توأم الروح2: خيوط القدر

1.1K 37 270
                                    

أهلاً..

مساءٌ هادئ، يدفعني للكتابة رغم مُحاولتي لإشغال نفسي بأي شيء وأخذ يوماً دون كتابة كراحة.

يُقال في ثقافات عديدة الكثير من الأساطير عن "توأم الروح"، (جميعها ليست مُثبته علمياً). لكنك تشعر بها وبتطابقها حين لقاءك بتوأم روحك.
في الثقافة اليابانية مثلا; يقال أن هنالك خيط أحمر يرمز إلى الدماء والحب العميق (akai ito) وهو خيط غير مرئي موصلاً بأصابع شخصين. تم نسجهُ بواسطة الآلهة عند ولادة الشخصين.
قد يمتد ذلك وقد يتشابك أحياناً لكنهُ لا ينقطع أبداً! قُدر لهؤلاء الشخصين الإلتقاء ببعضهم البعض وأن يكونوا سويةً معاً، ليس من الضروري أن تكون علاقة رومانسية! رُبما أشخاص مُقربين أو أصدقاء.
لذلك هذا الخيط طالما أمتدَ بين شخصين سوف يلتقون لا محالة ولقائهم حتمي، أيً كان التوقيت أو الظروف!
يتصل هذا الخيط بإصبع الخنصر لكل منهم. غالباً.
تبقى أسطورة خيالية. لكن مجرد تخيل هذا الأمر، يُشعرك بالدفء!

بعدَ أن قرر جميعنا النوم بالديوانية إثر طرد اثنين منّا من منازلهم "أنا وإياد".
ينام هو وزياد بينما أبقى أنا مُستيقظاً.
دهاني الفضول للحد الذي يجعلني أُريد مُحادثة ياسر لأعرف ما كان يُريد قوله. ولماذا وجهاً لوجه أفضل أو مُكالمةً صوتية. لكن الخجل يمنعني من المُبادرة لبدء الحديث.
أرى ورقةً وبعض الأقلام على طاولة التلفاز.
الطاولة التي يمتلك فيها بعض الأصدقاء خزائن وأدراج خاصة بهم.
أأخذها ثم عائداً للأريكة أقوم بنزع ما أرتديه مُكتفياً بسروالي الداخلي استعداداً للنوم، ثُم أستلقي مُتلحفاً على الأريكة، أبدأ بالرسم بينما أستمعُ للموسيقى.

قضى سالم بعض الوقت مع والدته، توجه بخطوات هادئة نحو الحمام.
كان الجو ساكنًا، لا يُسمع سوى أنفاسه الخفيفة وهي تتردد في الأرجاء. بدأ بملء المغطس بالماء الساخن، ووقف أمام المرآة.
أمسك بفرشاة أسنانه وشرع بتنظيفها، وعيناه تهيمان بعيدًا، كأنهما تلاحقان أفكارًا تتشابك وتتلاشى.

حين انتهى من تنظيف أسنانه قام بنزع كل ما يرتديهِ بخفة، إلى أن أصبحَ عاري الجسد تماماً، كاشفاً بذلك إبداعُ الخالق  في تصوير جسده.
عاد إلى المغطس، غمر جسده النحيل في الماء الدافئ. أغمض عينيه للحظة وهو يسترخي، يداه تسبحان بخفة على سطح الماء. رفع بصره إلى سقف الحمام، حيث انعكاسات الضوء الشحيح ترسم ظلالًا خافتة على الجدران. كان هناك ما يشغل باله، لكنه احتفظ به لنفسه.

نهض سالم فجأة، وذهب ليطفئ كل الأضواء عدا ذلك الضوء الباهت المنبعث من مرآة المغسلة. الضوء بالكاد يُظهر الملامح، تاركًا للأشياء لونًا حميماً كالحلم. عاد إلى المغطس بعد أن أخرج من ثوبه علبة سجائر، جسده المتناسق يبدو كلوحة بين الماء والضوء. جسدٌ نحيل لكنه عريض الهيكل، يتمازج فيه القوة مع الهشاشة، كأن الطبيعة صاغته بعناية لتترك بصمة لا تُنسى.

أذكُرنّي لامعاً.. حين كُنّا معاًحيث تعيش القصص. اكتشف الآن