40) تغريداتُ النّـهاية

398 38 22
                                    



------
كُن لي حبيباً كما شَاء القدَر
ولا تترُكني وحيداً كاللّيل بلا قمَر
فكيفَ لي بدونك أن أعيشَ بين البشر ؟
فهل للزّرع أن ينبُت دون أن يسقُط عليهِ المَطر؟
------


" طاولتُنا جاهزة " .

تبسّمت وقد أمسكَ يدها بــنُبل ودخلا ، كانا ثنائـيّ رائع يمتلكان رونقاً مميّزاً واستحقّا ان يكونا محطّ الأنـظار .

جلسا على الطّاولة ، امسكا بـ قائمة الطَّعَام الفاخرة . وبعد بُـرهة ، او بالأحرى ؛ مدّة من الزّمن !
ســَأل إيثان  :
" ماذا اخترتِ ؟ " .

" لا اعلم ! كل القائمة تبدو شهيّة " .

ضحك بخفّة بينما قال ؛
" دعيني أختار لكِ صنفاً مميّزاً يليقُ بك ! " .

رفعت حاجبها وابتسمت وهي تقول :
" أرنا ما عندك " .

-

تقدّم النّادل ليأخذ الطّلبات ، حدّثهُ ايثان بلغة يابانيّة مسترسلاً بينما لم تلتقط مسامع هايلي ، او لم يلتقط ويفهم " عقلها " سوى بعض الكلمات الّتي تعلمتها من مشاهدة برامج يابانيّة !
--

تبادلا أطراف الحَديث ، كانا يُثرثِران بأمور مختلفة ، كما انّ ليسَت أفواههم الّتي تتحدّث فحسب ، بل حتّـى قلُوبهم ، أعينهُم .. ومشاعرهم ، كل الحروف منه او منها تــُلامِس الفــُؤاد .

قدّم النّادلُ الطَّعَام بينما أنحنى وهو يتمتم بلغتهُ اليابانيّـة :
" إن اردتم شيئاً فقط انقروا عَلى هذا الجهاز وسآتي على الفــَور " .
وضع الجهاز الصّغير على الطّاولة ثمّ رحل .

" هذا طبقُكِ ! " .
قال باندفاع متحمّساً وهو يقرّبهُ لها ، ثمّ قهقهت على حركتهِ الغريبة .

ما ان فتحت الغطاء أعلى الطَّبق ، حتى وجدت عُلبة صارخة الفخامة ، حالكة السواد وبجانبها بطاقة صغيرة .. معروفٌ ما كتب عليها !

بدأت الدِّمَاء الحمراء تتدفّق الى وجنتها وهي تبتلع ريقها بصعوبة ، رفعت بصرها الى ايثان المبتسم ثمّ أعادت بصرها مجدّداً الى العُلبة الصّغيرة ، والّتي رغم صغرها ، جعلت قلبها يكاد يخترق القفص الصدريّ ويخرج من مكانه !

الجميعُ ينظر لهم ويصفِّق بحماسة مُفرطة ، البعض يصوّر والآخر يهنّئ بصوتٍ مرتفع .

مدّت يدها المرتعشة بارتباك لتفتح العلبة ، فشعّت عينيها بنورِ الخاتم الَّذي لا يمكنها وصفهُ بأحسن وصف ، او على الأقلّ بوصفٍ يليقُ بجمالهِ وروعته !

يتلألأ ، لَهُ نورٌ فريدٌ من نوعهِ وبساطة تكتنزها فخامة صارخة .

لم تنتبه حتّـى لدمعتها الّتي تعلَّقت بمقلتيها ثمّ ذرفت لتستنزف كلّ مشاعر الحُبّ المتأجّجة وهي تقول :
" أ - أقبل ! " .

وبعد هنيهة و لحظات معدودة ، تقدّم احدهم يرتدي زيًّا رسمياً أسودَ اللون ، وضع باقة كبيرة من الورد الاحمر الدمويّ .
رائحة تلك الورود الزكيّة تجعلكَ تثمل من جمالها .
-----
-----

استنشقَت هايلي عبير الأزهار وداعبت أشجار الكرز - الساكورا - المتأنّقة برونق لونها الزاهي والمُبهج وشردت تنظر الى زُرقة السَّمَاء النضِرة وقد تشابكت أصابع يدِها مع أصابع ميلادا الصّغيرة .

تنفّست الصعداء ما ان تذكّرت ما آلت اليه الامور والى ما انتهت به حُطام الذّكريات ، ها قد دُثر الألم بين طيّات الزمن .

عائلة ، بضع أصدقاء أوفياء ..
مع من تُحب وفي البلد الَّذي تحب
ماذا ترجو اكثر ؟
لا شيء حقاً سوى دوام تلك السّعادة ، صحيحٌ أنّه لأمر مستحيل ان تدوم السّعادة في حياة كائنٍ من يكن ، ولكن كذلك الالم .. يستحيل ان يدوم .

هو لا يأتي اساساً كجرعة واحدة ، ولا ينتهي كجرعة واحدة أيضاً ، ليس بتلك السهولة ..

بل هو طريقٌ وعر ، نقف بين الفينة والأُخرى لتلقّي الوقود للسيّارة الّتي نمضي بها والّتي أقصدها بشكلٍ معنوي .
أعني الوقود يعني لنا السّعادة الّتي تُهيّئنا للحزن ..

ومع نهاية الحزن والسعادة معاً .. يأتي الموت ؛ هادم اللّذات .. لينقلنا بعربته الى العالم الآخر .

فلا فناء ولا دوام ، لا لسعادةٍ ولا الحزن ..

ولكن أتعلمون شيئاً ؟
الحب هو من أوقع كلاهما في التّضحيات لأنّك تشعرُ بهِ كروحكَ الّتي تريد حمايتها !

ورغماً عن الكلّ قاتلا وغالبا ليمسكا بأيدي بعضهم البعض وكأنّ لا ثنائيّ في العالم سواهما .. تلك هي الحياة !

على أنّها مصّاصة دماء وهو بشريّ .
كليلٍ ونهار لا يجتمعان !
الا أنهما اجتمــَـعا رغم أُنوف الجميع ..

تشعر بأنّها قد عُوّضت عن ألف شخص فقدته ، ومنهما الخائن .. بهِ ، شخصٌ واحد فقط .
اختارها وسط الزّحام واختارتهُ كذلك !

---
انتهى ..

بدأت في :
August / 14 / 2016 .

تمّت في
October / 21 / 2016 .

تناثـُر الأحمـَر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن