**بعد رحلة طويلة , و صلت ناديا إلى بيت خالتها , أمامها باب كبير فتح على مصراعيه, خلفه حديقة ساحرة بخضرة اشجارها .. فاتنة بازهارها مختلفة الألوان. .. تأسر من يستنشق هواءها, و تولع عشقا ذلك الذي يرى صورته تعكسها مياه مسبحها الرقراقة
أما ناديا فبوسعها رؤية مالا يراه سواها خلف تلك البوابة ... بوسعها رؤية أطفال يخفون أنفسهم خلف أشجار الحديقة الشامخة في لعبة الغميضة ... يمكنها سماع اصوات النساء اللائي اجتمعن حول طاولة تتوسط الحديقة يتبادلون الكلمات ,و أصوات ضحكتهن ترتفع كأنما لا هموم في قلوبهن . . يمكنها ان ترى شبابا يتداولون اللعب بالارجوحة كالأطفال و يتشاجرون حين ياخد احدهم دور غيره .... و ترى في الشطر الآخر من الحديقة رجالا يلعبون الدومينو , امامهم مائدة صغيرة عليها إبريق قهوة عتيق و حلويات اختلفت اشكالها و اذواقها ...
باختصار , يمكنها رؤية ذكريات الزمن الجميل ... ذكريات الطفولةركنت ناديا سيارتها , و راحت تقترب نحو باب المنزل , دقت الجرس لتفتح الباب طفلة كالوردة , بلغت الرابعة عشرة من عمرها .."فتون".... دون ان يتلفظ احدهما بكلمة .. ارتمت فتون بحضن ناديا التي ضمتها بدفئ ساعديها ... ذلك العناق الطويل كان كافيا ليفسر الشوق الذي عجزت الألفاظ عن تصويره ...
-ناديا:اين خالتي , و عمي أحمد! ! و سهى و رامز , لا تتصورين كم اشتقت لهم
-فتون :نحن ايضا اشتقنا لك بشدة , لقد أطلت الغياب
-اعلم يا حبيبتي , تعلمين الجامعة لا ترحم ... لم تتسن لي الفرصة لزيارتكم
-أعلم, تعالي لنذهب الجميع بانتظارك بالصالون -حسنا
*دخلت دانيا الى قاعة الإستقبال, لم يتغير شيء ابدا ... و كأنما مر أسبوع على تلك الايام ...القاعة الواسعة تتوسط سقفها ترية جميلة اختلفت الوان مصابيحها.. و تزين ارضها سجادة سوداء مزينة بزخارف بيضاء , تتوسطها مائدة زجاجية , و تحيط بها ارائك بيضاء ناعم ملمسها , و خزانة شامخة فيها من الأواني العتيقة و الزجاجية عدة, و هناك في آخر القاعة شرفة واسعة ,تزينها نباتات ممزلية صغيرة , تطل على حديقة المنزل ...
-سلمى: إبنة أختي الغالية , كم اشتقت اليك يا حبيبتي ... أهلا وسهلا بك بيننا
-شكرا خالتي , والله لولا شوقي لكم و حرقة قلبي على رؤيتكم لما قادتني الأيام اليكم ...
عمي أحمد كيف الحال ؟؟
-احمد: بخير الحمد لله أهلا بك
-سهى: كبرتي و أصبحت لا تعيرين اهتماما لابنة خالتك هاه !!!
-ختامك مسك يا صديقتي , كيف أنساك و قد تعلمت معك فنون سرقة التفاح من اشجار الحديقة هههه
*تعالت ضحكات الجميع , كلهم مسرورون برؤية ناديا التي أتت حاملة معها عبقا و عطرا لذكريات جميلة , لتطرد شبح الملل الذي سكن بينهم*
-أنا لا أرى رامز , أين هو ؟؟
-سلمى :لقد سافر منذ يومين إلى تركيا , من اجل العمل, سيعود بعد أسبوعين
-خسارة , لن اتمكن من رؤيته. ..
-سلمى:سهى , خدي ابنة خالتك لتضع اغراضها و تغير ملابسها كي ترتاح
-سهى: تعالي , لقد خصصت لك مكانا في غرفتي .. أتمنى ان يعجبك ...
-ناديا:شكرا , لقد اتعبتكم معي
-سلمى: لا .. أنت في منزلك ....
أنت تقرأ
بين أمس و غد
Romance"بين امس و غد" رواية من وحي الخيال , تحكي عن صراع فتاة لقت من تقلبات الحياة المريرة ما يبكي الحجر , و لكنها لم تيأس و لم تستسلم .. بل ظلت تستقبل الأيام ببسمة أمل و تفاؤل رغم كل الصعاب