مقدمة الناشر

655 24 24
                                    

هذا الكتاب الرابع من سلسلة (من أجل الحقيقة) شهادات ثمينة قدمها لنا نخبة من ألمع مفكري الغرب.

إنهم ينتمون إلى بلدان مختلفة ومذاهب شتى ، ويتناولون المسيحية من منطلقات علمية متنوعة ، لكنهم جميعاً يخلصون إلى نتيجة واحدة هي :

(إن المسيحية التي يؤمن بها مسيحيو اليوم ديانة مختلفة عما جاء به السيد المسيح عليه السلام).

وأجمع هؤلاء المفكرون أن أركان هذه المسيحية الجديدة وعقائدها وصلواتها وشعائرها تأثرت أو تحدرت من الديانة الوثنية التي كانت سائدة قبل ظهور المسيح عليه السلام أو في أيامه.

وقد نقلها المؤمنون الجدد من ديانتهم الوثنية فأقرتهم عليها الكنيسة ، ثم تبنتها وجعلتها رموزاً تأويلية ملفقة ترضيهم وتلبس على غيرهم.

والمفكرون النخبة الذين يتناولون ديانتهم المسيحية تاريخياً أو نفسانياً أو من وجهة نظر مقارنة هم في اﻷصل مسيحيون ، ولدوا في أسرة مسيحية ، ونشأوا في مجتمع مسيحي ، وتعلموا في المدارس والمعاهد والجامعات المسيحية.

وليس هناك ما يدل أبداً على أنهم تأثروا أو تبنوا منطلقات النقد القرآني للمسيحية ، بل ليس هنالك ما يشير إلى أنهم تناولوا هذه الديانة من زواية إيمانية عقائدية محازبة مع المسيحية أو ضدها ، فهم لم يكونوا في بحوثهم ودراساتهم الجليلة إلا علماء ، ولم يبتغوا إلا وجه العلم.

ولهذا فإن التقاء النتائج التي توصلوا إليها مع منطلقات النقد القرآني للمسيحية أمر ذو أهمية علمية وتاريخية وإنسانية.

والقارئ الذي يبحث عن هذه النتائج المرضية في ثنايا هذا الكتاب ، ينبغي له أن يعرف أن هؤلاء المؤلفين اللامعين الذين كشفوا عن الجذور الوثنية للعقائد واﻷركان والشعائر المسيحية بما يتفق كله أو جله مع النظرة اﻹسلامية ليسوا مفكرين مسلمين ، وهذا ما يعطي شهاداتهم ونتائجهم رجاحة وتوثيقاً ، لكنه يحلهم من حرج اﻹشارات والاستشهادات ، بنصوص من اﻷناجيل أو من مؤلفات آباء الكنيسة التي يراها المسلم خالية من الذوق منافية للأدب مع الله سبحانه أو مع رسوله المسيح عليه السلام.

بعض هذه الاستشهادات المنقولة من العهد الجديد ورسائل من يوصف بالرسل أو من نصوص آباء الكنيسة واللاهوتيين ، وبعض اﻹشارات الشائعة في اﻷعراف والتقاليد والشعائر (الطقوس) المسيحية تتحدث عن (بنوة) المسيح عليه السلام أو عن صلبه أو موته أو بعثه من القبر ، وحتى عن إرساله إلى جهنم ، كما يتحدث بعضها عن أبوة الله (سبحانه عما يصفون) أو عن مشاركته ، أو غير ذلك مما يمجه العقل وينكره الذوق ويتنافى مع ما جاء به المسيح عليه الصلاة والسلام.

والواقع أن كل هذه الشواهد واﻹشارات التي أوردها المؤلفون إنما تخدم هدفاً واحداً سعوا إليه جميعاً ، وهو إثبات أن كل هذه العقائد واﻷركان والشعائر ، بدءاً من (بنوة) المسيح وصلبه وموته ، وانتهاءً بأبوة الله ومشاركته ، وما ترتب على ذلك من تثليث وفداء وخلاص قد تحدرت إلى المسيحية من الديانات الوثنية السائدة قبل ظهور عيسى عليه السلام وفي أيامه ، وإن دينه مختلف عنها.

اﻷصول الوثنية للمسيحيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن