه.
وغربتي صحبتي بتحوم حواليّا.
وانتِ تقوليلي بحبّك.
تحبّي إيه فيّا؟
وده حبّ إيه،
ده اللّي من غير أي حريّة؟

كانت الموسيقى تعزف لهما والسيّارة تسير بهما بالطرق الهادئة يستمعان لأحاديث بعضهما البعض بشوق وحنين لمشاعر تنجيهما من عبث الحياة.

يونس في بلاد الشّوق.
اه يا وِلد الهِلالي.
بتونسني دموع العين وأنا سايب أهاليَّ.
اه يا وِلد الهِلالي لا عليّا ولا بيّا.

"عارف قصّة يونس ابن الهلالي؟"

سأل لؤي ونفى إياس ينظر له بتركيز.

"يونس ده كان من قبيلة بني هلال، وكان هو ابن اخت أبو زيد الهلالي، في مرة خرج في رحلة مع خاله أبو زيد وأخواته مرعي ويحيى لبلاد تونس عشان يدوروا على أراضي خصبة بعد ما الأراضي بتاعتهم بقت قاحطة، وهناك كانت عزيزة بنت السلطان الزناتي خليفة."

يا عزيزة يا بنت السلطان، لو يتغيّر الزّمان.
وقابلتيني في أي مكان كنت أعشق من غير ما تقولي.

"عزيزة كانت محبوسة في قصر بناهولها أبوها وقاعدة معاها جارية تونسها في وحدتها بالكلام عن أيام العرب وتقاليدهم وأشعارهم، الجارية دي كان اسمها مي ومي كانت في يوم من الأيام مملوكة عند يونس وباعها بعدين راحت لعزيزة، وقعدت تتكلّم عن حسن شكل يونس ووسامته وفروسيته وشجاعته، وتقولّها ده سيدي يونس عمل وسيدي يونس سوّا لحد ما شغلت دماغ عزيزة بيه وبقت تحبّه وتحب تسمع عنه كتير، وعزيزة عشقت يونس بالغيب من غير حتّى ما تشوفه."

كان يستمع له إياس بهدوء وتركيز ناقض بروده المعتاد وتبلّد مشاعره، أكمل لؤي القصّة بينما يقول.

"بعد ما دخل يونس تونس ذاع صيته للخلق بسبب شدّة وسامته وجماله، وبعد ما عزيزة عرفت إن ده يونس الي مي حكيتلها عليه بقت هتموت وتدخّله قصرها، في ناس بيقولوا إنها عزمته هو وخاله وأخواته للقصر عندها على حفلة، وفي ناس قالوا إنه في يوم راحلها دلّال مع سلسلة كانت بتاعة يونس وباعها للدلّال عشان يلاقي فلوس، والحرس أقترحوا على الدلّال يفرّج السلسلة دي لبنت السلطان، بالفعل الراجل راحلها وفرّجها عليها ومي أول ما شافتها قالت إيه ده! دي سلسلة يونس! يا ترى هو عايش ولا ميّت دلوقتي؟"

كان يسرد عليه الحكاية بهدوء ونبرة ساكنة كحركات اليعسوب فوق المياه، متناسقة وهادئة.

مُختَل نَفسِيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن