(والدة لمار، ندى)
أصبح الجلوس والغوص في الذكريات عادة لي. أصبحت التساؤلات كثيرة حتى تكاد تعطب خلايا دماغي.
فكرة بعد فكرة لدرجة تأتي لك تلك اللحظة وأنت غير قادر على ذكر ما حدث بكل تفصيل الا وأن الحدث الأساسي يبقى كضباب وأصبع الاتهام موجع على شخص لا تعلم لما فعل شيئاً مخزي في ذاك اليوم ولا تكترث فجميع ما توده هو انهاء تلك الفوضى والمضي الى الامام بخسائر قليلة لك ولا تكترث الى الخسائر التي ستحدث الى شخص ما حتى لو كانت ذاكرته، عقله، حكمته واتزانه قد ضاع.
دائماً أًصبحت أتساءل بعد ما حدث في ذاك اليوم هل كنت كما قالت #اليف شافاق في كتاب قواعد العشق الاربعون عن جلال الدين الرومي؟! هل كنت أتبع قلبي لمعرفة حقيقة أم أنني خنت لمار لأن أسيل هي أبنتي البيولوجية ودائماً كنت أخاف الإجابة فكما قالت اليف، "أن الطريق الى الحقيقة يمر من القلب، لا من الرأس. فاجعل قلبك، لا عقلك، دليلك الرئيسي. واجه، تحد، وتغلب في نهاية المطاف على "النفس" بقلبك. أن معرفتك بنفسك ستقودك الى معرفة الله". لما أصبحت أشعر أن قلبي مضطرب؟ هل يا ترى بسبب شكي نحو لمار ووقوفي بجانب أسيل لكن أخبرت نفسي بأنها أبنتي في كل الأحوال وبسبب فقدانها للذاكرة يجب أن استمر في الوقوف بجانبها؟!
برغم هذا لم أسئل عليها في الوقت الذي مضى أبداً ولا أعلم ما هو السبب لكن ربما بسبب ما حدث أخر مرة في المشفى ولم يبادر أي من عبد الله وأسيل. كنا نجلس نحن الثلاثة ونتناول طعامنا بصمت. شعرت بأننا نعيش كذبة كبيرة، نظرت لهم وهم يأكلون طعامهم كما لو أن لمار لم تكن هنا من قبل أبداً. انسدلت يدي على المائدة حتى أصدرت الشوكة صوت قوي لتلفت انتباههم وتشتت أفكارهم التي كنت متأكدة بأنها بعيدة عن لمار تماماً.
أخذت نفساً عميقا وعدت بظهري على الكرسي. نظراتهم كانت مصوبة نحوي منتظرين تفسير. بادر عبد الله، "شبيج ندى؟"
قلت بنبرة استهزاء، "شبية؟! ولمار الى بالمستشفى؟ شنو صارلها؟"
ردت أسيل بنبرة باردة، "الدكتور ادم كال رجعلها المرض! يعني حتى لو ردنة نشوفها هسة مراح يقبلون الا تتعالج لان يأثر على مرضها."
ناظرت كلاهم، "انتو مصدكتو بس اريد اعرف؟"
غضب عبد الله، "كافي هالحجي! البنية مريضة وندري زيارتها ممنوعة شنو تردين؟"
قمت من مكاني غاضبة، "راح اخابر الدكتور وباجر اروح اشوفها وانتو ابقوا هيج!"
تركتهم وتوجهت الى الغرفة وبيدي الهاتف. جلست قليلاً هناك لكن كانت دقات قلبي تقيم عزاء بين أضلعي فلم أستطع استيعاب أي من الذي كان يجري كما لو أن أشعة الشمس قد قُطعت عني وها أنا هنا أحاول أن أجد ولو ضوء صغير يخرجني من هذه العتمة.
شعرت بأنني متوترة جداً، يداي ترتجف غير قادرة على مسك الهاتف والتحدث معه. دمعاتي ملئت عيناي فكان شيء أكبر من طاقتي غير قادرة على استيعاب بأن المرض قد عاد اليها.