قالت العجوز : فلما تم قلت له : أحسنت والله إنك لشاعر مفلق حسن الوصف ، وإن (رياض) كذلك ، فبالله يا بني إلا ما حملت اﻷمر على ما حمله أهل العقول [24ر].
(أطالت السيدة) -1- علي بوجهها الجميل وسألتني عن حالي وقالت : كيف حالك؟
فقلت : حااي موصول بحالك ، أنا بخير ما دمت أنت بخير.
قالت : يا عمة ما أنا بخير من أمر هذه الصبية التي بليت بالهوى على صغر سنها ، وأنا كنت السبب إلى بليتها والمفتاح لشجونها ، فبالله عليك (مريها) -2- وكلميها (فإن) -3- كلامي عليها ثقيل.
فقال لها : يا سيدتي (دعيني) -4- من هذا فما يشاكلني وأنا عجوز وما أريد أن ألح في شيء من هذا.
قالت السيدة : ما أنت إلا بمقام [(بمقام) -5- أبيها وأمها].
قالت : فهممت إلى الدار الذي فيه رياض وعلى الباب جارية ما كانت تصلح على باب جنان الخلد ، صغيرة السن مليحة الحركات فصيحة اللسان على رأسها مقنع حرير [؟] أصفر ، فقامت وسلمت علي فقلت لها : أجلس حتى أعلم ما عند رياض وما هي عليه. فتنفست الجارية الصعداء حتى حسبت أن روحها تزهق حسرة ، فقلت لها : يا بنية وما هذا؟
قالت : نعم ، سخطت سيدتنا على رياض بغير ذنب وهي كانت الجافية عليها.
فقلت لها : لا (تنفعلي) -6- فما جنت ولا أرادت.
قالت : بلى ولا رياض خرجت وفسدت.
قالت العجوز : فقلت لها : لا أدري أن العقول تمنع عن الصنع في غير التمكين ، والباطل ممنوع إدراكه ، والواجب على ذوي اﻷلباب مراجعة الحق والصبر عند اليأس ، كما قال الشاعر [بسيط] :
اليأس أعظم سلوان اللبيب فمن
يرجو ويطمع فيمن ليس يملكه
يدعى سخيفاً وإن كانت مطامعه
فيما يحل فذاك العقل يسلكه
فقالت البوابة عند ذلك : فمن أصيب بغير ظن أو ضمته ضرورة فيتحامل ، ومن لم يطق لنفسه سلواناً فليحل على الصبر.
قالت العجوز : فقلت لها : ما حال رياض؟
قالت البوابة : [24و] حال والله سوء وإنها كما فال الشاعر [بسيط] :
سر العدو وأبدى من (شماتته) -7-
حتى إذا ما رأى من حاله رحما
بدت دموع على خديه ساكبة
تصب حين همت فوق الجيوب دما
وصفرة وشحوب ظاهر وضنى
يبدو عليه وجسم قد ملي سقما

أنت تقرأ
بياض ورياض
Romanceقصة من التراث العربي أخرج المخطوط : أ.ر.نيكل تحقيق وتقديم : د. صباح جمال الدين