__
أرَى بيـنَ الغُـيوم هوَاك طُهراً
وأبصِـر فـي محيَـاك الصباح
--رفع وسادتهُ البيضاء الصّافية وأبعدها ، أخذ ما تحتها من قُصاصات وصور صغيرة تحملُ صوره هو وهايلي بأشكال مُضحكة وأُخرى لها ذكريات خاصّة في قلبيهما .
عاد مُستلقياً على السّرير والصّور أمامه يلتقط إحداهم لتأمُّلها بين كل حين وآخر ، ابتسم بخفّة وشوق ممزوج بضعف وهو يتفحّص إحدى الصّور ؛
كان مُقطّباً جبينه يُحاول اخذ الكاميرا منها اما هايلي فكانت مرتدية مريلة الطّبخ ، مُخرجة لسانها وموسّعة عينيها بفكاهة وبعض الطّحين مطبوعٌ على خدّيها وجبينها ، كانت الصّورة قريبة جداً من أوجههما لدرجة ان اشكالهما مثيرة للضحك .اقترب والتقط صورة أُخرى من جانبه :
أمامهما كعكة يومُ ميلاد هايلي الَّذي لم يتذكّره سوى ايثان ، وتحيط بالكعكة بضع هدايا، هي تنظر للأسفل بخجل بينما هو يُقبّل وجنتها ، والشّموع تكاد تنطفئ .كم يحنّ للماضي الَّذي مضى واندثر ، وللأيّام الخوالي .. أيّامٌ نقيَّة نكهتُها وطعمُها الحُـبّ ولونُـها طيفُ السّعادة ، ولكنّه طيفٌ مختلف ، لا يملك سبع الوان فحسب ، بل ألواناً لا تعدّ ولا تحصى .. لون السّعادة ! أيـُمكن أن تعود مرّة أُخرى ؟ ووسط هذه الفوضى العارمة الّتي تكتسح حياتيهما ؟ أم خطّ الزمن على جبينيهما الافتراق والبُعد ؟ ولا مجال للعودة ؟
ووسط تأمّله للصور الّتي تعيد اهتزاز ذكرياته وتدغدغ ذهنهُ ، صدر صوتُ رنّة خفيفة لهاتفه ، نظر مطولاً للشّاشة الّتي تُضيء باسم هايلي ، وكأنّها شعرت بأنّه يُفكّر بها .
تنهّد بحيرة ، هي لن تبارح الاتّصال حتى تطمئن أنّه بخير ، رحلَ فجأة ولم يَعُد او يتّصل .. هي قلقة كعادتها حتماً وبلا شك .
اجاب بعد وهلة بصوت هادئ مبحوح :
" اهلاً " .تنفّست هايلي الصّعداء وهي تقول :
" الشُّكر لِلرَّب ، أين كُنت بحقّ الله ، اتّصلتُ مليار مرّة ؟ " .ابتسم بلُطف و بقيَ صامتاً فاستأنفت :
" ايثان ، لا تُفقدني صوابي تحدّث الآن " .ضحك مُجيباً :
" تبدين كأُمّـي " .صمتت لبرهة وابتسمت بالمقابل ثم قالت :
" اتمنّى لو استطعتُ التّعرف عليها " .ايثان
" هي الآن ترقدُ بسلام ، اشعر باطمئنان وكأنّها تُخبرني انها بخير وارتياح ".اتّسعت ابتسامتها اللّطيفة ، ولكن سُرعان ما تبدّدت وتحولت لغضب وهي تقول :
" هذا لا يعني ان تتجاهل سؤالي ، لم أُسامحكَ بعد على ذهابكَ المُفاجئ " .ايثان
" ثمّـة أمرٍ طرأ وَكُنتُ مضطرًّا لأن أرحل " .فقالت بتذمّر واستياء :
" وهل يستحقّ ان تتركني كالبلهاء أقفُ أمام النَّاس ؟ " .ايثان
" سأُعوّضك في العاجل القريب ، أعدك " .هايلي
" همم ، حسناً تُصبح على خير ، ولا تنسى أن تُخبرني عن داليا تلك " .ضحك قائلاً :
" ديالا ديالا ، و تصبحين على خير كذلك " .-----
نامي بحفْظِ اللهِ أيَّتُها الجميلَةْ
فالشِّعْرُ بَعْدَكِ مُسْتَحِيلٌ
والأُنُوثَةُ مُسْتَحِيلَةْ
-----تمرّ ساعة تلوَ الأُخرى ، عيناهُ لم تغمض وقد جفاهُ النّوم ، بقي يتقلّب يمنة ويسرى في السّرير بلا جدوى ، وهاهي الشّمس تُلقي بأشعّتها على نافذته فيتسلّل بصيص نورِها ، يشعرُ بخمول وكسل ولكن لا يستطيع النّوم .
نهض واستحمّ بعد ان فقد الأمل في ان ينام ، ارتدى ثيابه على عجل وتوجَّه نحو الفندق ، عِند هايلي ليُفاجئها بقدومه .
ضغطَ على الجرس مرّتين فأوقظَ آنابيلا إزعاجُه وصوته ، أما هايلي عكسُها فلم تتأثّر بتاتاً ، يـا لثقل نومِها ..
فتحت آنابيلا الباب وهي تفركُ احدى عيناها بيدها وتمسك المقبض بالأُخرى ، صرخت قائلة :
" من بحق الجحيم يأتي الآ.." .قاطعها ايثان وهو يضع يده على فمها ويسكتها ، فرفعت حاجبها باستنكار .
ابعد يده بهدوء وهو يهمس :
" اريد مفاجأة هايلي بقدومي " .قلّبت عينيها قائلة :
" ولمَ تأتي في السَّاعَة هذه " .ايثان
" لا اعلم ، جفانيَ النّوم فقرّرت المجيء مبكراً " .ابتعدت وهي تقول :
" تفضّل ، لك حرية التّصرف " .اومئ وهو يجلس على الأريكة بتعب اما آنابيلا فاسترسلت رافعه سبّابتها بتحذير :
" وإِيَّاك ان تصدر صوتاً " .أومئ مجدّداً كالطفل ببشاشة .
___________
الى الان اجهل سبب عدم وجود تعليقات وتصويت تقديراً للتعب .. الله يسامحكم 😩 .

أنت تقرأ
تناثـُر الأحمـَر
Lãng mạnوأعرفُ أنّي أعيشُ بمنفَى وأنتِ بمَنفى و بينِي وبينَك ريحٌ وغيٌم وبرقٌ ورعد وثَلج ونَار وأعرفُ أنّ الوصُول لعينيكِ وَهم وأعرف أنّ الوصُول إليكِ انتحار ويسعِدني أن أمزق نفسِي لأجلكِ أيتها الغالية ولو خيروني لكررت حبكِ للمرة الثانية يا من غزلتُ قميصكِ...