-2-

165 3 0
                                    


قالت العجوز : فلما أفاقت قالت للخدم : (الله) -1- عليكن لاتخبرن [4ر] سيدتي بما رأيتن ، فإنه لم يكن ذلك إلا لما تحركت حركة زائدة خلاف عادتي.

فكتمن ذلك ورجعن إلى أشغالهن ، ثم خلوت بها ثانية فقلت لها : كيف ترين؟

قالت : نعم إذا حصلنا في البستان يكون بالقرب منا ، فإذا سمع حركتنا فيشير بما أمكنه من الحركة اللطيفة المستحسنة للسماع ﻷحد بذلك السبيل.

قالت العجوز : فا ستوثقت منها وخرجت من عندها وأتيته فأعلمته بالخبر ، وبتنا تلك الليلة ، فلما أصبح أخذنا في النهوض نحو الموضع فمشيت أنا وتركته يسير نحو النهر إلى الحديقة المذكورة ، ورأيته قد أتى بعود (لطيف) -2- ، وما كنت أحسبه صاحب عود ، فلما أتيت الحديقة (الغناء) -3- [وجدت] (فيها) -4- المفارش واﻷوطئة والكراسي وأواني الطعام والشراب (الفاخر) -5- بما يصلح لمثلهن (متاعاً) -6- فقعدت يسيراً ، إذ أقبلت الجملة والكبكبة بفرش الحرير والهوادج (من) -7- ذوات العقل والشباب ، فوالله لقد ظننت أن الحديقة (جنة) -8- مما رأيت من حسنهن وبديع شكلهن وبهجة حسنهن ومن (و) (المزاح) -9- (وتدافع الجواري) -10- وأنواع الطواوين -11-. (وتصبب) -12- العرق على وجنتيه ، بعد ذلك قالت لهن السيدة اقعدن (واهدأن) -13- حينئذ قعدن وأتى بالطعام الطيب المنتخب يقدم من أنواع الفاكهة كل غريب ، ثم أمرت بذلك كله (للجواري) -14- واﻷعوان الواقفين على باب [٤و] البستان ، ثم دار اللهو والطرب (وبدأت) -15- اﻵغاني ، ثم قالت السيدة لجارية لها تسمى شمول : غن لنا صوتاً.

قالت : نعم وكرامة. فأخذت العود وسوته واندفعت تغني هذه اﻷبيات [وافر].

[5ر] تعبدني الهوى فبقيت صباً

وخامرني فذاب القلب حبا

وأضناني الهوى فشربت كأساً

يقطعني اﻷسى بثاً وكربا

رميت من الهوى بسهام حتف

فما أبقت لنا وهماً ولبا

فما لي غير جفن ذي انسكاب

يفيض الدمع في الخدين سكبا

بعيني -16- طفلة -17- هيفاء رود -18-

تثير جفونها في القلب حربا

إذا نظرت بأجفان مراض

يدب الموت في اﻷحشاء دبا

قالت العجوز : فلما فرغت الجارية من شعرها قالت لها السيدة : عز والله علي يا شمول (زيدينا) -19- من غنائك.

قالت : نعم وكرامة. فسوت عودها وغنت بهذه اﻷبيات حيث تقول [كامل] :

لعب الهوى بمقلد الصبر

بياض ورياضحيث تعيش القصص. اكتشف الآن