نظرت دينا إلى ساميّ وهو يمسح آثار جريمتها في القبو، عينيها تراقب حركاته بدقة، وكأنها تدرس كل تفاصيل ردّ فعله، لتكتشف إلى أي مدى سيذهب من أجل حبها. لم تخبره بالحقيقة الكاملة، لم تخبره أنها كانت في البداية تدافع عن نفسها، ثم سرعان ما تحول إلى عنف وحشي، إلى نشوة مظلمة قادتها لتمزيق جسد اليس بوحشية لم تخطط لها وكأنها تفجر سنوات من الغضب المكبوت في جسدٍ خالٍ من الحياة.
كان ساميّ في تلك اللحظة غارقًا في مشهد غير مفهوم له، يكتفي بما قالته له دينا: إنها قتلتها لأنها ارادت ذلك وأن رغبة مظلمة دفعتها لقتل زوجته. كان يظن أن فهمه لذلك قد يمنحه السيطرة
لكنه في الواقع كان ضائعًا، ممسكًا بأدوات التنظيف وكأنها سلاح بارد بين يديه، لا يدري إن كان ينظف آثار جريمة أم يدفن بقايا ماضيه مع اليس، مع كل الذكريات التي لم تعد تشكل سوى عائق ثقيل بينه وبين حبه الملتوي لدينا.
كانت يداه تتحركان بآلية، كأنما تنفذان مهمة عادية، بلا روح. لم يكن يفكر في اليس، بل في دينا، في اللحظات التي جمعتهما، في الطريقة التي جعلته يستسلم لها، ويغرق في حبها برغم كل ما عرفه عنها
شعرت دينا بشيء من التشفي وهي ترى ساميّ يتعامل مع الدم المتجلط على الأرض، يتعثر في بقايا حياة كانت تخصّ زوجته وأم أطفاله، لكنه الآن ينحني أمامها، ينظف ما اقترفته يداها دون أن يدرك عمق الحقيقة. رأت في نظراته شيئًا من الإصرار، وكأن ساميّ مستعد للغوص في كل هذا الظلام من أجلها.
"إلى أي مدى ستذهب يا ساميّ؟" فكرت في نفسها وهي تراقبه في صمت. هل سيستمر في المضي قدمًا حتى يدفن كل ما كان يعرفه عن الحب والولاء والرحمة من أجلها؟ كانت متشوقة لرؤية النهاية، لمعرفة ما إن كان حبه لها سيتفوق على خوفه من الحقيقة، وعلى مشاعر الذنب التي تلتهمه ببطء
بدأ ذهن ساميّ يشرد إلى أطفاله. تذكرهم فجأة، صغاره الذين كانوا ينتظرونه كل يوم في حضن الأمان. حام الوقت لاصطحابهم من الحضانة، أن يأخذهم بين ذراعيه كما كان يفعل دائمًا. تلك اللحظات ستشعره بالسلام الحقيقي، بعيدًا عن العنف والدماء التي كانت تلوث حياته الآن.
" دينا سأذهب ، علي ان آخد صغاري من الحضانه "
لكن قبل أن يتخذ خطوة، نظرت إليه بعينيها الثاقبتين وقالت بنبرة هادئة: "لا تقلق، سآخذ الأطفال من الحضانة اليوم."
كانت الكلمات بسيطة، لكن هناك شيء غريب في الطريقة التي قالت بها. كان هناك شيء في عينيها يوحي بأنها كانت تتطلع إلى أكثر من مجرد اصطحاب الأطفال.
ساميّ نظر إليها للحظة، ثم هز رأسه ببطء. يشعر بشيء يقرص قلبه، كما لو أن هذه الكلمات كانت تحمل في طياتها شيئًا ما لم يستطع فهمه تمامًا. لكنه لم يعترض. كان عقله مشغولًا بما كان يفعله في القبو، وما يجب أن يفعله بعد ذلك للتأكد من أن الجريمة لن تترك أي أثر وراءها.
أنت تقرأ
زوجتي الخائنه
Romanceنحاول أن نُظهر للعالم أننا لا نهزم، وأننا قادرون على أن ننتقم من كل من أساء إلينا، لكننا ننسى أن الانتقام لا يُشبع، بل يترك جرحًا أعمق. ورغم كل محاولاتنا لفرض السيطرة، نجد أن الحقيقة الوحيدة التي لا نستطيع الهروب منها هي أن الضعف يظل جزءًا منا، يكشف...