يحكى أن رجلاً كان يتمشى في أدغال إفريقيا حيث الطبيعة الخلابة وحيث تنبت الأشجار الطويلة، بحكم موقعها في خط الاستواء وكان يتمتع بمنظر الأشجار وهي تحجب أشعة الشمس من شدة كثافتها، ويستمتع بتغريد العصافير ويستنشق عبير الزهور التي تنتج منها الروائح الزكية.
وبينما هو مستمتع بتلك المناظر سمع صوت عدو سريع والصوت في ازدياد ووضوح والتفت الرجل إلى الخلف وإذا به يرى أسد ضخم الجثة منطلق بسرعة خيالية نحوه ومن شدة الجوع الذي ألم بالأسد ضمر خصره بشكل واضح. أخذ الرجل يجري بسرعة والأسد وراءه وعندما أخذ الأسد يقترب منه رأى الرجل بئراً قديمة فقفز الرجل قفزه قوية فإذا هو في البئر وأمسك بحبل البئر الذي يسحب به الماء وأخذ الرجل يتمرجح داخل البئر وعندما بدأ يلتقط أنفاسه ويهدأ روعه، إذ بزئير الأسد يسكن، ولكنه بدأ يسمع صوت فحيح ثعبان ضخم الرأس عريض الطول بجوف البئر وفيما هو يفكر بطريقة يتخلص منها من الأسد والثعبان إذا بفأرين أسود والآخر أبيض يصعدان إلى أعلى الحبل وبدءا يقرضان الحبل وانهلع الرجل خوفاً وأخذ يهز الحبل بيديه بغية أن يذهب الفأران وأخذ يزيد عملية الهز حتى أصبح يتمرجح يميناً وشمالاً بداخل البئر وأخذ يصدم بجوانب البئر وفيما هو يصطدم أحس بشيء رطب ولزج ضرب بمرفقه وإذا بذلك الشيء عسل النحل، فأخذ لعقه وكرر ذلك ومن شدة حلاوة العسل نسي الموقف الذي هو فيه وفجأة استيقظ الرجل من النوم فقد كان حلماً مزعجاً. وعلى الفور ذهب إلى معبري الرؤى وأخبره بالحلم فضحك الشيخ وقال: ألم تعرف تفسيره؟ قال الرجل: لا .
قال له الأسد الذي يجرى ورائك هو ملك الموت. والبئر الذي به الثعبان هو قبرك. والحبل الذي تتعلق به هو عمرك. والفأرين الأبيض والأسود هما الليل والنهار يقصون من عمرك. قال: والعسل يا شيخ؟ قال هي الدنيا من حلاوتها أنستك أن وراءك موت وحساب.