المشهد الثاني

135 14 0
                                    

                        
انقضت السنة الدراسية , وحلت عطلة الصيف التي طال إنتظار ناديا لها. انها العطلة الاخيرة قبل البكالوريا لذلك لا بد ان تفعل كل ما يحلو لها . قبل انقضاء الاشهر المعدودات :)
لقد قرر والد ناديا ان  يسافرو  الى باريس لقضاء اسبوعين هناك و تغيير الاجواء , فناديا و جوهان مرتا بسنة دراسية متعبة , و تحصلتا على نتائج جيدة , و يجب مكافأتهما ... موعد الرحلة بعد 3 أيام :) ناديا تعجز عن النوم , فكلما هرعت الى السرير , مر امام عينيها شريط احلام مستقبلية , و بدأت بتخيل الحياة هناك. ستتعرف و لاول مرة على اشخاص مختلفين عنها , لغتهم ليست كلغتها , دينهم ليس كدينها و حياتهم تختلف عن حياتها... و غير ذلك الكثير مما يشغل تفكيرها ..
بزغ فجر اليوم المنتظر , ناديا لم تنم كالعادة فقد امضت ليلتها تعد الدقائق. حملت مذكرتها و راحت تكتب ما يروق لها عسى ذلك يساعدها على الصبر , استمرت بالكتابة لساعات و ساعات إلى ان غطت في نوم عميق قطعه صوت المنبه. من شدة الفرح هرعت مسرعة كطفلة بريئة   توقظ من في الدار , فكادت ان توقظ الجار ....
بعد رحلة طويلة بالطائرة,سافرت خلالها ناديا بخيالها بعيدا بين الغيوم , ابتعدت كثيرا عن هذا العالم , ابتعدت عن ماض ذكراه مؤلمة , و حلقت بين المعصرات نحو الغد الذي انتظرته بحرقة .... لتعود بغتة من حيث أتت,  و تدرك ان ما ترنو اليه لم يئن اوانه بعد....

  وصلوا اخيرا الى مدينة الاضواء , شعرت ناديا بغصة في قلبها عجزت عن تفسيرها , امتزج شعور الفرح و الخوف في آن واحد , لوهلة شعرت انها في المكان الخطأ, ما ان وطأت قدمها  ارض المطار اختلطت الاصوات و اللغات عليها ... فهذا بتحدث الفرنسية,  وذاك بالانجليزية , و آخر بلغة الطير .....
-محمد: هيا يا ناديا , احضري حقيبتك و تعالي بسرعة. عسانا نجد سيارة توصنا الى الفندق
-ناديا: حسنا يا ابي... انا اتية

*وصلت العائلة الى الفندق. حجز محمد ثلاث شقق لشخصين . ناديا تقتسم الغرفة مع نارمين. و جوهان رفقة سيرين. اما الغرفة الثالثة للوالدين محمد و سميحة ...
-ناديا:ساخلد الى النوم , ايقظوني بعد ساعة
سميحة: لم نأت الى هنا لننام ايتها الكسولة , اصبري الى ان يفرش الليل ستائره و نامي
ناديا: لا باس يا ماما , انا متعبة جدا.  لم انم البارحة طوال الليل !!
سيرين : على الاقل ضعي اغراضك في مكانها
ناديا: اعلم انك ستفعلين ذلك بدلا مني يا اختي العزيزة الطيبة
سيرين: في احلامك ...

استيقضت ناديا على رنين الهاتف , محمد يتصل.
-ماذا هناك يا ابي ؟! لماذا تتصل في هذا الوقت المتأخر!!
-الوقت المتأخر؟؟؟ انظري الى الساعة , انها الخامسة الا ربع مساءا -_-
-يا الهي , اخبرتكم ان توقظوني بعد ساعة
-انهضي و جهزي نفسك بسرعة. نحن بانتظارك للخروج
-حسنا امهلني قليلا من الوقت ... سآتي !

* امضت العائة يوما كالحلم ...كيف لا يكون كذلك و  العائلة والأهل اجمل مايملكه الإنسان... الأم نبع الحنان بوجودها تزهر الأيام, و بدفئها تشرق شمس الأمان ... و الأب,  تلك العطية الربانية , يفني عمره سعيا لاسعاد بنيه , كتلك الشمعة التي تحرق نفسها لتضيء درب التائه في الظلمات, أما الأخت, أغلى مافي الكون , جمعت بين عطف الأم,  و قوة الأب,  و حب الصديقة ..
*بعد ان  زارت العائلة  احد افخم مطاعم باريس و تناول المثلجات و العصير , اقترحت جوهان فكرة رائعة: ما رايكم ان نزور برج ايفل , سمعت عنه الكثير و طالما حلمت بزيارته
محمد : فكرة رائعة , ما رايكم
الاخوات الثلاثة: نعم. بالتأكيد
سميحة : دعونا نأجلها الى يوم آخر,  لقد تاخر الوقت الآن
-ناديا:  لا يا امي ارجوكي !! لا ترفضي :) انه الوقت الانسب لزيارته , الحياة هنا تختلف عن حياتنا , فالفرنسيين يعملون طوال اليوم , و في المساء يتفرغون للتنزه و الترفيه عن انفسهم
-سيرين: نعم , ناديا معها حق , حتى السياح يقصدون البرج ليلا فالاجواء هناك رائعة في المساء
سميحة :حسنا افعلوا ما تشاءون
محمد: هيا بنا ....
و بعد موافقة الجميع , ركبوا السيارة متجهين نحو برج ايفل , جوهان لم تصمت ولا لحظة من شدة الفرح . أما ناديا فقد وضعت السماعات في اذنها و استمتعت بالمشاهد الرائعة طوال الطريق , مستمعة إلى موسيقى "ضوء القمر" لبيتهوفن. فاخدت تخال نفسها على متن سفينة تموج بها في بحر هادئ. حلقت بعيدا الى عالم لا مكان للحزن فيه . مكان تعيش فيه كما يحسبها  الناس "ناديا السعيدة" التي لا مشاكل تحزنها ,  و لا احزان تحرمها من النوم, ناديا القوية التي لا تهزم , ناديا التي تخلد إلى النوم ما ان تسند راسها إلى وسادتها  ....

بين أمس و غدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن