هل يمكن ان نرغب في الحياة بسبب انسان لا نعرفه؟!!

238 18 21
                                    

الإختلاف كبير بين جان الجالس بجانبي، الصديق الوفي والوالد العطوف مع إبنته، والزوج الحنون وبين ذاك المحقق في تلك الغرفة منذ إحدى عشرة سنة

جوزيف: لقد كُنتَ قاسٍ جدًا في إستجوابك ونظراتك كانت تشبه كثيرًا نظرات إدوارد..

وضع يده فوق يدي ونظراته للأرض وكانه نادم او خجل من نفسه
جان: آسف لأنني لم أصدقك في ذلك الوقت..
إبتسمت: لا عليك.. فلولاك لمَا وجدتُ طريقي ونفسي..
أحكم قبضته على يدي وأشار بإصبعه لي: بل إصرارك هو الذي أخرجك وبِه شَققت طريقك.. أنا ساعدتُ بالقليل

أغلقت عيوني فأنا الآن لا أريد الحديث أكثر عن الماضي..

عيونها هما كل ما إستحوذ تفكيري ودموعها ما أثر فـيَّ، غموضها ما أغرقني وجذبني..

أفزعني جان بصراخه عليَّ..
جان: ماهذا جوزيف!!.. هل تَركتُ عائلتي حتى تنام!!!
لستُ قادرًا حتى على تحريك يدي أو النهوص من الكنبة
جوزيف: حسنآ صديقي لن أُعطلك أكثر... إذهب لزوجتِك وإبنتك
أجابني بتعجب: وكأنك لم تُسرق أو يمكن كدت تُقتل منذ ساعات قليلة!!!
ضحكتُ من تهكمه: الأمر ليس بهذه الخطورة..
قاطعني..
جان: لا فائدة منك!
نهض وإتجه نحو الباب: لا داعي للقلق!!... حسنا سأذهب لكن كُن حذرًا
نَهضتُ بِكسل لأوصله للباب: يمكنني الإعتناء بنفسي
ضَربني ببطني: سأقتلك إن حدث لك مكروه
ضحكتُ رغم أَلم الضربة: ستقتلني الآن بضربتك 

تركني جان وعُدت وحيدا وعادت عيونها لملاحقتي.. "تبا لها"

لقد قررت بعد خروجي من القبر نسيانها... لم أتصور أنه صعب لهذه الدرجة
مرت الليلة هادئة... إلا من إزعاج اتصالات جان كل ساعتين

جوزيف: نعم؟
جان: حسنا.. أنت بخير؟!!
جوزيف: يا إلاهي جان إنها الرابعة صباحًا.. إشفق علي وأتركني أنام، أرجوك
لم يسمعني حتى وأقفل الخط
جوزيف: تبا لك جان أيقضتني.. هو بكل تأكيد عاد للنوم لكن أنا.. تبا لك
أحسست بإتساع الفراش ،فراغ الغرفة ،صوت الباعوضة ودقات الساعة..
لا، لايمكن إنتظار النعاس... نهضت وإغتسلت  نظرت لنفسي في المرآة "إن شكلي مخيف"
شعري مُشعث،عيون  حمراء  مع هالات سوداء تحتهما من قلة النوم، ورأيت إنعكاس صورتها في المرآة.. هل هذا من قلة النوم؟ ألهذا أراها في كل مكان؟ ... أشعر وكأن عيونها تقابلني وتتبعني..  " تبا لكم جميعا"

خرجتُ لعل الهواء يُغير مِزاجي، لكن بعد السير مُطولا ومُراقبة تَغيُّر الشوارع من خالية إلى مُزدحمة مع  مرور كل دقيقة، قررت العودة للمقبرة ليس من أجل والديَّ، بل لأنني لم أستطع منع نفسي من العودة لقبر المدعو "تيم"

"المقبرة في هذا الوقت مخيفة حقا.. هل إعتقدتُ أنني سألتقي بها هنا وفي هذه الساعة!؟ إنني مجنون، ماهذا، هل أصبحت مهوسا بها!"

يبدو أنني أصبحت حقا مهووس، فقد عُدت اليوم اللي بعده ولم أجد أحدا...

وبقيت أذهب للمقبر تقريبا كل يوم مدة أسبوع، فقد أصبح كتَحدٍ بالنسبة لي "يجب أن أعرف ما وراء حُزنها ومن هذا تيم براون"
قررت هذه المرة الإنتضار عنده "إن لم تأت اليوم سأطلب من جان التحري عنه "

أعتقد أن إنتظاري لم يكن من دون فائدة فقد ظهرت عجوز..
" إنها نفسها التي كانت تُحدِثُ تيفاني وتطلب منها إكمال حياتها!"

وقفتُ أمامها إحترامًا لها وأيضا حتى أسألها فقد أجد الأجوبة عندها... إنها جميلة رغم كِبر سِنها وملامِحها طيبة، حتى هي عيونها تُخفي حُزنا
العجوز: من أنت يا بني؟
جوزيف: أردت السؤال عن صاحب القبر
العجوز باستغراب: لما؟!!
جوزيف: فقط أريد أن أعرف من يكون وما علاقته بتيفاني تايلور

جَلستْ عند حافة القبر ووضعتْ زهورًا بيضاء وأجابتني من دون أن تنظر إلي: إذهب أيها الشاب ولا تُدخل نفسك في أمور الموتى والآخرين 
لم أُرِد الإلحاح أكثر..فكرت
"أعتقد أنها تعرف شيء ولا تريد إخباري"

ذهبت ولكن إصراري زاد  أكثر لِمعرفة قصته 
لا يوجد أفضل من أن أسألها هي مباشرتا..

توجهتُ لمقر عملها وإنتظرت خُروجها... خروج تيفاني

شوقي لك .. يعذبنيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن