شابة في مقتبل العمر , تتجول بين أروقة الكتب باحثة بين الصفحات و الأسطر عما يروقها, عن كتاب يؤنسها , يمسح دمعة عن وجنتيها و يخبرها انها ليست الضحية الأولى, و يهمس في اذنها :"قفي , لا تستسلمي , انت قوية , لقد خلقتي لتسعدي" ....
ولكنها صدمت حين لم تجد ذلك الكتاب , كلهم يصفون المرأة بالضعيفة , ناقصة العقل , جميعهم يرون أنها لا تكتمل الا بفارس احلام يمتطي حصانا ابيضا , يقبل نحوها لينجيها من الجحيم الذي تعيشه لوحدها , و لا يعلمون ان الجحيم الفعلي هو ذلك الذي ينتظرها بعد وقوعها في كمين "المعتقدات" , تلك المعتقدات التي رسمتها شعوب جاهلية قديمة , فصدقتها مجتمعات القرن العشرين بسذاجة ...هي فتاة في الرابعة عشر من عمرها ,بلغت الخمسين من عمر عقلها من بعد ما لقت من تقلبات الحياة ,تعيش مع اسرتها حياة بسيطة متواضعة . كانت تعيش حياة مختلفة عن اقرانها , لها عالمها الخاص , كان اكبر همها الدراسة و النجاح و هدفها الاسمى هو التميز بين رفيقاتها , كانت لديها احلام كثيرة لا طفلا في الكون يحلم مثلها ... فكما اخبرتكم في بداية روايتي كانت في الخمسين من عمرها العقلي ... كل معارفها يشهدون لها بالفطنة و بحسن المسيرة , و كل من عرفها رأى مستقبلا زاهرا ينتظرها :) فقد كانت كالفراشة تنتقل من زهرة الى اخرى باحثة عن ثغرة مشعة تؤدي بها الى تحقيق حلمها , ان تصير طبيبة , و ان تخط بحروف من ذهب رواية تحكي عن حياتها و عن مشوارها الطويل الذي سلكته حتى بلغت مبتغاها
ولكن تلك الفتاة , وفي سن الرابعة عشرة .. كانت تخطو اولى خطواتها الى ما وراء ستائر الحياة , بدأت تقترب شيئا فشيئا من الكمائن التي نصبت لها و هي في غفلة من امرها :)
في ليلة من ليالي اواخر شهر يناير ظهرت اولى علامات الساعة , علامات فناء البراءة و بداية حياة جديدة , جاءها المسيح الدجال يدعي انه إلاها , و للاسف صدقت ادعاءاته و اكاذيبه بكل غباء و سلكت دربه ... كأنها ليست "نادية" اللبيبة التي الفها الناس , لقد وقعت تلك الفراشة في شباك الحب , اصطادها ذلك القناص و سجنها , و صار يتلاعب بها كخرقة بالية تتلاعب بها الامواج , هل سمعتم بملاك وقع في حب شيطان !!! ام سمعتم عن مسجون ينتظر اعدامه يحب سفاحا يعد له المقصلة ؟!! هذا ما حدث مع "نادية" , لقد اعماها الحب عن رؤية سلاسل التكبيل التي قيدها بها "امير" , لقد كانت تصدق احاسيسها و تكذب عينها التي تراه يحلق كالغراب المشؤوم مع باقي الفراشات , بينما هي مسجونة بين جدارين احدهما كتب عليه حرف الحاء و الاخر حرف الباء .. مرت سنتين حتى فهمت المعنى الخفي الذي حملته تلك الحروف ,و الذي طالما حسبته يرمز الى الحب , لقد وعت ان الحاء حقد التهبت ناره داخل صدرها ولم يعد بوسعها التحمل , اما الباء فهو البلاء الذي سلط عليها فبدلا من ان تدعو ربها برفعه راحت تصارع من اجله و تعيره اهتماما اكثر من مستحقه .... و لكن متى استوعبت ! هه بعد ان نسيت مبادئها و تخلت عن احلامها و اتبعت هوى نفسها و انحرفت عن مسلكها ,بعد مرور سنتين هباءا من عمرها قررت التخلص من قيود السجن و الانطلاق في بناء صرح حياة جديدة , ولكن , متى ستبني كل ما تهدم ! و متى ستمحو الغبار الذي تراكم على الاحلام التي هجرتها !!!
حاولت ابعاد كل الافكار و التساؤلات التي كانت تراودها , و قررت ان تقف مجددا و ان تمزق الصفحات السوداء من الماضي و ترميها في اليم او تجعلها غداءا لشظايا النيران و تبدأ كل شيئ من جديد, و قررت تنهض و ان تنكر ما يدعيه البشر تحت شعار :<< "حواء" لا تستطيع العيش دون "آدم">> , مسحت دموعها , ضبطت مكياجها , وقفت على قدميها و قالت بكل ثقة : انا التي ستخط ذلك الكتاب الذي سيخرق قانون البشرية , و ستثبت من هي "حواء" الحقيقيةهاهي الان تفصلها عن شهادة البكالوريا سنة واحدة, امامها عمل كبير لتعوض ما فات و تكمل ما عليها اكماله , و من حسن حظها فقد وضع الله في طريقها من يساعدها على نسيان الماضي و العمل على تحقيق ذلك الحلم الذي كبر و اياها ,صديقة و نعمة ربانية لا تكرر "سيلين"....و من هنا تبدأ حياة جديدة.
أنت تقرأ
بين أمس و غد
Romance"بين امس و غد" رواية من وحي الخيال , تحكي عن صراع فتاة لقت من تقلبات الحياة المريرة ما يبكي الحجر , و لكنها لم تيأس و لم تستسلم .. بل ظلت تستقبل الأيام ببسمة أمل و تفاؤل رغم كل الصعاب