7. انها مهزلة

587 32 4
                                    


  كنت جالسة على سريري أقرأ كتاباً وعقلي مسافر لذاك اليوم بل لذاك اللقاء بيننا

في المكتبة , كانت ملامحه ونظراته غريبة ليس كالمرتين السابقتين !!

آه كم يبعثرني هذا الرجل ولا يعلم ما يصنعه بي إن ضحك إن ابتسم إن تحدث

أو سكت , في كل أحواله يسلب عقلي ويغادر به , لما حتى الصدف تريد أن

تزيد احتراقي , ترى ما عناه حين قال ( هل الكتاب فقط ) ما يعني غير الكتاب !!


دخلت حينها عمتي علي الغرفة وقالت بابتسامة " قمر هل أنتي مشغولة "

ابتسمت ووضعت الكتاب جانباً قائلة " لا , وحتى إن كان كذلك فأنتي أهم "

اقتربت ووضعت يدها على رأسي وقالت " ما أكبر هذا العقل وما أجمل هذا الوجه "

قلت مبتسمة " يبدوا لديك شيئاً "

ضحكت وقالت " كم أتمنى أن أخفي عنك شيء ولا تريه في ملامح وجهي "

ثم جلست وأمسكت يدي وقالت

" قمر لقد خطبك أحدهم من عمك وهو طلب أن آخذ رأيك كي لا تخجلي منه "

قلت بحياء " هو يظن أني كنت أرفض لأنه هوا من يتحدث معي , أليس كذلك "

قالت رافعة كتفيها " يبدوا ذلك "

رفعت شعري خلف أذني وقلت بهدوء " من الخاطب ..؟ "

قالت بابتسامة وهي ترفع باقي شعري

" في السابق كنتي ترفضين مباشرة دون سؤال فما تغير الآن "

قلت " لا أعلم !! أليس من حقي أن أعرف "

قالت من فورها " بلى , إنه الكاتب زين مالك "

نظرت لها بصدمة كادت تخرج معها عيناي وقلت بهمس مخنوق " زين.. "

قالت " نعم تحدث مع عمك اليوم "

شعرت حينها بكبر حجم الكلمات التي قالتها وأني لا أستطيع استقبالها , لم يكن عقلي

مُعداً لاستقبال أمر كهذا بعد أن فقد الأمل منه منذ سنين , بقيت أرمش ونظري على

عينيها دون أي ردة فعل أخرى وهي تنظر لي بحيرة ثم قالت

" قمر ما بك هل تختبرين قوة رموشك "

ضحكتُ وضحكَتْ هي معي واستمررنا في الضحك حتى تحول لبكاء فحضنتني وقالت

" قمر ما بك بنيتي حتى الضحك تختمينه بالبكاء "

غصت في حضنها أكثر وقلت " من جاء يخطب من الثلاثة قمرام سيلين  أم ضوء القمر أم نورسين "

قالت " أنا لا أفهم مما تقولين شيئاً "

ابتعدت عن حضنها مسحت دموعي وقلت " موافقة "

نظرت لي بصدمة وحيرة ودهشة وكل شيء من ذلك كله ثم قالت " متأكدة !! "

قلت " نعم ولما استغربتِ "

قالت بحيرة " ألن تفكري قليلا لتتخذي قرارك , هذا زواج ولا يكون القرار فيه بسرعة هكذا "

هززت رأسي بلا وقلت ممسكة يديها " لا عمتي لن أغير رأي , هو قدري هو لي أنا "

نظرت لعيناي مطولاً بصمت ثم قالت " هوا ذاك الشخص إذاً "

أعدت يداي لحجري ونظرت لهما في صمت فوضعتْ يدها على كتفي وقالت بهدوء

" قمر قد لا تكون الحياة معه كما تريدين وقد لا يسعدك , لا أريد لك

التعاسة يكفيك ما رأيته في حياتك بنيتي "

نظرت لها من فوري وقلت وعيناي تمتلئان بالدموع

" حتى لو كنت سأعيش معه تعيسة فأنا راضية لأنه وحده من سينتزع تلك السنين

من قلبي وحده الشيء الذي سيملأ الهوة الفارغة في داخلي "

قالت بحنان ماسحة لدموعي

" الأمر لن يكون سهلاً بنيتي الزواج ليس كالعلاقات العابرة وأنتي

لم تجربي ذلك فلا تستهيني بالأمر "

ارتميت في حضنها وقلت ببكاء

" لا أتخيل هذا العالم من دونه عمتي لا أستطيع تصور حتى أن يكون

لامرأة أخرى غيري لأنني سأموت "

مسحت على شعري وقالت " كما تريدين يا قمر المهم أن تكوني مرتاحة وسعيدة "


ثم أبعدتني عن حضنها قبلت خدي مبتسمة وغادرت من فورها فارتميت على السرير

أشعر بكل المشاعر تدفق مرة واحدة فكان أولها أن أدمعت عيناي وشعرت بأنفاسي

تتقطع في صدري فهذه هي أنا الحزن أول شيء يزورني وآخر من يغادر مني

احتضنت الوسادة أغمر وجهي فيها وأبكي بصمت

وها قد حمل لي هذا اليوم ذاك الخبر الذي لم أتوقعه ولم أتخيله , زين يريدني زوجة له

بالتأكيد لم تكن المقصودة قمر التي أحبته ولا ضوء القمر التي أحبها ولكني لم أهتم

ولم يخبرني هذا اليوم أنه جاء لخطبة ثلاثتهم


ولم تغب عمتي طويلا حتى دخلت ايف  الغرفة وبالطبع علمت بكل شيء من

الجاسوس كارل فهوا لا يفوته شيء مما يدور في مجلس الضيوف ولو لم تكن

غير موجودة في المنزل لجاءتني قبل والدتها

دخلت بوجه مصدوم وقالت بتلعثم " لقـ لقـ لقد خطبك "

جلست وقلت " نعم اعلم "

اقتربت ووقفت أمامي وأنا جالسة فوق السرير وقالت " وهل أنتي موافقة "

قلت وعينيا على أصابعي تلعب بطرف اللحاف " نعم "

قالت بصوت مندهش

" نعم !!! وماذا لو اكتشف أنك ضوء القمر وماذا لو كان يعلم بذلك الآن "

نظرت لها بصمت فقالت بحدة " تكلمي يا قمر ماذا لو كان يعلم "

أشحت بنظري عنها وقلت " لا يهم "

جلست بجواري وأمسكت وجهي ووجهته ناحيتها وقالت

" قمر لا تركضي خلف مشاعرك سيجعلك تكرهينه حينها وتكرهين

نفسك أكثر من كرهك لها الآن "

قلت " لا يهم "

قالت بصراخ غاضب " اقسم أنك جننتي يا قمر "

أبعدت يداها عن وجهي وقلت بصراخ باكي

" نعم لا يهم أنتي لا تشعرين بي فلو جعلني أكرهه ولو كرهته يوماً فسأموت وسأكون

ارتحت في كلا الحالتين , أنا أحبه يا ايف  أحبه بجنون افهميني , حياتي معه وحده

حتى لو أذاقني الأمرين , وسوف أجن لو كان لغيري "

وقفت واضعة يديها وسط جسدها وقالت " أين باقي المفكرة "

قلت ببرود " تخلصت منها "

قالت بحدة " هل معهم ورقة مقصوصة "

قلت بذات البرود " لا أعلم "

خرجت تردد بغضب " تحملي نتائج قرارك إذاً "

مسحت دموعي وارتميت على السرير أخفي وجهي بذراعي

لما لا يفهمني أحد !! لما لا تفهمون أن حياتي معه أو لا حياة لي فلا يمكنني العيش

كما يريدون مني أن أكون فأنا أصبحت مجرد قطعة منه , تعيش به أو لا تعيش وتكون

له أو لا تكون فكل التفاصيل في حياتي مرتبطة به من طفولتي لمراهقتي لصباي فكيف

أكون تهورت أو تسرعت !! كيف يأتي إلي بإرادته وأرفضه , هم يهدون بالتأكيد


جلست ببطء عدلت شعري ونزلت للأسفل وجدت كارل  يُقسم باقة زهور على

مجموعات اقتربت منه وقلت " ماذا تفعل ومن أحضر هذه الباقة الجميلة "

قال وهو مشغول بفرز الألوان والأنواع " الرجل الذي طلبك للزواج "

قلت بابتسامة " ولما تُقسمها هكذا "

قال " ليأخذ كل منا حصته أنتي وأنا و تريشا ووالداي "

ضحكت وقلت واضعة يداي وسط جسدي

" ولما ليست لي , هوا جاء لخطبتي يعني الباقة لي "

قال راميا بيده اتجاهي وعيناه على الأزهار

" لم يقل خذها لقمر قال خذها للداخل "

قلت بضحكة " حسناً دعنا نضعها في المزهرية إذاً "

نظر لي وقال بضيق " قمري لما لا تتركيني أعمل بتركيز "

ضحكت وقلت " حسناً توبة "

احتضنت حينها يد كتفي وجاء صوت عمتي قائلة بحنان

" حمداً لله أن عشت لأسمع أكثر من ضحكة في نفس الدقيقة مصدرها شفتا قمر "

طأطأت راسي بخجل فمسحت جبيني لترفع غرتي من أن تخبأ عيناي وقالت بحب

" قمر انظري إلي "

رفعت رأسي لها فأزالت يدها لتسقط الغرة على جبيني من فورها وقالت بهدوء

" أسعدك الله يا ابنتي لو علمت به لأحضرته رغماً عنه منذ سنوات "

رفعت شعري خلف أذني و أخفضت عيناي خجلاً فقالت

" قمر تعالي نجلس لدي ما أقوله لك "

نظرت لها بحيرة ثم توجهنا لأقرب أريكة وجلسنا عليها فقالت ناظرة لعيناي

" هناك ما يجب عليك معرفته فحين رأيت منك الموافقة من فورك وعلمت من يكون

بالنسبة لك قررت أن لا أخبرك ولكن عليك أن تعلمي في كل الأحوال "

لذت بالصمت فتابعت قائلة " زين جاء اليوم وحده لخطبتك وقال لعمك أنه لن يكون

إلا وحيداً في المرات القادمة ولم يُفصح عن السبب وعلم منه عمك أن له والد وأخ

أكبر منه وأخوات وزوجة والد ولم يأتي أحد معه ولن يأتوا أبداً "

لذت بالصمت مطولاً بشرود , كيف ذلك ألم يرجع إليهم !! ولكنها ....

وصلني صوت عمتي قائلة " قمر أين ذهبتِ "

نظرت لها وقلت " وهل سأتزوجه هوا أم عائلته "

تنهدت وقالت " كنت أعلم أن هذا لن يغير في رأيك شيئاً ولكن كان عليا إخبارك

والقرار لك ومادمتِ موافقة فسيتصل به طوم الأسبوع القادم ليخبره "

ثم وقفت مغادرة من فورها وعيناي تراقبانها وسمعتُ صوتاً متضايقا من خلفي يقول

" قمر هلا تحدثنا قليلا "

وقفت والتفتت لها وقلت بحيرة

" تريشا  لما لستِ سعيدة من أجلي أنا أستغرب ذلك "

Lunar mansionحيث تعيش القصص. اكتشف الآن