البارت الأول

32 0 0
                                    

Omeera
& Khalid

تدق الساعة ببطء ، تِك توك..تِك توك..تِك توك ..دائرة شك ، تدور عقاربها على الموجودين ، أهو سيء كما يبدو أم هي لطيفةٌ كما تبدو ..حدثٌ مأساويٌ واحد! ، ربط بين كل هؤلاء ، والآن! لا يمكن التفريق بينهم ، لا تثق ب أحد فليس كل ما تظنه صحيح ، فـ هنا لن تدرك المذنب من البريء فجميعهم لديهم *أيادي ملطخة بالدم*

تنبيه : رواية خيالية بالكامل ولا أساس لها من الواقع

"السودان"

و بالتحديد مدينة "بورتسودان" ، و هي واحدة من أكثر الأماكن هدوءاً و جمالاً في السودان ؛ خصوصاً في هذا الوقت من فصل الشتاء ، حين تتداخل زخات المطر الخفيفةُ مع نسماتِ رياح البحر الأحمر الباردةِ ليلاً ، و القليلٌ من الضباب المنتشر في شوراع المدينة صباحاً ، ليزيدها رونقاً مع سطوع أشعة الشمس عليها ..في إحدى الشقق الخاصة المطلة على الساحل ؛ كان يوجد بطل قصتنا الذي سوف يكمل رواية القصة ..

....

كنت نايم بقلق و توتر و خوف ، بتقلب في السرير بقوة زي الكأنه في مليون يد ماسكيني و مانعني الحركة ، بتكرر علي كابوس كل يوم ، الكابوس البعذب ضميري و بحبسني في عالم أحلامي ، الكابوس المهما حاولت اصحى منو م بقدر و جفوني بحسها ملصقة مع بعضها ، كأنها هي كمان متفقة معاه عشان يعذبوني و يحرموني الراحة ..لأ لأ ، ناس ميتة و ناس بتصرخ ، و الدم في كل مكان و حريق هائل في المبنى ، جثث كتيرة ، و بكا كتيير ، و أنا واقف ما قادر أتحرك أو أساعد أي زول كأنو راجليني اتلصقوا في الأرض ، ما قادر أحرك أي جزء من جسمي ، بس بتلفت بخوف و بعاين لأجزاء الناس المقطعة الواقعة جنب رجليني ..في اللحظة دي شوفت فارس واقع قدامي و راسه مفصول من جسمه ، حاولت أنزل و المسه و جسمي كله برجف ..فجأة راسه المقطوع فتح عيونه وقال لي "أنت السبب! ، أنت السبب! ، ليه م ساعدتنا!! ، ليه م انقذتنا!! ، أنت السبب!" ..ومنها صحيت مخلوع و قعدت في نص السرير و أنفاسي زي الزول الجاري ..بعد اتلفت و اتأكدت إني لسه في غرفتي ، عرفت إني بحلم بنفس الكابوس تاني ، رجعت رقدت مسافة وغمضت عيوني بحاول أمسح الكابوس ده من ذاكرتي ، لكن م قدرت لأنو كان مطبوع طباعة فيها ..في النهاية فتحت عيوني و قمت مشيت المطبخ شربت لي كاسة موية و طلعت البلكونة ، و وقفت بتفرج في منظر  الشمس ؛ كانت على حافة الغروب و الشفق الأحمر بدا ينتشر في السما ، أخدت نفس عميق و طلعت سيجارة ولعتها و بقيت اشربها ، و أنا بتذكر في الأحلام و الكوابيس ال بقت جزء مني ..سنة و شهرين وأنا بصحى على نفس الخوفة و الخلعة ، بعترف إني للان ندمان لأنو ده كله كان بسببي و بسبب تقصيري ..لسه منظر فارس و ليلى و هم بموتوا قدامي مطبوع في راسي ، و قدر م حاولت م قدرت انسى ، أنا كان لازم اساعدهم! ، م كان لازم اخليهم يموتوا ، ده كله بسببي! ، فارس كلامه صاح أنا السبب! ..هنا حسيت بدمعة حارة في خدي و وراها أختها و أختها ، لحدي م بقيت أبكي بحرقة ، رميت السيجارة و دوستها بغضب ، كأني بعاقبها على غلطي ..بعداك قعدت في الأرض بيأس وبقيت أردد في جملة "أنا آسف يا ليلى لأني ما قدرت أحافظ عليك زي ما وعدتك ، أنا خنت الأمانة و العهد البيناتنا بتمنى إنك تسامحيني" ..شوية كده سمعت رنة تلفوني ، مسحت دموعي و مشيت الغرفة أخدت التلفون وعاينت لقيتها أمي ..ابتسمت ، دايما بتتصل في الوقت المناسب زي الكأنها بتحس إني هسي قلبي مكسور و محتاج لنصايحها ..رديت عليها و بعد السلام المعتاد قالت لي يا ولدي م جا الوقت إنك ترجع؟ ليك 4 شهور بعيد مني خلاص بعد ده تعال و ما تعاقب نفسك ده قضاء و قدر ..م قدرت أشرح ليها وجهة نظري وإني فعلاً استاهل العقاب ده لأنو بسببي ماتوا كتار و كلهم غاليين على قلبي ..ابتسمت إبتسامة مكسورة وقلت ليها أمي لمن أنسى الحصل و أفكر ابدأ حياة جديدة حتى  بعداك بجي ، حالياً ي أمي أنا لو رجعت ما ح أكون مرتاح نفسياً ، أنا ي أمي حاسس بنفسي ما عندي هدف أو مستقبل عشان أرجع ياريت تفهميني و تخليني كمان شوية ..قالت لي طيب يا ولدي شوف البريحك و خلي بالك من نفسك و طمني عليك ..قلت ليها تمام ..و قفلت منها ، فجأة مرت علي ذكرياتي في البيت قبل الحادث المرعب داك ..كنت بصحى الصباح على جوطة ليلى المعتادة و هي بتجر مني البطانية بالغصب عشان أقوم ، و شاي الصباح و الجرايد مع نصايح الحاج ..و مشاكل أخواتي الم بتنتهي على أتفه الأسباب حتى لو كان معجون الأسنان ، و.. ، و أمي الكانت بتبتسم لمن تشوفنا متجمعين و تهرش أخواتي عشان يروقو ساي ، و تقول لينا أنا و ليلى جملتها المعهودة "اهاا ي أولاد ماف حاجة كده ولا كده" ، الجملة دي كانت بتخلي ليلى دايما مشغولة ، مجرد م تسمع أمي قالت الجملة دي طوالي بتتذكر شغل من ماف و بتقوم تجري عليو ..هسي ويين! ، هسي ي أمي ماف أي حاجة كده ولا كده ، ولا ح تكون كمان لأنو ليلى مشت و معاها كل الأمنيات اختفت ..و فارس! ، صحبي الكنت بصحى من الصباح بلقى قاعد مع أهلي بشرب في الشاي معاهم و بضحك ، م بس أنا الكنت معتبرو أخوي ، حتى ناس بيتنا معتبرنو ولدهم ، مرة كان أبوي قال لي "يا مؤيد ، زي صحبك فارس ده نادر م تلقى عشان كده حافظ عليو"..لكن للأسف أنا م قدرت أحافظ عليو ي أبوي و بسببي أنا خسر حياته! ..ضحكت بحسرة وأنا بسترجع في الذكريات الدافية دي ، لكن بعداك اتذكرت إنها اختفت للأبد وم بترجع ..طيب أعرفكم علي أنا "مؤيد عبدالله أحمد" ، عمري 31 سنة ، ضابط سابق في القوات المسلحة السودانية ، أسرتي بسيطة شديد و ناس بدخلو القلب اجتماعياً ، لكن لو غلطت عليهم موضوعك استحمى لأنو الأسرة كلها في الجيش ..وهم عبارة عن أبوي عبدالله أحمد لواء ركن متقاعد ، و أمي فاطمة عبدالقيوم كانت عقيد في الجيش برضو و كانت دفعة مع أبوي و خدمو سوا ..بعداك نجي ل أخواتي الاتنين ..الأصغر مني طوالي ملاذ و دي عمرها 26 سنة يعني أصغر مني بخمسة سنة ؛ رتبتها ملازم أول و بتحب الطب بطريقة غريبة ، أنا كنت قايلها ح تقرا طب لكن مشت على نهج الأسرة و دخلت الجيش بإرادتها ..بعديها صغيرتنا ملك و دي ممتحنة الشهادة حالياً ولسه م حددت مصيرها شنو للان ..فتحت تلفوني و عاينت لصورة سيلفي قديمة لينا مع بعض ، وكان فارس ماسك التلفون و عامل حركات ب وشو ..م عارف لكن فجأة حسيت البيت ده ضيق و كاتم على نفَسي ، فقلت أنزل أشم هواء شوية واخفف على نفسي ، مشيت لبست و اتجهت على الكورنيش طوالي ، وأنا ماشي في الرصيف بقيت اعاين حواليني ، كنت شايف كل الناس مبسووطين و فرحانين و مستمتعين بالجو الشتوي تحت ضوء القمر ..ومن بين الناس في اتنين لفتو نظري و خلوني ركزت معاهم ، ع الأغلب متزوجين لأنو لمعان دبلهم عكس ضوء القمر في وشي ..كانوا بعملوا نفس الحركات الكنت بعملها مع ليلى ، لمن أكون عايز اغيظها ، أجر ليها أنفها و شعرها ، تلقائياً لقيت نفسي وقفت و سرحت فيهم مسافة طويلة وأنا مبتسم ، لحدي ما حسيت بدمعة عايزة تهرب من عيني ، ف اتلفت بالاتجاه التاني و مسحتها سرعة ، في اللحظة دي جاني ولد صغير ببيع شاي و قال لي عاوز شاي يا عمو؟ ..ابتسمت و قلت ليو اديني شاي ..أداني الشاي شكرته و حاسبته ومشى ، وأنا مشيت قعدت في محل على البحر مُسمي مقعد الأحزان لأنو من ما جيت هنا وأنا كل م اضايق بقعد فيو ..قعدت لحدي الساعه عشرة كده حتى قمت اتحركت على البيت ، وأنا في الطريق حسيت بإنو في زول مراقبني ، والإحساس ده م أول مرة يجيني ..لأ ، أنا من طلعت من البيت وأنا حاسس نفسي مُراقب و دائماً و في كل مكان الزول ده وراي ، وكنت متجاهله بمزاجي لكن بعد كده زهجت و طفح الكيل ..عملت فيها م شايفه و واصلت مشي و هو وراي ، لحدي م وصلت باب العمارة ، وقفت و قلت انتظرو لو جا ح يكون كتب على نفسو الموت و فعلاً جا وأنا طلعت ليو مسكته من ورا و خنقته ..قلت ليو أنت منو و ماشي وراي ليه؟ ..قال لي أنت مجنون يا زول فكني أمشي وراك ليه داير بيك شنو؟!! ..قلت ليو ما تستهبل قول الحقيقة عشان ما اقتلك ماشي وراي ليه؟! ..بقى يتحلف إنو م ماشي وراي ..مسكتوا و ثبتوا مع الحيطة و فتشتوا ما لقيت عندو سلاح ، شلت البطاقة قريتها لقيتو مواطن عادي إسمه طارق ، عاينت ليو تاني و خنقته ..قال لي يا زول أنا ماشي بيتي في الشارع ده!! ، بعدين أنت ما عندك أي حق تفتشني!! ..ضربته بوكس في وشو وقلت ليو خلي الكذب أنت ما من هنا!! ، أنا لي ستة شهور ساكن هنا و ما شفتك ولا بالغلط!! ..قال لي لأنو أنا كنت في قطر و جيت قبل يومين بس!! ، فكني يا إنسان!!! ..عاينت ليو مسافة و فكيتوا ، و راقبته لحدي م دخل رابع عمارة مني ، كنت لسه شاكك فيو وم مرتاح لوجودو و حاسي إنو وراهو شي ..المهم طلعت الشقة و فتحت الباب خشيت و امنت الباب وراي ، حتى دخلت فتحت الأنوار كده اتفاجأت ب زول واقف في البلكونة و لابس بدلة أسود في أسود ، استغربت ده منو؟ و دخل كيف؟ و داير شنو؟ .. معقولة يكون تبع طارق ده؟! ..براحة طلعت الجاكيت و شلت السكينة الكنت ملصقها تحت طاولة الخشب جنبي ، واتلفت و فتشت بعيوني إذا في زول تاني ولا حاجة ، لكن ما لمحت لي زول ..رجعت عاينت للراجل الواقف قدامي ، و جهزت لوضعية الهجوم وقبل م أتكلم ..قال لي ما تخاف يا النقيب مؤيد مافي زول غيرنا ..استغربت و مشيت عليو بحذر ..و قلت ليو أنت منو؟ و دخلت هنا كيف؟! ..في اللحظه دي اتلفت علي ، و كان راجل أسمر في بداية الأربعينات كده ، عيونو سود و نظراته حادة زي الصقر ، حواجبه ستريت كده و خفيفة و راسه صلعة لامعة ولابس ساعة ذهبية في يدو الشمال ..بيني و بين نفسي قلت ما أظن ده يكون واحد منهم ، ده بشبه رجال الأعمال أكتر من إنو يكون تبع منظمة ما ، و عاينت ليو بنظرة تفحصية سريعة و نزلت يدي الشايل بيها السكينة ..هو بعد لقاني هديت و بقيت جاهز اسمعوا ..قال لي النقيب مؤيد عبدالله؟ ..لأ و بعرفني بالاسم كمان!! ..قلت ليو أسمعني! أنا هنا مجرد مواطن عادي ، إنسان عايش حياته زي باقي الناس ولا نقيب ولا غيرو! ..قال لي أيوة صاح ، لأنك اتسرحت من شغلك ، عشان كده بقيت مجرد مواطن عادي صاح؟ ..عاينت ليو بتركيز وأنا بحاول أفهم هو داير شنو! ، و بعد دققت كويس في البدلة لمحت سلسل فضة ظاهر طرفها من بين زراير التيشرت وكان مكتوب عليها أرقام تسلسلية ، الظاهر كده هو ما مواطن عادي زي م اتوقعت ده حكومة ..رجعت عاينت ليو جوة عيونو وقلت ليو من غير لف و دوران أنت منو!! ..دخل يدو في جيب بنطلونه و طلع لي بطاقه تابعة للشرطة ..و قال لي أنا خالد عثمان من جهاز المخابرات العامة ..طلع تحليلي في محله ، لكن واحد من أمن الدولة بعمل في بيتي شنو؟! ..قلت ليو حتى لو كنت في المخابرات ده ما يسمح ليك إنك تخش بيتي في غيابي بنعرف القانون نحنا! ..ابتسم و قعد في الكنبة و قال لي طيب آسف على وقاحتي لكن وأنا جاي قالو لي طلعت فقلت استناك لحدي م تجي ..هنا عرفت إنو شكوكي صاح و الزول الكان وراي كان مراقبني ولا جاي من قطر ولا كويت ، الحيوان! ..قلت ليو انتو محتاجين تدربو ناسكم أكتر ، لأنو ولدكم الكان مراقبني كان ح يموت على يدي لأنو دي ما طريقة يراقب بيها ضابط عسكري ..ضحك وقال لي قصدك كان ضابط ..سكت وم رديت ..قال لي بعدين أنت عارف يعني إنك مراقب ..قلت ليو عارف! ، ليكم شهرين مُراقبني فقول لي دايرين مني شنو؟! ..عدل قعدته وقال لي بجدية طيب أنا جيتك بنفسي عشان مهمتك الجديدة! ..حسيت نفسي شوية اتوترت ، مهمة!! الزول ده مجنون ولا كيف!! أنا مفصول لي قريب سنة ونص كيف عندي مهمة!! ..قلت ليو مهمة!؟ مع احترامي ليك ي سعادتك بس أنت واعي لكلامك ده! مهمة شنو وأنا مفصول؟ ..قال لي أنا واعي للبقولو كويس يا نقيب مؤيد أنت عندك مهمة جديدة ..اتصدمت وبقيت م فاهم شي ، مهمة جديدة معناها رجعت شغلي! ، لكن أنا م بقدر أرجع أمسك مسدس و افكك قنابل ، لأ م بقدر! ..فجأة حسيت بصوت جواي بقول لي "لكن لمتين ح تفضل خايف ي مؤيد بعد كده لازم نواجه خوفنا ده!" ..قلت للصوت "لا أنا م بقدر أرجع" ..قال لي "يعني لمتين ح تفضل كده؟ ، قعادك و حزنك ح يرجعوا مرتك! ، ح يرجعوا فارس صحبك! ، ح يرجعوا باقي أصحابك!! ، لأ ، أنت لو بتعزهم بالجد لازم ترجع و تنتقم ليهم فااهم!" ..لقيت إنو كلامه منطقي و قعدتي في البيت و بكاي ما ح يغيرو في الدنيا شي ، وإني لو بحبهم بالجد لازم أعمل حاجة عشانهم ..رفعت عيني و عاينت للراجل بثبات وقلت ليو المهمة شنو سعادتك! ..قام وقف و اتلفت على البحر و قال لي المهمة شنو ده ما وقتو ، بس ح أقول ليك إنو عندك فرصة ترجع شغلك و ترجع لحياتك القديمة ، لكن بشرط ..قلت ليو شرط!! شرط شنو!! ..اتلفت علي و قال لي لازم تثبت لينا إنك قادر تستلم المهمة دي! ، وانك نفسك النقيب مؤيد الملقب ب"الذئب الأزرق" ..قلت ليو كيف؟ ..قال لي ح تقابل دكتورة نفسية وهي الح تحدد لينا جدارتك ، بينك و بين فرصة رجوعك بس الدكتورة دي ..نزلت عيوني و فكرت مسافة ، و استغربت إنو حياتي واقفة على مجرد دكتورة ، لكن لو ما ح أقدر أرجع إلا بتقرير منها ف أنا جاهز ..رجعت عاينت ليو وقلت ليو بثقة أنا جاهز! ، أسمها منو الدكتورة دي؟ ..ابتسم وقال لي دكتورة ميرا محمد محي الدين ..قلت ليو ميرا؟! ....


أيادي ملطخة بالدمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن