Part (3)

321 14 0
                                    

لاحظ جميع الحاضرون تصرفها الغريب .. عدايّ أنا .. فأنا الوحيدة التي على بينة أنهما قد تقابلا مسبقًا .
تدارك عمي هذه اللحظة الغريبة وقال :
- ماذا هُناك ياعزيزتي ؟ .
أجابته زوجته (كارا) متسائِلة :
- لاشيء ، لم أنتبه له عند دخولي، وقد تفاجأت برؤية وجه غريب في هذه الجلسة العائلية .
قهقه عمي (جُون) وأجابها :
- إنه ضيف السيدة ميتشيل ويُدعى بـنوح ، وصديق صغيرتي سينا ، سيد نوح ؛ هذه زوجتي كارا .
أستأنف مساعدته لي في تناول الطعام وقال :
- سُررت بمقابلتك سيدة كارا ، وأعذريني فلم أقصد أن أفاجئك هكذا .
بادلته زوجةُ عمي كارا إبتسامة صفراء واضحة .. ولربما واضحة لي فقط ، بدأت العائلة تتحدث كعادتها وتملئ قاعة الطعام بأصوات البهجة والسعادة ، حتى إقتطعتها (آستريد) زوجة عمي وقالت كلامًا يسم البدن للمقصود فيه :
- ألم تعودا تريدان إنجاب الأطفال ياجون؟
ساد الصمت المكان حتى قالت جدتي :
- ماهذا السؤال الوقح؟
قالت بتملق :
- واللهِ ماقصدتُ شرًا ، ولكن أرى في عين شقيق زوجي حُب الأطفال ، وأنا والله لأريده أن يلاعب أطفاله ويمرح برفقتهم.
لم تخرج كلمة من فاه الزوجين المحطمين اللذان كانا يلاعبان ابن آستريد ، حتى قال جدي بحزم :
- أظنك يازوجة ابني العزيز قد تناولتِ كفايتك ، هلمي لإبنك الآخر فلربما إستيقظ .
أشاحت آستريد نظرها لزوجها الذي آخذ دور الأحمق الذي لايرى ولايسمع ، كي ترحل مستأذنة مع طفلها المسكين مسرعةً متمتًا بالشتائم .
كان الصمت حليف كارا في هذه الجلسة بينما نوح ينظر بنظرة ثاقبة لها .
بعد حين ، جلسنا سويًا فوق العشب الأخضر ، لابال له والخواطر تراوده حتى باتت تظهر في عينيه ، ناديت بإسمه فتنبه أخيرًا لوجودي ، فأجابني حينها
- ماذا هناك ياسينا ؟
- مالذي تفكر به ؟
- هل حظي عمك جون بطفل سابقًا أم..
قاطعته متمتمة بالإجابة المنتظرة :
- بلى ، لقد كانت له طفلة جميلة جدًا ، لقد أتت من السماء ولكنها عادت بعد عدة أشهر .
- أي أن الله قد توفاها أليس كذلك ؟
تساءل نوح وأومأت برأسي مجيبة بأجل ، على مايبدو فنوح له نظرةٌ ثاقبة فقد لاحظ الرعشة التي مرت بجسدي فور سؤاله عن هذه الطفلة فقال وهو يتناول يدي :
- حسنٌ ومابِك تبدين خائفةً ، هل أنت بخير ؟ .
- أخاف أن أرحل للسماء كما هِي ، لا أريد أن تبكي أمي وتصيح بإسمي كما تفعل كُلما باغتها الإشتياق لوالدي بينما هو في الأرض بالفعل
- أوه سينا .
-  لكن عدني .. عدني أنك لن ترحل للسماء أنت كذلك .
كان نوح متأثرًا بحديثي حتى قهقه بعد أن طلبت منه ذلك الوعد السخيف ، غريبٌ أن تتمنى طفلة منك الكثير رغم معرفتها البسيطة بك لكنه همس بعد حين :
- أعدك .
في مكانٍ آخر ، بجانب أحد أبواب المنزل ، كانت كارا ووالدتي يحدقون بنا ، قالت أمي بعد أن خنقتها العبرة:
- لم أجد سينا تتحدث مع أحدٍ هكذا ، وهو .. إنه رائعٌ برفقتها .
أظن والدتي حساسة مفتقرة للبهجة في حياتها ، تحتاج لشيءٍ يجعلها تستعيد نفسها وتشعر بالحياة مجددًا ، بينما كارا مشبكة ذراعيها أمام صدرها صامتةً تنظر بشك.
اقترب غروب الشمس ، وبينما الكل راح يستعد لصلاة المغرب ، كان نوح في طريقه للخروج بعد أن إستأذن الكل وودعهم، شعر بأحدهم خلفه ليلتفت فيجد كارا.
أقتربت منه وهي تتلفت يمينًا وشمالا وقالت متمتمة بخوف :
- مالذي تفعله هنا؟ ألم أطلب منك الرحيل وعدم العودة هنا مجددًا !
أجابها نوح بإبتسامة ماكرة :
- أهدئي ياسيدة كارا
شدت على قميصه من شدة غضبها ليقول مجددًا :
- اهدئي سيدتي ! وأتركي قميصي فلاتنسي .. أنا رجلٌ غريب فلايجوز لك لمسي .
- لايحق لي لمسك فحسب بل يحل لي قتلك كذلك !
أفلت يدها بعد أن سأم هذه الحال ، وقالت مكررة بعد أن تنفست الصعداء :
- نوح عد أدراجك ، لاأريد رؤيتك مجددًا
- بصفتك من ؟
- بصفتي شقيقتك الكبرى .
- بصفقتك شقيقتي التي تخلت عنا منذُ سنوات ؟.

نوح | NOAHحيث تعيش القصص. اكتشف الآن