خرجت من المصنع الذي أعمل به في حوالي الساعة العاشرة
لوحت لي يد صغيرة في الأفق
كان صديقي الصغير الذي اعتدت مرافقته
ابتسمت له و لوحت في الظلام
تعرفت عليه حينما كنت بالعاشرة
وقتها خرجت مع أصدقائي للعب
تأخر الوقت قبل رجوعي للمنزل
لم أجد نفسي إلا و الظلام قد حل
لم يكن إلا أضواء الشارع الخفيفة لتنير طريقيتهت في طريق العودة
فالزقاقات و الممرات أصبحت كلها متشابهة
توقفت في منتصف الطريق و نظرت حولي
كان الظلام دامساً
فالزقاق الذي عبرته لا تصل إليه الأضواء بشكل جيد
مع ذلك يمكنني رؤية عدة أشياء
في محاولتي لتذكر أي طريق هو الصحيح
أمسك شيء بقميصي
استدرت لأرى من
كان طفلاً صغيراً
يبدو بمثل عمري
لكن مظهره غريب
مخيف بالأحرى
كانت عيناه مدورتان بشكل واضح
ليست كأعين طبيعية ، و كأنه لا يمتلك جفوناً
للتصحيح ، هو لا يملك
كانت إحدى ساقيه مبتورة
و لديه أصابع ناقصة ، في يديه و قدمه
و جلده ...
أصابني بالغثيان ..
فهناك ديدان تخرج من جهات عدة
لم أدر ما أفعل
أأهرب أم أتقيأ ....لكنه ابتسم بلطف
و قال لي :" أنت تائه أيضاً ؟"
أمأت برأسي ايجاباً
عرض علي الجلوس بجانبه
تحركت قدماي من تلقاء نفسها
جلست على بعد منه
لكنه اقترب مني و ضحك
قال :" لا بأس ، لنمكث هنا ريثما يجدونا "
خرج صوتي أخيراً و قلت :" منذ متى و أنت هنا ؟ "
نظر إلي باستغراب ، ابتسامته بهتت
أدار وجهه و نظر للأعلى
و قال :" لا أدري ، وجدت نفسي هنا ، كنت أنتظر أن يجدني أحد، لكن لم يفعل للآن "
وضع يده أمامه و بدأ بالعد
و قال :" سبع سنوات ، يقول جيف هذا "
ضحكت و قلت :" أتعلم عدد السنوات من الثقوب في يدك ؟"
عاودت ابتسامته الظهور و قال :" أجل ، و أعرفها من عدد أصدقائي ، جيف و دان و سام و ... "
استمتعت لحديثه ، و لم أجد نفسي إلا و أنا منغمس في الحديث
و كنا نتبادل أطراف الحديث
أعتقد أن هذه كانت أول مرة أتحدث فيها مع شخص بالأفكار التي أحب ...
طال وقت انتظاري ..
أحسست بالنعاس الشديد بعد كل ذلك الكلام
ألقيت رأسي على كتفه و نمت بعمق
استيقظت في الصباح التالي على صوت شرطي
سألني عن اسمي و عن عائلتي
بعد ساعة جاءت أمي
كاد يغشى عليها لرؤيتي بحال سليمة
خضتني عدة مرات
وبختني مع بكاء شديد
قلت لها :" لا عليك كنت مع صديقي "
و أشرت لمكان جلوسه
لوح لها مرحباً
لكن نظرتها جعلت جسمي يقشعر
لن أنسى تلك النظرة ما حييت
أمسكت بيدي و سحبتني بعيداً عن المكان
و من وقتها و هي مسؤولة عن ايصالي للأماكن التي أريد
ذهاباً و اياباً تبقى معي
لم أزر تلك الطريق بعدها
لكن صديقي يجدني دائماً
كان و ما زال أفضل صديق
كانت صداقتنا حقيقية
إلى اليوم الذي اكتشفت فيه أنه مجرد جثة
قتل قبل لقائنا بسبع سنين
قتل بطريقة وحشية بسبب والديه
مع أنه كان يخبرني عن قصصه معهما
و كيف أحبهما
لكن ... شاءت الأقدار أن يخوناه
إن لم يحبه والداه فسأحبه أنا
فهو صديقي قبل كل شيء ....
