الفصل ١٠: سامي حبيبي

54 3 0
                                    

ها قد حان الوقت للخروج من المستشفى. كل يوم كنت أحلم بهذه اللحظة، وكأن العودة إلى منزلي هي مفتاح استعادة حياتي المفقودة. على الرغم من أن ذاكرتي ترفض أن تمنحني أي لمحة عن حياتي مع سامي، أشعر بداخلي برغبة قوية في اكتشاف تلك الحياة التي أجهلها، في استعادة جزء من نفسي الضائع.

كنت أجلس على كرسي المستشفى وأنتظر بصبر بينما سامي يحضّر الإجراءات الأخيرة. أخذت أراقب وجهي في المرآة، محاولة العثور على أي أثر للحياة التي عشتها، أي علامة يمكن أن تخبرني من كنت. بدا لي أنني شخص جديد تمامًا، كأنني أعيد اكتشاف هويتي خطوة بخطوة.

رأيت سامي يقترب، ابتسامته دافئة، كما لو كان ينتظر بفارغ الصبر أن يعود بي إلى المكان الذي يصفه بالبيت، والذي من المفترض أن يكون بيتي أيضًا. مدّ يده لي لمساعدتي على الوقوف، وشعرت بتلك اللمسة التي تُسابق قلبي بخفقات متسارعة. وقفتُ بجانبه، وخرجنا معًا من المستشفى.

في الطريق، التزمت الصمت. كنت أراقب الشوارع، الأبنية، وأشعر وكأنني أرى العالم لأول مرة. كنا نقود في صمت، بينما كان ذهني يطفح بالأسئلة. كيف كانت حياتي؟ هل كنت سعيدة؟ هل كنا نحب بعضنا؟

دخلت السيارة إلى مجمّع سكني كبير وضخم، بأسوار عالية ونوافير متلألئة تتوزع في كل زاوية. شعرت بتوتر غريب يسري في جسدي وأنا أنظر من النافذة. كل شيء حولي كان يبدو بعيدًا عن ما تخيلته، أو ربما كان عليّ القول "ما لا أذكره". توقفت السيارة أمام فيلا واسعة ذات تصميم فاخر وحديقة ممتدة، وكانت تبدو كما لو أنها خرجت من إحدى الروايات، لكنني لم أستطع الشعور بالألفة أو الراحة تجاهها.

خرجت من السيارة، وقف سامي بجانبي، يراقبني بصمت. نظرت إلى الفيلا الكبيرة، أشجار نخيل تلوح عند المدخل، والنوافذ الواسعة تطل كعيون تراقبني بفضول. كان المكان مثاليًا، لكنه غريب، كأنه ينتمي إلى شخص آخر، وليس لي.

تقدمت ببطء نحو الباب، قلبي ينبض بشدة، وكأنني أدخل مكانًا جديدًا لا يعرفني ولا أعرفه. سمعت صوت سامي خلفي، يقول بنبرة هادئة: "هذا منزلنا، دينا.."

شعرت بتناقض عميق في داخلي؛ كيف يكون هذا المكان لي وأنا أشعر أنني غريبة عنه؟

فتح الباب ودخلنا إلى الداخل، عيني تتجول بين الأثاث الفخم، التحف الموزعة بعناية، واللوحات التي تزين الجدران. حاولت تذكر أي لحظة قضيتها هنا، لكن ذهني كان فارغًا. وقفت في منتصف الصالة، وشعرت بارتباك؛ كل زاوية تنبض بالدفء، لكنني لم أكن جزءًا من هذا الدفء.

التفتُّ نحو سامي، وقلت بصوت خافت: "كيف كان من المفترض أن أشعر هنا؟ كل شيء جميل، لكنه لا يشبهني... لا أذكر شيئًا."

ابتسم سامي بابتسامة حنونة وقال: "أعطي نفسك الوقت، دينا. ستعود لك الذكريات، وستشعرين بأنك في بيتك قريبًا. أنا هنا لدعمك، ولن أتركك حتى تذكري كل شيء."

زوجتي الخائنهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن