البارت5

722 32 0
                                    


قرعت مريم الباب مستأذنةً الدخول ومن ثم قالت..
*هل تسمح لي بالدخول ؟
-تفضلي يامريم ..
" دخلت مريم والارتباك ظاهرٌ على وجهها .. "
-مابك يامريم هل حدث أيُّ مكروه ؟!
*لا ياسيدي لم يحدث شيء..لكنك تعلم أن هذا هو يومي الأخير في هذا الميتم .. وحال جورجينا لم يتحسن إطلاقاً
وأنا لايمكنني أن أدعها في هذا الحال وأتقاعد ..
-لكن ليس باليد حيلة يامريم .. فقد بلغتي من العمر ال50 وأنتي تعلمين أنها فترة التقاعد ويكفيكي ماخدمتي من سنين طويلة ..
*أعلم ياسيدي ليست مشكلتي بالتقاعد .. فأنا حقاً قد تعبت وقد حان الوقت كي أرتاح في أواخر سنين عمري ..
لكنني جئت لهنا راجيةً منك طلبٌ واحد وأرجوك إقبله مني ..
-تفضلي يامريم ..
*أنا أريد أن أتبنَّى جورجينا ك طفلةٍ لي .. وهكذا أخرج وقلبي مطمئنٌ على حالها .. أرجوك لاترد لي هذا الطلب واعتبره جزاء خدماتي طيلة ال50 سنة التي مضت ..
-لكن كيف بمقدورك أن تعتني بها بعد هذا العمر !!
*لاعليك هذا من دواعي سروري لكن أرجوك وافق ولاتعترض على طلبي فوالله ليس بمقدوري الخروج بدونها ..
فهي طفلةٌ صغيرة ويكفيها ما عانته على فراق أخيها التوأم ..
-حسناً اهدأي يامريم ..صدقتي القول فأنا أيضاً لا أستطيع رؤيتها هكذا وهي بهذا الحال على فراق جورج ..
فكيف ستصبح على فراقك أيضاً .. لا اعلم ماذا أقول لك ..
*أرجوك فكِّر جيداً ..
-حسناً إن كنت تريدين ذلك وتستطيعين تحمُّل مسؤوليتك فلك هذا .. واعتبريها طفلتك منذ اليوم وبإمكانك أن تأخذيها معك من اليوم لمنزلك وأنا سأهيء لك جميع الأوراق اللازمة ولك ماتشائين ..
شكرته مريم على ذاك التصرف وتلك المساعدة ووعدته أنها ستعتني بها جيداً ..
""كم غريبة هي هذه الحياة التي فعلت هكذا بطفلين ..
جمعهم رحم واحد لكن من فرقهم اثنين ..!!
كل منهم ذهب من جهة ولا يدري عن الآخر شيئاً ..
لا أحد يعلم مالمصير الذي ينتظرهم .. ولا حتى مالذي يخبأ ﻷجلهم .. فقط كلٌّ منهم ترك مع الآخر شبهٌ له لا أكثر ..!!""
أخذت مريم جورجينا وذهبت بها لمنزلها الخاص ..
وبعيناها تلك اللمعة السعيدة المحتزنة ..
تخشى عليها من مستقبلٍ دون أخيها ..
وبذات الوقت سعيدةٌ أنها لم تدعها لوحدها ..
اعتنت مريم بجورجينا جيداً وكأنها طفلتها ..
اعتنت بها رغم صراخها الذي لايتوقف ..
وكأنها تشعر بفراقها عن أخيها ..!!
وكأنها تشعر أن ذاك الشخص الذي بقي بقربها 9شهور في رحم أمها وسنة على هذه الدنيا .. قد فارقها !!
و لربما لن يعود بإمكانها رؤيته ..
كم صعبة ومؤلمة هذه الحياة .. :(
ومع مرور الأيام والأشهر والسنين ..
و مع مزيج من الفرح والحزن والدموع ..
جاء ذاك اليوم الذي بلغت به جورجينا السادسة من عمرها .. وأصبح بإمكانها النطق والمشي ..كانت تنده لمريم ب "أمي"
لم تكن تعلم بحقيقة الأمر بعد .. لم تكن تعلم مالذي يخفى من أجلها .. قررت مريم أن تضع جورجينا في المدرسة ..
كي تنال من العلم ماتستحق فهي كانت بالغة القمة في الذكاء .. كما كانت تخشى عليها كثيراً بسبب جمالها الفتّان ..
فهي تعلم جيداً طبيعة ذاك المجتمع الذي لايرحم الفتيات الجميلات .. وكانت تخشى عليها حتى من تلك النسمات التي تلامس خصيلاتِ شعرها الذهبية ..
وفي يومها الأول من الدراسة كانت سعيدةً للغاية ..
عادت للمنزل وهي تروي لها جمييع تلك الأحداث التي صادفتها في تلك المدرسة .. وعن جميع أولئك الفتيات اللاتي تعرفت عليهن .. وأصبحن صديقاتها .. كم كانت مريم سعيدة بسماع تلك الكلمات منها وتلك الضحكات التي تعلو وجنتيها .. ضمَّتها لها وقبلت جبينها وأخبرتها أن تبدِّل ملابسها وتعود لتتناول الغداء ..
فهي تريد بعد إنهاء الطعام أن تصطحبها لمدينة الألعاب .. كم فرحت بذاك الخبر جورجينا وذهبت مسرعةً وفعلت ماتريده منها ..
كانت مريم لطالما تفكِّر بجورج وماذا يحصل معه وعن حاله ..
وهل هو بخيرٍ أم لا ..!
لكنها تعود وتفكر بجورجينا وعمّا تريد أن تفعله ﻷجلها وﻷجل سعادتها ..
أما جورج فحقاً كان منعماً بحياةٍ جميلةٍ ..
حياة الأغنياء والرفاهية والطمأنينة ..
كان جميع مايريده يجده بحجرته ..
بلغ كأخته السادسة من عمره ..
ووضعوه تلك العائلة التي تبنته في أفضل مدرسة بفرنسا ..
كي يتعلم أفضل تعليم ولا يتعذب بحياته ..
كان كشبه أخته حقاً .. شديداً بالجمال والفتنة ..
حتى الإمرأة التي تبنَّته تحبُّ جماله الساحر ..
لكنه لطالما كان يقول لها:كم أتمنى أن أحصل على أخ صديق .. أو أختٍ صديقة .. كي ألعب برفقتهم ونكبر معاً ..
لم يكن يذكر من حياته شيء ولا حتى أن هناك أخت له في الحقيقة ...
ولا يعلم ايضاً أنهم ليسو بعائلته الحقيقية..
لكنه كان يعش معهم بسعادةٍ لاتجعله يشكُّ بأنه ليس طفلهم الحقيقي..
ولصغر سنهم لم يخبرهم أحد بتلك الحقيقة المؤلمة ..
التي لا تستطيع عقولهم الصغيرة أن تتحملها بعد.. ~

توأم غرباءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن