الفصل التاسع: التحرر

77 4 3
                                    


في غرفة المستشفى الباردة، كان الهدوء يسيطر على الأجواء، باستثناء صوت الآلات التي تحافظ على حياة دينا. بعد ثلاث سنوات من الانتظار المرهق، تجمع ساميّ وعائلة دينا حول سريرها، يستمعون بصمت إلى حديث الطبيب.

قال الطبيب بصوت جاد وحزين: "لقد مرّت ثلاث سنوات، ولا يوجد أي تحسن. دينا في حالة غيبوبة عميقة، ودماغها للأسف لم يعد يظهر أي نشاط. القرار الآن بيدكم. إما أن نبقيها على الأجهزة أو نفصلها لتجد راحتها."

عائلة دينا، التي كانت تعاني من ألم الفراق البطيء على مدى السنوات، نظرت إلى ساميّ بعينين تملؤهما الدموع. الجميع كان مترددًا. كيف يمكنهم أن يتخذوا قرارًا بإنهاء حياة دينا؟ لكنهم في الوقت نفسه يعلمون أنها لن تستيقظ أبدًا.

ساميّ كان الأكثر تضررًا. في داخله، كان يعاني من شعور العجز والخوف. زار دينا كل يوم، تحدث إليها، قرأ لها الكتب، أخبرها عن حياتهم التي كانوا يحلمون بها. ولكن الآن، كان عليه أن يواجه الحقيقة الصعبة. لا يستطيع رؤيتها بهذا الشكل أكثر. حياة بلا حياة، مجرد جسد مستلقٍ.

بعد لحظات من الصمت الثقيل، استجمع ساميّ قوته وتحدث بصوت منخفض: "لا أستطيع أن أراها هكذا بعد الآن. لقد حاولنا كل شيء، لكن ربما حان الوقت لتوديعها." كلمات ساميّ كانت ثقيلة، مشحونة بألم الفراق.

بدأ الجميع يقترب من السرير، يتناولون أيديهم مودعين. وبدأ سامي يمسك بيد دينا، يهمس لها بكلمات مليئة بالحب والندم. "دينا، أنا آسف... أحببتك، ولن أتوقف عن حبك أبدًا."

وفجأة، في اللحظة التي كانت فيها العائلة تستعد لفراق دينا، بدأت الأجهزة تُصدر إشارات غريبة. لاحظوا أن يد دينا قد تحركت قليلاً. كان ذلك تحركًا خفيفًا بالكاد يُرى، لكن لمسه ساميّ بوضوح. صُدم الجميع، وكأنهم لا يصدقون ما يحدث.

فجأة، بدأت عينا دينا تتحركان تحت جفونها، ثم فُتحت ببطء، لتجد نفسها محاطة بوجوه محبوبة تبكي وتودعها. كان المشهد مشحونًا بالدهشة، وكأن دينا كانت تسمع كل كلمة، كل نقاش، وكأنها كانت تنتظر اللحظة المثالية لتستيقظ.

عندما فتحت دينا عينيها، بدأت بتفقد الوجوه المحيطة بها. كانت عائلتها جميعًا حولها، والدتها ووالدها وإخوتها. كان الجميع يبكون بندم، وكأنهم يطلبون منها الصفح دون أن ينطقوا بكلمة. كانت مشاعرهم واضحة، والألم في عيونهم كان ملموسًا.

"سامحينا يا دينا... نحن آسفون"، قالت والدتها بصوت مكسور وهي تمسك بيدها.

دينا، التي كانت تحدق فيهم بتركيز، تعرفت على كل واحد منهم. تذكرت لحظات معهم، أوقات الفرح والحزن، وتذكرت حبهم لها رغم كل ما مر. لكنها فجأة توقفت عندما انتقلت نظراتها إلى الرجل الواقف بجانبهم، والذي كان أكثر من أي شخص آخر يبدو متوتراً.

زوجتي الخائنهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن