الجُزء الثّالِث: ضَحِيّة.

220 13 255
                                    

كان ينتحب ويشهق بين قُبلاته، يؤلمه قلبه والحزن لا يغادر فؤاده، يحاول أن يتخطّى ويكون بخير، ولكن تلك الذكريات الحالكة تخيفه، تحاصره، تجرّه نحو الضياع والظلام.

"ماما أنا شوفت واحدة غريبة جت لبيتنا انهارده وانتِ مش هنا، وبابا أخدها جوا في أوضة النوم وقعدوا سوا."

قال الفتى ذو الخمس أعوام بصدق نيّة نحو والدته.

"ريان! أنا مش قلت مليون مرة بلاش كدب!"

"بس والله.."

"وكمان بتحلف كدب!"

كانت قاسية عليه، ربما لم تملك ما يؤهلها لتصبح أم من البداية، كانت زوجة مثالية، ولكنها فقدت حنان الأمومة بداخلها، تتجاهله وتكذّبه ولا تهتمّ له، تصدّق أكاذيب زوجها على صدق ابنها، وبلا حول ولا قوّة كان الطفل يرى أفعال والده ويصمت.

"ريان يا حبيبي عامل إيه؟"

"كويس، مين حضرتك؟"

"أنا سكرتيرة بابا يا روحي، بابا موجود؟"

أومأ للمرأة التي يراها لأوّل مرة تدخل لمنزلهم ثم لمكتب والده لينغلق عليهم الباب كعادة بات يألفها، استسلم للأمر وتعلّم أن الصمت مفتاح الحياة، يتجاهل كل ما يحدث ويركّز على مذاكرته فقط.

ذكريات بشعة، لا يعرف كيف يخرجها من عقله، ندّعي دومًا النسيان ولكن بثنايا عقولنا تبقى تلك الذكريات الأقوى بالثبات.

يتشبّث بملاءة السرير ودموعه تسقط من فوق وجهه باستمرار تبلّل الوسادة وتبلّل وجه الذي كان يلتقط شفاهه بقُبلات عديدة متتالية.

"لؤي لؤي.. دخّله فيا! عشان خاطري!"

قال بضعف وبكاء بينما استمر الآخر بدفع أصابعه داخله يوسّع فتحته.

"حاضر يا ريان هدخّله بس استنى شوية عشان متتعورش."

"مش هقدر، مش هقدر! دلوقتي يا لؤي."

هز رأسه للجانبين ينوح بألم وعجز يتوسّله كي يخفف عنه وجعه.

تنهّد لؤي من حالة صديقه العزيز يتألّم قلبه له، أمسك عضوه ونشر عليه بعض المزلق ثم دفعه لداخل ريان ببطء وحذر.

شد ريان عضلاته دون وعي وأمسك بالملاءة يرجع رأسه للخلف ويغمض عينه، توجّع لؤي من شدّه ليجثو نحوه ويقبّل شفاهه برقّة ثم همس بأذنه.

"ريان، فك نفسك شوية ومتشدّش."

أومأ الآخر بضعف وحاول أن يأخذ شهيق ويزفره ثم بدأ بالإسترخاء قليلًا، دفعه لؤي بالكامل لداخله وانتظر قليلًا ينظر لعينيه الحمراء وشفاهه التي بدأت بالتشقّق، وضع لؤي كفّه فوق وجنة ريان يداعبه ويمسح دموعه بخفّة، نظر له ريان بضعف ولم يستطع وقف أمطاره من الهطول.

مُختَل نَفسِيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن