آثم ...

462 36 2
                                    


لا أذكر أبداً أني قمت بمعاملة شخص معاملة جيدة في حياتي كلها ، فقد كنت أسب و أشتم و أزعج من حولي ، و أحياناً أتمادى للأذى الجسدي ، لهذا أن أُدفَنَ حياً من قبل من ظننتهم أصدقائي قبلاً أمر عادي ؟ لأني آثم في نهاية الأمر

لكن الأمر ليس بهذا السوء ، فعدما استيقظت وجدت نفسي في جوف واسع ، و حولي الكثير من الجثث المتعفنة ، و بعضهم ما زال يتحرك ، اقترب مني واحد زحفاً و رجاني الماء ، بالطبع دفعته بعيداً و كسرت ما تبقى من عظام يديه ...

فأنا لا أستطيع احتمال فكرة أن تلمسني جثة شبه متحللة ، لا يظهر سوى عظامها و بعض قطع اللحم فوقها ، و قطع اللحم هذه تخرج منها رائعة عفنة و بعض الديدان البيضاء ...

كان الجوف مظلماً لكن كان بامكاني رؤية الجثث الملقاة في كل مكان ، و كيف تتصنع الألم ، يا حمقى قد مُتم !

آخر شخص يستطيع الحديث عن الألم هو أنا ، فضلوعي تكسرت لقطع صغيرة جداً ، منها انغرس في رئتيَّ ، لن أنسى عظام أطرافي المخلوعة ، و كنت مع كل نفس أخرج من فمي بقعة من الدماء ..

حاولت الوقوف بقدر الإمكان ، لم يخني جسدي بعد ، بدأت السير بقدر المستطاع لكي أخرج من هذا المكان ..

صعدت و هبطت و تزحلقت ، كل ما يمكنك تخيله للرحلة في جبال صخرية ، إلى أن وجدت النور ..

كان فتحة في الأرض بين صخرتين ، خرجت من هناك ، لأجد نفسي على ضفة النهر ، آخر مكان كنت فيه ، و المكان الذي تعرضت فيه للخيانة ..

سرت باتجاه سيارتي التي أُغرق نصفها الأمامي بالماء ، و عند الاقتراب أكثر وجدت أن عجالها الأربعة قد أخذت ، أو سرقت ...

كانت تمطر ، فاض النهر من غزارة الأمطار التي لم تتوقف منذ خروجي ، و وصلت بشق الأنفس إلى سيارتي ، أسندت نفسي لطرفها ، على الأقل لألتقط أنفاسي ..

و على الطرف المقابل لي ، كان المكان الذي دفنني فيه " أصدقائي " ، تجمدت للحظة بعدما دفعت مياه النهر الفائضة التراب من فوقه ...

كان جسدي في حالة يرثى لها ! يبدو أني أخطأت في جملة دفنت حياً ، لكن كان يجب عليهم على الأقل أن يبقوا أصابعي في مكانها !

مجموعة قصص قصيرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن