ميت ...

780 47 7
                                    

أمسكت بالأوراق و رتبتها ، كانت الحصة التالية لي ...
مدرس للمرحلة الثانوية ، هذا ما أعتبر نفسي الآن ..
أمسكت بقلم و أخذت الأوراق معي ، ابتسمت للمدرسين معلناً ذهابي ...
درس لغة إنجليزية للسنة الثانية ...
دخلت ، لتستقبلني الطائرات الورقية ، لولا النظارة لواجهت مشكلة ...
ضحكت معهم للمقلب ، أحب رؤية الأطفال يضحكون ..
لكن هناك ، في الصف الأخير من المقاعد ، مقعد بعيد عن البقية ، مركون في الزاوية ، يجلس به طفل وحيد ، لم أرَ ابتسامته منذ دخلت الثانوية ...
و أمامي بالضبط ، وقفت إحدى الطالبات الجيدات ، ابتسمت و أخرجت بعض الحلوى و قالت :" هذه لك سينسي تفضل "
تقبلت الهدية بكل سرور ، شكلي جعلني مشهوراً بين الطلاب ، و الإناث بالأخص ...
رغم أن عمري ....
بعد مرور الوقت ، ذهبت لذاك الطالب الوحيد ، كان يرسم رسومات غريبة ، مجرد خربشات بالأحرى ...
وضعت يدي على درجه لأمعن النظر في رسمه ، و أبدأ معه الحديث ...
ثوانٍ و غرس قلمه في كف يدي ، أخرجه و عاود الضربة ...
صفعته لفعلته ، كانت عيناه تشتعلان شراً ، كأنه يريد التهامي بالحال ...
اجتمع الطلاب حولي خائفين .
" سينسي كيف حدث هذا ؟ "
أمسكت بيدي التي تنزف ، و قبضت على عنقي ، مقدار الخوف الذي اعتمرني جعلي أفقد قدرتي على الحديث ...
ذهبت للممرضة و أوقفت النزيف ، بعد تضميد الجرح خرجت بنية الرجوع للمنزل ..
تفاجأت بطالبتي الجيدة تقف أمامي و تنتظرني ، لم أرد تخييب أملها ، فرجعت معها ، نسلك نفس الطريق للمنزل لذلك سهل الأمر ...
ظلّت طوال الطريق ساكتة ، لكن قبل النهاية تحدثت أخيراً و سألت :" سينسي كم عمرك ؟ "..
أجبت :" 29 لماذا ؟"..
لم تجب، بل همهمت و مشت مبتعدة ...
وصلت للشقة ، ما زالت الطالبة معي ، لا أعلم ما تريد ، لكن لا بأس باستغلال الأمر ...
ابتسمت بخبث ملحوظ ، و قلت لها :" تفضلي بالدخول "
" كلا لا تفعلي "
جاء الصوت من الداخل ..
كان نفسه الطالب العنيف ..
ممسك بسكين و يقترب مني ببطء ..
دفعتني الفتاة ، لأسقط أمامه مباشرة ..
أمسك بي من ياقة قميصي و وجه وجهي نحوه ...
عيناه ميتتان بالفعل ، ما الذي ينوي فعله ؟
جلس فوقي و ثبتني على الأرض ، و وضع سكينه على رقبتي
و قال بكل برود :" سينسي ! أتذكر ما فعلت قبل خمسة عشر عاماً ؟"
" هاه ؟ ما الذي تتحدث به ؟ " قلت بخوف ، و نظرت للفتاة و قلت لها :" و أنتِ لمَ تقفين هناك ؟ تعالي و ساعدي السينسي الخاص بك ! ألا ترين أنه مهدد بالموت ؟"
قالت :" عليك أن تموت جزاءً لفعلتك الشنيعة " ...
قرب الفتى السكين أكثر و قال :" ألم تتذكر بعد ؟ "
جرح رقبتي بفعلته ، فسقطت قطرة دم ..
" هيه " ضحكت ، و نظرت إليه بكل انحطاط ، و أردفت :" أجل أتذكر ما فعلت ! لكن من يهتم ؟! وجهي الصغير يشفع لي ، و لن يصدق أحد فتاة ترى الأشباح صحيح ؟ "
غضب الفتى و أدخل سكينه أكثر ، لتعلو ضحكتي أكثر و قلت :" اعترف ! لقد استمتعت قبل موتك صحيح ؟ لم يتسن لي اللعب طويلاً معك لأنك أصبحت مملاً "
غضب أكثر و بدأ بالبكاء و صرخ في وجهي :" اخرس يا حقير! لا أعلم لمَ جعلوا مجرماً مثلك يعيش للآن ! و الأهم من هذا أصبح مدرساً ! عليك أن تموت ! لن يوقفني شيء لأني ميت بالفعل ! لذلك هذه نهايتك ، استمتع بها كما تريد "...
سقطت دمعته على خدي ،و ابتسمت له ابتسامتي الأخيرة ..
و غرس سكينه كلها في عنقي ....

مجموعة قصص قصيرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن