الفصل السادس عشر

67.3K 4.8K 255
                                    

#جوشوا:

تدريبات الخال أندرو مؤلمة للغاية؛ كل عضلاتي متشنجة ومتعبة، حتى جينات الذئب فيّ لم تستطع شفائي بسرعة كما تفعل عادة. لكن كل هذا لا يقارن مع الألم الذي يجتاحني حين أرى نظرته البعيدة الحزينة حين يتحدث عن التوائم الروحية.
لا أريد أبدا أن أكون مثله، رؤيته في تلك الحالة جعلتني أدرك أنه لا شيء أهم من الشخص الذي قُدّر لك أن تكون معه. سأفعل كل ما بوسعي لأكون مع... مع... تبا، لا أستطيع حتى أن افكر في اسمها دون أن أشتاق إليها أكثر!

استلقيتُ على أرضية القبو حيث كنت أتدرب لألتقط أنفاسي بعد يوم كامل من التدريبات الشاقة، فبعد أن أحسست بـقريبي اللعين يلمس فتاتي إستشاط غضبي ودفعتُ نفسي للتمرن فوق طاقتي.

"لديك ساحر غاضب ينتظرك في منزل سامنثا"
بدر صوت ماركوس من أعلى السلالم، نظرتُ إليه لأجده يستند على الجدار عاقدا ذراعيه.

"ساحر؟! أتمازحني؟"
سألته بسخرية، ما علاقة السّحرَة بـها بأي حال؟

"إنه والدها يا أحمق، وهو يُريد رأسك على طبق من الفضة بعدما فعلته بإبنته"
أجابني بملل مصطنع ليُحاول إخفاء مدى غضبه.

"ألا يفترض به أن يكون سعيدا من أجلها؟ أيّ أب هذا؟"
اعتدلت في جلستي وضربتُ قبضتي على الأرض.

"لديه مشكلة مع عائلتك، فلتسأل والدك"
ردّ منزعجا ورمق الفراغ بنظراتٍ قاتلة.

"مشكلة لا أعرف عنها؟ كيف هذا؟"
سألتُ مستغربا فأغلب المشاكل بسببي.

"كما قلتْ، إسأل والدك. والأفضل أن تسرع إليها قبل أن يرفع جدار الطاقة حول منزلها"
وبذلك أدار ظهره وخرج.

لم أفكر مرتين قبل أن أهرع إلى منزلها في هيئة الذئب أتسابق مع الريح. حين وصلتُ وجدتُ رجلا في أواخر الثلاثينيات في الباحة الخلفية.

نظر إليّ بحقد مكبوت فإندفعتُ نحوه مسرعا لكنّ شيئا ما أوقفني بعد أن رفع يديه وتمتم كلمات غريبة. زمجرتُ عليه وكشّرت عن أنيابي ثم إندفعت أحاول تحطيم هذا الجدار الخفيّ اللعين الذي يقف بيني وبين فتاتي.

بعد بضعة دفعات أخرى وقعتُ على الأرض وأدركني التعب والإرهاق من اليوم بطوله، أطلقتُ عواء منكسرا ثم أسندتُ رأسي على أطرافي الأمامية وأغمضتُ عينيّ لا إراديّا بعد أن رأيتُها تراقبني من نافذة غرفتها.

***********************

أيقظني صراخ والدي بي خلال رابطة القطيع فعدتُ إلى منزلي بخطوات متثاقلة ثم تغيّرتُ إلى هيئتي البشرية عند أطراف الغابة.

"أين كنت يا فتى؟ والدتك كانت قلقة عليك"
صرخ بي فلوحتُ له يدي بملل.

تخطيته ودخلتُ إلى غرفة المعيشة حيث كانت أمي مع التوأمين. جلستُ على الأريكة المنفردة وسألتهما.

"ماذا فعلتما لعائلة لانكاستر؟"
رمقتهما بنظرات حادة وأبقيتُ على قناع بارد خال من المشاعر على وجهي.

"من أخبرك بهذا؟"
تساءل والدي منصدما.

"والدها الساحر حرمني من رؤيتها وجعل حقل طاقة سخيف حول منزلها حتى لا أقترب منها أبدا"
أجبتُه بسخط ونظرتي الحادة لم تقلّ.

"ذلك الـ..."
تمتم لنفسه وأوقع مزهرية.

"سأسأل من جديد، ماذا فعلتما لعائلة لانكاستر؟"
رصصتُ على أسناني وتشبثتُ بمسند الأريكة بقوة.

"والدتها مستذئبة مثلنا وكانت تنتمي إلى قطيعنا هذا، كانت صديقتي المقرّبة أيضا..."
نظرتْ أمي للفراغ بحزن كأنها تتذكر شيئا ما.

"والدها ساحر كما علِمت والعلاقة بينهما محرمة من قبل المجلس الأعلى، وُكّلت إلينا مهمة تفريقهما عن بعضهما لكن حبّهما كان أكبر من أيّ شيء وتمكّنا من الهرب منّا لفترة ما. حين ظهرا أخيرا كانت والدتها حاملا بها، وبسببها وصلنا إلى إتفاق وهو أن لا تعلم أبدا بأصول والدتها وأن يربيها والدها بمفرده على إرثه، لكن عليه الدخول للسجن لمدة للتكفير عن ذنوبه وها نحن ذا"
أكمل والدي بعدما أدرك أن أمي لا يمكنها المواصلة.

"إذا تريد أن تخبرني أنه بسبب قوانينكم التافهة السخيفة أُجبِرَتْ سامنثا على العيش دون والدتها والآن تريدانني أن أعيش أنا من دون الفتاة المقدّرة لي!؟"
دفعتُ الاريكة التي كنتُ جالسا عليها للخلف فتركتْ حفرة في الجدار لم أهتم لها، فلا شيء يقارن بالغضب الذي أشعر به الآن.

"لسنا نحن من يضع هذه القوانين!"
ردّ والدي صارخا محاولا تبرير أفعاله.

" لا أصدق مدى أنانيتكما!"
هززتُ رأسي مُنكِرا، لم تبقى لدي طاقة لأتناقش معهما أكثر.

لم أنتظر إجابتهما وخرجتُ من منزلي إلى بيت خالي، فهو الوحيد الذي يتفهم ألمي الآن.

صعِدتُ إلى الغرفة التي أمكثُ فيها وارتميتُ على السرير مُنهكا، حضنتُ وسادة إلى صدري وبدأتُ أخطط لإستعادة فتاتي لكن نهاية كل مخططاتي كانت الفشل، كيف لا ووالداي ضِدّي في هذه المسألة.

***** بعد بضعة أيام *****

"أيقِظ مؤخرتك الكسولة، أيها الأحمق"
سحبَ قريبي اللعين الغطاء عنّي وصاح فيّ بصوته المزعج.

"ابق بعيدا عنّي"
زمجرتُ عليه بضعف وأخفيتُ رأسي بين الوسائد حتى لا يرى الدموع الجافة على خدّاي.

"استيقِظ بحق السماء! لديّ خطة لإستعادة سام"
جذب كلامه إنتباهي فنظرتُ إليه ببعض الأمل.

"ماذا؟ هل أشفقتَ عليّ؟"
سألتُه ساخرا حين لم يتكلم وبقي يحدّق بي.

"لا، أنت تستحق كل هذا. فقط اشتقتُ لتمضية الوقت مع فتاتي"
ركّز النطق على كلمة 'فتاتي' وابتسم بنهاية الجملة فخورا بنفسه.

"اسحب. قولك. حالا!"
زمجرتُ عليه بصوت ذئبي.

"لم لا تجبرني؟"
لمحتُ التحدّي والاستفزاز في نبرة صوته فقفزتُ عليه حتّى ألقنه درسا لا ينساه.

"لعين مزعج"
لوّحتُ بقبضتي من جديد لكنّ صوتا أنثويّا حنونا جعلني أتوقف في مكاني.

جوشوا | JOSHUAحيث تعيش القصص. اكتشف الآن