--
نسيت الهوى إلا هواك فإنه
تغلغل في الأعماق و انسـاب فـي دمـي
--صمتٌ مريبٌ حلّ على مكالمتهم ، لا يُسمع شيء سوى انفاسهم الهادئة وصوت السّيّارات والشّوارع من طرف إيـثان .. كُـلّ منهما ينتظر الآخر بأن ينطقَ شيئاً ، فقالت أخيرًا برجاء :
" أوَصدّقتها ؟ " .
إيثان
" بالطّبع لا " .تنفّست الصعداء وهي تقول :
" ولمَ لا ؟ لـمَ لم تصدّقها " .لقد ظَنّت أنّ ردّه سيكون متوتّراً ، حائراً عقبى ما حدث والأجواء المشحونه بينهما ولكنّه على العكس ، أجابها بثقة تتلحّفها وتحتضنها المحبّة :
" لأَنِّي أثــقُ بكِ " .ابتسمت برضى ، تعلم أنّه لا يراها وأنّ شاشة تفصل بينهما ولكن على الأقل قد يشعر برضاها وطمأنينتها ، فالقُلوب تشعر ببعضها كما يقولون وكما تؤمن هي في أعماقها وخُلدها .
عاد الصمت يزور مكالمتهما البسيطة ، حاولوا مجدّداً كسر الصّمت ولكن لا شيء ليُقال .
هي مصدومة من فيونا وحديثها بهذا الشّكل تُشعر بجرح دامي بات يكتسح قلبّها ، يتّسع .. ويتّسع أكثر حتى ينفجر ، كفقّاعة صابون او بالون !
يا أسفاه ..
لا بُكَاء ولا دموع لتذرف تشعر بأنها لا تستطيع إطلاق العنان للبكاء فقد استنزفت دموعها حتى أمست غير قادرة على ذرفها أنّى ومتى شائت ، تودّ لو أنّ دموعاً طفيفة ، ولو دمعة بإمكانها تفريغ ما بجعبتها .. ولكن ؟ بلا جدوى .وهو ؟ مُـتعجّب من عدم قدرته على تصديق كذبة فيونا ! ما هذه الثّقة العمياء الّتي تخيّم عليه ..!
قال بهدوء :
" بضع دقائق وسأصل ، الى اللّقاء " .هايلي
" الى الّلقاء " .وأغلقا الخط ولكن التّفكير مازال يجتاح ذهن كلّ منهما ، اقتربت آنابيلا من هايلي وهي تنشّف شعرها بعد ان استحمّت ، جلست قُربها وحاولت فتحَ أيّ موضوع .
آنابيلا
" أكُـلّ شيء على ما يُرام ؟ " .فأجابت هايلي بخفوت :
" كُل شيء بخير ، على ما يُرام " .أحسّت آنابيلا بأنّ هايلي تُخْفِي شيئاً ، تكبته وتكتمه في أعماقها وتأبى البوح به ، ففضّلت أن تترك لها الخيار في أن تخبرها به إن شائت أو تظلّ صامتة .
_عدّة طرقات صدرت من الباب ، وقفت هايلي وتوجّهت نحوه لتفتحه ، وكما توقّعت ؛ إيثان الطّارق .
قال مبتسماً :
" أهلاً " .اشتمّت رائحة الدّماء فبدأت طبيعتها ، بدأ النّهم والجوع يزداد مع اقتراب الرّائحة .
بادلته الابتسامة مجيبة وهي تبتعد عن الباب :
" أهلاً بك ، تفضّل " .دَخَل وفتح معطفه الملويّ لتتجلّى أكياس الدِّمَاء وهو ينظر لهايلي بابتسامة .
شعرت بإحراج شديد ، احمّر وجهها بشدّة وهي تُبعِد شعرها الى خلف أُذنها ، لا تعلم لمَ هي مُحرجة ، ولكن ما تعلمه أنّها لا تستحسن أن يرى إيثان هذا الجانب منها ، على الرّغم من أنّه يعرفه ، هي تكره هذا .. تريده ان يرى جُزئها الطبيعيّ لا شُرهها وماهيتها : - مصاصة دماء - فيعتاد على رسم صورة لها بأنياب حادّة ودماء تسيل ، بل هذه الجُزئية يجب ان تتوارى .. نعم لا تفخر ولا تعتزّ ولكن ما باليدِ حيلة !
جائت آنابيلا تتمتم بتذمّر لتقطع الصّمت المعتاد :
" متى سيأتي صديقكِ .." .ثم صمتت متفاجئة من الأكياس أمامها ، فابتسمت قائلة وهي ترفع بصرها نحو إيثان :
" شكرًا " .أومأ لها بمعنى \ على الرّحب والسّعةً \
فاقتربت هايلي من ايثان وهي تهمس بخفوت :
" أيـُمكننا التحدّث ؟ " .إيثان
" بالطّبع ، سأنتظركِ في الأسفل ريثما تنتهين " .أومئت له وخرج تاركاً إيّاها مع آنابيلا المتشوّقة لتروي عطشها وتُـشبع جوعها ، كما هي حالة هايلي .
_____________
_____________
-
عقدت يديها على صدرها بتملل ، التفّت لتجد كين يبتسم ببلاهة لما حوله مُمسكاً بكأسه الَّذي كاد يجاوز الخامس !نظرت اليه بازدراء على غير عادتها وتنهّدت بضجر قائلة وسط الصّرخات والصّخب الموسيقي :
" ما المُمتع في هذا كين ؟ فلنعُد للمنزل ، انتَ ثمل ، ثملٌ جـدًّا " ." ماذا ؟ لا أسمعُكِ " .
صرخ لها بالمقابل وهو يحاول فهم ما تقول .قلّبت عينيها بغيظ ، امسكت بيده وحاولت جعله ينهض ، ولكنّه أبى وأبعد يده عنها بعنف صارخاً :
" ما شأنُـكِ ؟ ابتعدي أيّتها السّاذجة البلخاء " .ابتلعت ريقها وكأنّها صحراء جافّة وهي تكبت قهرها ، سحبها من قميصها لتجلس مرّة أُخرى ، أغمض عينيه ووضع الكأس قُرب السّاقي ليعود ملأه ولكنّ فيونا أمسكت بالكأس تُبعده أكثر وتصرخ :
" لن تشرب المزيد ! وكفاك حماقة " .نظر اليها بعينين تتطاير الشرر منهما وهو يقول ضاغطاً على أسنانه بحقد :
" قلتُ لكِ بألّا تتدخّلي ، لا عليكِ سوى إنجاز عملك ، خرقاء " .تمتمت لنفسها :
" عملي ؟ لقد علمت هذا .. " .أردفت تفكّر في نفسها بحنق وغصّة عالقة في حنجرتها :
" لا تُرِيد منّي سوى ثمار تجنيها وفوائد تأخُذها ثم تلقيني في الحاوية وكأنّني مُجرّد قذارة او أداة مللت استعمالها وانتهت فائدتها " .
ألقت عليه نظرة أخيرة وبالتّحديد الى عينيه الّتي تنظر الى العاهرات المُقزّزات ، اثار اشمئزازها ... وشعرت بدنائته
على غير عادتها المُخلصة الوفيّة له .________________

أنت تقرأ
تناثـُر الأحمـَر
Romanceوأعرفُ أنّي أعيشُ بمنفَى وأنتِ بمَنفى و بينِي وبينَك ريحٌ وغيٌم وبرقٌ ورعد وثَلج ونَار وأعرفُ أنّ الوصُول لعينيكِ وَهم وأعرف أنّ الوصُول إليكِ انتحار ويسعِدني أن أمزق نفسِي لأجلكِ أيتها الغالية ولو خيروني لكررت حبكِ للمرة الثانية يا من غزلتُ قميصكِ...