قبل سنوات استيقظ الشعب صباح أحد الأيام وإذا بتجار البيض قد اتفقوا على رفع السعر، حيث عقدوا اتفاقهم دون أن يفكروا لحظة واحدة أن هناك من لا يستطيع أن يجد قوت يومه وأن هناك من يكد النهار والليل ليسد رمق أطفال جياع، ولكن لم يكن يهم التجار إلا أن يملئوا جيوبهم بأموال الناس بأي وسيلة بغض النظر عن مشروعيتها. فماذا حصل بعد ذلك؟
وبحكم ثقافة الشعب وتجانسهم وخبرتهم في التعامل مع مثل ذلك الموقف ودون تنسيق مباشر بينهم بدأ الواحد من المواطنين ينظر إلى البيض وعندما يجد سعره مرتفعاً يتركه في مكانه
ويقول: لا بأس، ليس هناك داع للبيض حالياً، لا يضر أبنائي أن تركوا البيض لفترة بسيطة، فالأكل ولله الحمد متوفر ، كان هذا هو حال جميع المواطنين. فماذا حصل بعد ذلك؟
بعد أيام وكالعادة تأتي سيارة التوزيع الخاصة بشركة الدواجن لتقوم بتنزيل الكميات الجديدة من البيض ولكنهم فوجئوا بأن أصحاب المحلات يرفضون إنزال أي كميات جديدة نظراً لأن البيض الذي لديهم ما زال كما هو لم ينقص لأن الناس عزفوا عن الشراء، فقام التجار بإعادة الكميات إلى مستودعاتهم وقالوا لنصبر أياماً قليلة لعل وعسى أن يعود المواطنون لشراء البيض، انتظر التجار أياماً وانتظر الشعب أياماً وانتظروا وانتظروا ، ولكن من هو الخاسر في فترة الانتظار هذه ؟
هل هم المواطنون الذين لم يأكلوا البيض؟ أم التجار الذين رفعوا السعر؟ ولا تنسوا أن الدجاج خلال فترة الانتظار ما زال يبيض ويبيض فالدجاج والمخازن والمستودعات والبقالات، وواصل الدجاج في المزارع إنتاجه من البيض ولم يتوقف، وأصحاب محلات التموين لم يطلبوا أي طبق بيض فالبيض بسعره السابق قبل الارتفاع، ولكن الشعب رفض أن يشتري البيض مرة أخرى، ليتأدب التجار ولا يعودوا لمثلها،
فعاد التجار وخفضوا من سعر البيض مرة أخرى ولكن الشعب لم يشتري البيض. فكاد عقول التجار أن تزول، فالخسائر تتراكم والموت قادم، أخيراً وبعد كل هذا اتفق التجار الخاسرون وهم بأن يبيعوا البيض بربع سعره قبل الارتفاع مع تقديم اعتذار رسمي للشعب في الصحف بعدم تكرار ما حدث وأصبح الشعب فائزاً في معركته مع التجار وفي نفس الوقت كسب خصماً كبيراً من قيمة البيض وصل إلى 75% من سعره الأصلي ، والأهم من ذلك أن أياً من التجار الآخرين تجرأ على الشعب وزاد الأسعار، وبالمناسبة فهذه الحكاية ليست من نسج الخيال بل يقال إنها وقعت في الأرجنتين.