تيا خرجت من غرفة داريوس وهي تشعر بالتوتر يتسلل إليها ببطء. خطواتها كانت ثقيلة وهي تتجه نحو الصالة، عيناها تبحثان عن ليا، ليس فقط للسؤال عن إلارا، بل للبحث عن إجابات عن كل ما يحدث حولها.
"من تكون إلارا؟" سألت تيا وهي تقف أمام ليا التي كانت جالسة بهدوء، ترتشف شايها وكأنها تحمل أثقالًا على كتفيها.
رفعت ليا نظرها ببطء، وغضب خفي يتلألأ في عينيها: "زوجة ريو."
توسعت عينا تيا في صدمة، ولم تجد ما تقوله للحظات. كيف يمكن أن تتحول الأمور بهذه السرعة؟ "ريو؟" تمتمت وهي تنظر إلى ليا، تحاول استيعاب الموقف. لكن بدلاً من الإجابة،قالت ليا بنبرة متهكمة: "أه؟ إنها ليست لطيفة كما تبدو."
شعرت تيا بموجة من الاستغراب تجتاحها. كانت ليا دائمًا محبة ولطيفة، لكنها الآن... كانت قاسية. "لماذا تقولين هذا؟" سألت بحذر، لكن ليا لم تجب، بل اكتفت بالنظر إليها بنفور واضح.
قبل أن تتمكن تيا من الرد، دخل ليو الغرفة، وهو يبدو مرهقًا، لكن سرعان ما تحول وجه ليا من الغضب إلى الحنان، لتقفز إلى أخيها. "ليو، إلارا تزعجني. إنها تأخذ كل شيء مني، حتى ريو!" قالت بحدة وهي تلقي برأسها على كتفه.
تنهد ليو ومسح على وجهه ببطء، يحاول تهدئة أخته. "ليلو، تعلمين أنه لن يبقى ريو أعزبًا للأبد. علينا أن نتقبل هذا، حسناً؟" قالها بصوت هادئ لكنه حازم، محاولًا أن يكون عونًا لأخته. "الأهم الآن هو دراستك كما مستقبلك . مدير جامعتك أخبرني أنكِ لم تحضري في اليومين الماضيين."
ابتلعت ليا الغصة التي كانت عالقة في حلقها، لكن الألم في عينيها كان واضحًا. "إلارا ليست مجرد زوجة ريو. إنها تسرقني. تسرق حياتي." همست ليا بصوت مكسور، ولأول مرة شعرت تيا أن غضب ليا كان أعمق مما يظهر على السطح.
في تلك اللحظة، انشغلت تيا بهاتفها، تحاول الهروب من التوتر المتزايد بين الأشقاء. لاحظ ليو هذا وألقى نظرة خاطفة نحوها، مما دفع ليا للهمس في أذنه وهي تبتسم بمكر: "أخي العاشق، ما هذه النظرات؟"
꧁تيا꧂
ابتسم ليو ابتسامة متوترة، محاولًا إخفاء ارتباكه. "توقفي، ليلو، الأمر ليس كما تعتقدين." لكن ليا لم تدعه يكمل، ضحكت بخفة وقالت: "عاشق، عاشق!"توقفت تيا عن التحديق في هاتفها ونظرت إليهما بفضول. "علام تضحكان؟" سألت وهي ترفع حاجبيها.
"لا شيء، ليس أمرًا مهمًا." تلعثم ليو وهو يحاول تدارك نفسه، لكن وجهه كشف عن خجله، وهو ما لم يخفَ على ليا.
ضحكت ليا بخفة وهي ترفع يدها تغطي بها فمها، بينما كان ليو يحاول الابتعاد عن الإحراج المتزايد.
---
في مكان آخر، جلست إلارا بهدوء بجانب ريو، الذي أخيرًا استسلم للنوم. نظرت إلى وجهه المتعب وأحست بموجة من العاطفة تتدفق داخلها. كان يهمس بشيء غير مفهوم في نومه، لكنها لم تستطع سماعه بوضوح.
أخذت نفسًا عميقًا وغادرت الغرفة بهدوء، لا تريد إيقاظه. عندما وصلت إلى خارج الغرفة، شعرت بالاهتزاز الخفيف لهاتفها. اتصل رقم غريب. نظرت إليه بتردد، ثم أجابت ببطء: "مرحبًا، من معي؟"
"مرحبًا، نحن من دار الرعاية. هل تتذكريننا؟ لقد أتت إلينا بالأمس امرأة تقول إن الطفلين هما زوجها، لكنها لم تقدم أي دليل وكانت متعجرفة للغاية."
شعرت إلارا بتوتر يتسلل إلى صدرها. "هل يمكنك وصفها لي؟"
"كانت متوسطة الطول، جميلة، شعرها أشقر، وعيناها... أعتقد أنها بنية أو سوداء. بدا واضحًا أنها غنية، لكنها متعالية."
انكمشت عينا إلارا وهي تستمع للوصف. شعرت أن هناك شيئًا خطيرًا يقترب منها، لكنها لم تستطع تحديد ما هو. "سآتي حالاً."
أغلقت الهاتف وتنهدت بعمق. توجهت إلى الحمام لتستحم، المياه الباردة تهدئ من أعصابها المشدودة. بعد الانتهاء، ارتدت بدلتها السوداء الجلدية ونزلت الدرج بخطوات ثابتة. في الصالة، جلست ليا، تراقبها بعينين مملوءتين بالاستحقار. نظرت إلارا إليها للحظة، لكن لم تقل شيئًا. لا جدوى من الحديث مع من لا يريد الاستماع.
توجهت نحو مرآب الدراجات، لتجد الحراس يقفون أمامها محاولين منعها. "سيدتي، لا يمكنك الذهاب دون إذن السيد ريو." قال أحدهم بحذر.
نظرت إلارا إليهم ببرود، ثم فتحت قفل الدراجة وانطلقت كالسهم، الهواء يلفح وجهها وكأنها تفر من سجن غير مرئي.
---
في تلك اللحظة، رن هاتف ريو، الذي استيقظ للتو. "زعيم، زوجتك....غ..ادرت. حاولنا منعها، لكن..."
"ماذا؟!" انفجر ريو بصوت عالٍ، مملوء بالغضب. "عشرون حارسًا، ولم تتمكنوا من إيقافها؟ سأريكم كيف يتم الأمر اعتبروا انفسكم ميتين!" صرخ وهو يغلق الهاتف بغضب واضح، ينهض من فراشه، غير مبالٍ بألمه أو بجراحه. كان الغضب يسيطر عليه تمامًا.
"يا ويلكم مني..." تمتم وهو يرتدي ملابسه ويخرج بسرعة، عاقدًا العزم على إعادة الأمور إلى نصابها، بأي ثمن..